كتاب الأدب باب استحباب بيان الكلام
وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم يفهم إلا بذلك
شرح
العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
أحاديث رياض الصالحين
باب
استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم يفهم إلا بذلك الحديث رقم 701 - 702
702
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان كلام رسول الله ﷺ كلاما فصلا يفهمه كل من يسمعه) رواه
أبو داود.
الشَّرْحُ
قال
المؤلف النووي رحمه الله تعالى: (باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره
ليفهم إذا لم يفهم إلا بذلك) والمعنى أنه ينبغي للإنسان إذا تكلم وخاطب الناس أن
يكلمهم بكلام بين لا يستعجل في إلقاء الكلمات، ولا يدغم شيئا في شيء ويكون حقه
الإظهار بل يكون كلامه فصلا بينا واضحا حتى يفهم المخاطب دون مشقة وبدون كلفة فبعض
الناس تجده في الكلام ويأكل الكلام حتى إن الإنسان يحتاج إلى أن يقول له: ماذا
تقول؟ فهذا خلاف السنة فالسنة أن يكون الكلام بينا واضحا يفهمه المخاطب وليس من
الواجب أن يكون خطابك باللغة الفصحى.
فعليك
أن تخاطب الناس بلسانهم وليكن بينا واضحا كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن
النبي ﷺ (كان إذا تكلم بالكلمة أعادها ثلاثا
حتى تفهم عنه) فقوله: حتى تفهم عنه يدل على أنها إذا فهمت دون تكرار فإنه لا
يكررها وهذا هو الواقع فإن الرسول عليه الصلاة والسلام نسمع عنه أحاديث كثيرة
يقولها في خطبة وفي المجتمعات ولا يكرر ذلك لكن إذا لم يفهم الإنسان بأن كان لا
يعرف المعنى جيدا فكرر عليه حتى يفهم أو كان سمعه ثقيلا لا يسمع أو كان هناك ضجة
حوله لا يسمع فهنا يستحب أن تكرر حتى يفهم عنك وكان ﷺ
(إذا سلم على قوم سلم عليهم ثلاثا) معناه أنه كان لا يكرر أكثر من ثلاث يسلم مرة
فإذا لم يجب سلم الثانية فإذا لم يجب سلم الثالثة فإذا لم يجب تركه وكذلك في
الاستئذان كان ﷺ (يستأذن ثلاثا) يعني إذا جاء
للإنسان يستأذن في الدخول على بيته يدق عليه الباب ثلاث مرات فإذا لم يجب انصرف
فهذه سنته عليه الصلاة والسلام أن يكرر الأمور ثلاثا ثم ينتهي.
وهل
مثل ذلك إذا دق جرس الهاتف ثلاث مرات؟ يحتمل أن يكون من هذا الباب، وأنك إذا اتصلت
بإنسان ودق الجرس ثلاث مرات وأنت تسمعه وهو لم يجبك، فأنت في حل إذا وضعت سماعة
الهاتف ويحتمل أن يقال: إن الهاتف له حكم آخر وأنك تبقى حتى تيأس من أهل البيت
لأنهم ربما لا يكونون حول الهاتف عند اتصالك فربما يكونون في طرف المكان ويحتاجون
إلى خطوات كثيرة حتى يصلوا إلى الهاتف فلذلك قلنا باحتمال الأمرين ثم ذكر المؤلف
رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ
(كان كلامه فصلا) يعني مفصلا لا يدخل الحروف بعضها على بعض ولا الكلمات بعضها على
بعض حتى لو شاء العاد أن يحصيه لأحصاه من شدة تأنيه ﷺ
في الكلام وهكذا ينبغي للإنسان أن لا يكون كلامه متداخلا بحيث يخفي على السامع لأن
المقصود من الكلام هو إفهام المخاطب وكلما كان أقرب إلى الإفهام كان أولى وأحسن ثم
إنه ينبغي للإنسان إذا استعمل هذه الطريقة يعني إذا جعل كلامه فصلا بينا واضحا
وكرره ثلاث مرات لمن لم يفهم ينبغي أن يستشعر في هذا أنه متبع لرسول الله ﷺ حتى يحصل له بذلك الأجر وإفهام أخيه المسلم وهكذا
جميع السنن اجعل على بالك أنك متبع فيها لرسول ﷺ
حتى يتحقق لك الاتباع.
تحقيق
رياض الصالحين للألباني
702
- (صحيح)
عن
عائشة رضي الله عنها قالت: «كان كلام رسول الله ﷺ كلاما فصلا يفهمه كل من
يسمعه». رواه أبو داود.
والحديث
مخرج في (الصحيحة) رقم (2097) [300].
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال