شرح حديث/ عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك
باب
وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية وتحريم طاعتهم في المعصية
لفضيلة
الدكتور خالد بن عثمان السبت
شرح حديث/ عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك
أحاديث رياض الصالحين: باب وجوب طاعة
ولاة الأمر في غير معصية وتحريم طاعتهم في المعصية.
٦٧١ - وعَن أنَسٍ -رضي اللَّهُ عنه- قال: قال
رسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اسْمَعُوا وأطِيعُوا، وإنِ اسْتُعْمِل علَيْكُمْ عبْدٌ
حبشيٌّ، كَأَنَّ رَأْسهُ زَبِيبَةٌ» [١] رواه البخاري.
٦٧٢ - وعن أَبي هريرة -رضي اللَّهُ عنه-
قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عليكَ السَّمْعُ وَالطَّاعةُ في عُسْرِكَ ويُسْرِكَ،
وَمنْشَطِكَ ومَكْرَهِكَ، وأَثَرَةٍ عَلَيْك» [٢] رواهُ مسلم.
الشرح:
الحمد لله، والصلاة
والسلام على رسول الله، أما بعد:
ففي باب "وجوب
طاعة ولاة الأمر في غير معصية، وتحريم طاعتهم في المعصية" أورد المصنف -رحمه
الله-:
في حديث أنس -رضي اللَّهُ عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبدٌ حبشي كأن
رأسه زبيبة».
يعني: «اسمعوا وأطيعوا» ولو كان ذلك في
أسوأ الحالات ممن تأنفون عن طاعته ولو استعمل عليكم عبد حبشي، العبد لا يجوز أن
يتولى ولاية عامة، يعني: الخلافة مثلاً؛ لأنه يشترط فيها شروط منها الحرية، أن
يكون حرًّا، ويمكن أن يحمل هذا على أنه «وإن استعمل عليكم»، يعني: في إمارة جزئية،
في ولاية جزئية كأن يكون أميراً على سرية، أو على بلدة قرية، مدينة، أو نحو هذا،
أو يكون ذلك على سبيل الغلبة بمعنى أنْ تغلب هذا العبد الحبشي كما حصل في دولة
المماليك حينما تغلبوا على الملك في البلاد المصرية، وكانوا أرقاء لم يتحرروا،
فوقف في هذا كما هو معلوم العز بن عبد السلام -رحمه الله- وهو من فقهاء
الشافعية، وبين أن هؤلاء لا تصح لهم ولاية وإمارة، فقبلوا أن يباعوا في السوق وهم
ملوك، ثم بعد ذلك يحرروا، ثم بعد ذلك تنعقد لهم الولاية، وهذا ما حصل؛ ولهذا لُقب
ببائع الملوك، وفي بعض السنوات في القرن العاشر الهجري بعث الخليفة العثماني إلى
البلاد المصرية أميراً عليها وكان رقيقاً مملوكاً فوقف شيخ الأزهر، وكان شيخ
الأزهر في ذلك الوقت إماماً في العلم، وفي البيان، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر والقيام بأمر الله تبارك وتعالى، فوقف في هذا وأعلن أن ولاية هذا لا تصح مع
أنها ولاية جزئية، وكتب إلى الخليفة العثماني ينكر عليه ذلك، وأن ولاية هذا باطلة،
فكتب الخليفة العثماني بعتقه، أعتقه وأبقاه على ولايته، وشكر شيخ الأزهر على غيرته
الدينية، هذا مثبت في التاريخ.
فيحتمل أن يكون هذا على سبيل الغلبة «وإن
استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة» معنى كأن رأسه زبيبة هذا أقبح في الصفة
بمعنى أن شعره صغير ملتف أسود، أو يميل إلى السواد مع حمرة كالزبيب، الشعرة
الواحدة أو مجموع الشعرات تجتمع وتلتف فتكون كأنها زبيبة، فهذه صفة غير مستحسنة
فهو له شعر بهذه الصفة.
هذا ليس من الأوصاف المحمودة ومع ذلك
يقول: «اسمعوا وأطيعوا».
وهكذا في حديث أبي هريرة -رضي
اللَّهُ عنه- قال:
قال رسول الله ﷺ: «عليك السمع والطاعة في عسرك
ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك».
«عليك السمع والطاعة»، وهذه الصيغة عليك كذا:
للوجوب، تدل على الوجوب، «عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك»، عسرك ويسرك:
يعني في فقرك وغناك، «ومنشطك ومكرهك وأثرةٍ عليك»، ومنشطك يعني: فيما تحب وتنشط
له، وتقبل عليه النفس، ومكرهك يعني: حينما تتباطأ
النفس وتستثقل ذلك، وأثرةٍ
عليك يعني:
وإن حصل أثرة بأن استأثر على الدنيا والمال، ولم يوصل إليك حقك؛ لأن كل أحد -كما
هو معلوم- من المسلمين له حق في بيت مالهم، فيقول: وإن حصلت هذه الأثرة فإنه
لا يحل لك أن تنزع يدًا من طاعة، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله
وصحبه.
[١] صحيح البخاري:
(٧١٤٢).
[٢]
صحيح مسلم: (١٨٣٦).
الْحمْد
لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا
مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا
ومنْكم صَالِح الأعْمال
ليست هناك تعليقات: