Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح الحديث القدسي/ يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما

الأربعين النووية

شرح العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

شرح – الحديث – القدسي – يا – عبادي – إني – حرمت – الظلم – على – نفسي – وجعلته – بينكم - محرما

شرح الحديث القدسي/ يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما


الحديث الرابع والعشرون: من فضل الله على الناس.

عَنْ أَبي ذرٍّ الغِفَارْي -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- عَن النبي  فيمَا يَرْويه عَنْ رَبِّهِ -عزَّ وجل- أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِيْ إِنِّيْ حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِيْ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمَاً فَلا تَظَالَمُوْا، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُوْنِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فاَسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فاسْتَكْسُوْنِيْ أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ تُخْطِئُوْنَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِيْعَاً فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوْا ضَرِّيْ فَتَضُرُّوْنِيْ وَلَنْ تَبْلُغُوْا نَفْعِيْ فَتَنْفَعُوْنِيْ، يَا عِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فَيْ مُلْكِيْ شَيْئَاً. يَا عِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِيْ شَيْئَاً، يَا عِبَادِيْ لَوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوْا فِيْ صَعِيْدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُوْنِيْ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِيْ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إَذَا أُدْخِلَ البَحْرَ، يَا عِبَادِيْ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيْهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُوْمَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ» رواه مسلم.

 

الشيخ:

بِسْمِ اللَّهِ اَلرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ، وَصَلَّى اَللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمِنْ اِهْتَدَى بِهُدَاهُ.

أَمَّا بُعْدٌ:

اَلْحَدِيثُ اَلرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: حَدِيثُ أَبِي ذَرْ اَلْغِفَارِي جُنْدُبْ بْنْ جُنَادَة -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ- وَهُوَ حَدِيثٌ عَظِيمٌ جَلِيلْ ، يَقُولَ اَلنَّبِيُّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فِيمَا يَرْوِيهُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَنَّهُ قَالَ:

 

«يَا عِبَادِيْ إِنِّيْ حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِيْ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمَاً» اَللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، يَقُولَ: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦]، وَيَقُولَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: ٤٠]، فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ اَلظُّلْمِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالظُّلْمُ وَضْعُ اَلْأَشْيَاءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، كَحِرْمَانِ اَلْإِنْسَانِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، أَوْ تَحْمِيلِهِ مِنْ سَيِّئَاتِ غَيْرُهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، هَذَا مَعْنَى اَلظُّلْمِ. فَلَا تَظَالَمُوا؛ أَيٌّ: اِحْذَرُوا اَلظُّلْمَ فِي اَلْأَنْفُسِ، وَالْأَمْوَالُ، وَالْأَعْرَاضُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَأَذَّى بِهِ اَلْمُؤْمِنُونَ.

 

«يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ»، فَكُلُّ إِنْسَانٍ فِي حَاجَةِ وَضَرُورَةِ إِلَى هِدَايَةِ اَللَّهِ، وَمِنْ لَمْ يَهُدْهُ اَللَّهُ فَهُوَ ضَالٌّ.

«فاسْتهْدوني أُهدِكم»؛ يَعْنِي: اُطْلُبُوا مِنِّي اَلْهِدَايَةُ وَاضَّرَّعُوا إِلَيَّ.

 

«يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فاَسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ»، كُلُّ اَلنَّاسِ فُقَرَاءُ إِلَيْهِ جُلٌّ وَعَلَا، يَقُولَ سُبْحَانَهُ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَ ٰلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [فاطر: ١٥-١٧]، فَجَمِيعُ مَا فِي أَيْدِي اَلنَّاسِ هُوَ مِنْ اَللَّهِ جَلَّ وَعَلَا، لَيْسَ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: ٥٣]، اَلنِّعَم اَلَّتِي بِأَيْدِي اَلْكُفَّارِ، وَبِأَيْدِي اَلْمُسْلِمِينَ كُلَّهَا مِنْ اَللَّهِ، يُعْطِيهَا مَنْ يَشَاءُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، يُعْطِي هَذَا، وَيَحْرِمَ هَذَا، وَيَزِيدَ هَذَا، وَيَنْقُصَ هَذَا، يُغَنِّي هَذَا، وَيُفْقِرَ هَذَا عَنْ حِكْمَةٍ بَالِغَةٍ، فَلَهُ اَلْحِكْمَةُ اَلْبَالِغَةُ، وَالْحُجَّةُ اَلدَّامِغَةُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

 

«يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فاسْتَكْسُوْنِيْ أَكْسُكُمْ» أَيْ: اُطْلُبُوا مِنَى سَتْرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَإِدْرَارَ رِزْقِي عَلَيْكُمْ فِي اَلْمَلْبَسِ وَغَيْرَةٍ، فَالْعَبْدُ فَقِيرٌ إِلَى اَللَّهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ فِي طَعَامِهِ، وَفِي شَرَابِهِ، وَفِي لِبَاسِهِ، وَفِي جَمِيعِ شُؤُونِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَضْرَعَ إِلَى اَللَّهِ فِي طَلَبِ اَلرِّزْقِ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: ٢-٣]، وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق: ٤].

 

«يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ تُخْطِئُوْنَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِيْعَاً فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْ لَكُمْ» اَلْعِبَاد مَحَلَّ اَلْخَطَايَا، كُلٌّ بُنِّيٌّ آدَم خَطَّاءٍ، وَيَنْبَغِي اَلضَّرَاعَةَ إِلَى اَللَّهِ يَطْلُبُ اَلْمَغْفِرَةَ وَالْإِكْثَارَ مِنْهَا، وَهُوَ سُبْحَانَهُ جَوَاد كَرِيمٍ يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ أَنَّ يَسْتَغْفِرُوهُ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: ١٩٩]، وقال تعالى: {أَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} [هود: ٣]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا} [التحريم: ٨]، فَالْمُؤْمِنُ مَأْمُورٌ بِالتَّوْبَةِ وَهَكَذَا كُلُّ إِنْسَانٍ -كَافِرٌ وَمُسْلِمٌ- مَأْمُورٌ بِالتَّوْبَةِ مِنْ تَقْصِيرِهِ وَذُنُوبِهِ.

 

«يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوْا ضَرِّيْ فَتَضُرُّوْنِيْ وَلَنْ تَبْلُغُوْا نَفْعِيْ فَتَنْفَعُوْنِيْ» اَلْعِبَاد عَاجِزُونَ لَا يُقَدِّرُونَ عَلَى نَفْعِ اَللَّهِ وَلَا ضُرُّهُ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهُمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لَيْسَ فِي حَاجَةٍ إِلَيْهِمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ قُدْرَةٌ عَلَى أَنَّ يُضَرُّوهُ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَضُرُّهُ شَيْءٌ جَلَّ وَعَلَا، بَلْ هُوَ اَلنَّافِعُ اَلضَّارُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَلَيْسَ فِي يَدِ اَلْعِبَادِ قُدْرَةً عَلَى أَنْ يَنْفَعُوهُ أَوْ يُضَرُّوهُ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهُمْ، وَهُوَ اَلْقَادِرُ عَلَيْهِمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

 

«يَا عِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فَيْ مُلْكِيْ شَيْئَاً» لَوْ أَنَّ اَلنَّاسَ كُلَّهُمْ كَانُوا أَتْقِيَاء، وَكَانُوا عَلَى غَايَةٍ مِنْ اَلدِّيَانَةِ، مَا زَادَ فِي مُلْكِهِ شَيْئًا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَمَلِكَةُ كَامِلٍ لَا يَضُرُّهُ شَيْءٌ، وَلَا يَنْقُصُهُ شَيْءٌ.

 

«يَا عِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِيْ شَيْئَاً» طَاعَة اَلْعِبَادِ لَا تَزِيدُ فِي مَلِكِ اَللَّهِ شَيْئًا، وَمَعَاصِيهُمْ لَا تَضُرُّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، بَلْ طَاعَتُهُمْ تَنْفَعُهُمْ هُمْ، وَمَعَاصِيهُمْ تَضُرُّهُمْ، كَمَا قَالَ جُلٌّ وَعَلَا: {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧]، وَقَال سُبْحانه: {مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: ٤٦]، فَأَنْتَ يَا عَبْدُ اَللَّه حَسَنَاتِكَ وَأَعْمَالَكَ اَلطَّيِّبَةَ تَنْفَعُكَ فِي اَلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَسَيِّئَاتِكَ وَأَعْمَالُكَ اَلشِّرِّيرَةُ تَضُرُّكَ أَنْتَ، وَاَللَّهُ لَا يَضُرُّهُ مِنْكَ شَيْءِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

 

«يَا عِبَادِيْ لَوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوْا فِيْ صَعِيْدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُوْنِيْ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِيْ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إَذَا أُدْخِلَ البَحْرَ» هَذِهِ اَلْإِبْرَةِ اَلْمَعْرُوفَةِ إِذَا أَدْخَلَتْ اَلْبَحْرَ فَهَلْ تَنْقُصُهُ شَيْئًا؟ لَا تَنْقُصُهُ شَيْئًا، فَهَؤُلَاءِ اَلْأُمَمُ أَوَّلهَا وَآخِرُهَا وَجنَّهَا وَأُنْسِهَا وَمَلَائِكَتِهَا وَغَيْرِهِ، لَوْ أَنَّهُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ بِلُغَاتٍ كَثِيرَةٍ، يَسْأَلُونَ اَللَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- حَاجَاتُهُمْ فَأَعْطَاهُمْ إِيَّاهَا؛ مَا نَقْصُ ذَلِكَ مِنْ مَلِكَةٍ شَيْئًا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ، يَقُولَ لِلشَّيْءِ: كُنْ فَيَكُونُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [يس: ٨٢].

 

«يَا عِبَادِيْ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيْهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُوْمَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ» هَذِهِ نَتِيجَةُ اَلْأَعْمَالِ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ؛ يَعْنِي: اَلْحَاصِلَ أَنَّ مَا تَفْعَلُونَ مِنْ أَعْمَالٍ تُنْسَبُ إِلَيْكُمْ خَيْرًا وَشَرًّا، يُحْصِيهَا لَكُمْ، فَلِيُحْمَد اَللَّه، فَهُوَ اَلْمُوَفِّقُ اَلْهَادِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، هُوَ اَلَّذِي وَفَّقَهُ وَهُدَاهُ وَأَعَانَهُ، وَمِنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَا يَلُومنَ إِلَّا نَفْسُهُ؛ لِتَقْصِيرِهِ وَطَاعَةِ هَوَاهُ وَشَيْطَانَةٍ، قَالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم: ٣١].

 

هَذِهِ حَالُ اَلنَّاسِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ، اَلْمُسِيءَ يُجَازَى بِمَا يَسْتَحِقُّ وَالْمُحْسِنُ يُجَازَى بِمَا يَسْتَحِقُّ، قَالَ تَعَالَى: {يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} [القيامة: ١٣]، وَقَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التغابن: ٩]، فَيَنْبَغِي لِلْمُؤَمَّنِ أَنْ يَعُدْ لِهَذَا اَلْيَوْمِ اَلْعُدَّةَ اَلصَّالِحَةَ بِطَاعَةِ اَللَّهِ وَالِاسْتِقَامَةِ عَلَى أَمْرِهِ، وَجِهَادَ اَلنَّفْسِ بِطَاعَةِ اَللَّهِ وَالْكَفِّ عَنْ مَحَارِمِ اَللَّهِ، وَالْحِرْصُ عَلَى نَفْعِ عِبَادِ اَللَّهِ بِالدَّعْوَةِ إِلَى اَللَّهِ وَالتَّوْجِيهِ إِلَى اَلْخَيْرِ، بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنْ اَلْمُنْكَرِ، بِعِيَادَةِ اَلْمَرِيضِ وَبِمُوَاسَاة اَلْمُحْتَاج وَنَصْرِ اَلْمَظْلُومِ وَرَدْعِ اَلظَّالِمِ أَوْ نُصْحِهِ حَسَبَ مَا يَتَيَسَّرُ لِلْعَبْدِ مِنْ أَعْمَالِ اَلْخَيْرِ. رِزْقُ اَللَّهِ اَلْجَمِيعَ اَلتَّوْفِيقَ وَالْهِدَايَةَ.


الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

شرح الحديث القدسي/ يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما Reviewed by احمد خليل on 9:58:00 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.