شرح حديث/ لا يتمن أحدكم الموت
باب
كراهية تمني الموت بسبب ضُرّ نزل به ولا بأس به لخوف الفتنة في الدين
شرح
العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح حديث/ لا يتمن أحدكم الموت
أحاديث
رياض الصالحين: باب كراهية تمني الموت بسبب ضُرّ نزل به
٥٩٠ - عنْ أَبي هُريرة - رضي الله عنهُ - أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «لا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ، إِمَّا مُحسِنًا
فَلَعَلَّهُ يَزْدادُ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ» متفقٌ
عَلَيْهِ، وهذا لفظ البخاري.
وفي
روايةٍ لمسلم: عن أَبي هُريْرةَ - رضي الله عنهُ - عَنْ رسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لا
يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ، وَلا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ،
إِنَّهُ إِذا ماتَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لا يَزيدُ المُؤْمِنَ عُمرُهُ
إِلَّا خَيرًا».
الشرح
قال
المؤلف - رحمه الله تعالى -: باب كراهية تمني الموت لضُر نزل به. يعني: من مرض أو
نحوه، وأما إذا كان لخوف فتنة في الدين فلا بأس به، هكذا قال المؤلف: - رحمه الله
– يعني: إذا كان يخشى على نفسه فتنة في الدين؛ فلا بأس أن يتمنى الموت، وسيأتي
الكلام عليه إن شاء الله في الأحاديث.
أما
الأول فما قاله المؤلف صحيح: أن الإنسان إذا نزل به الضُرّ فلا يتمنى الموت؛ فإن
هذا خطأ وسفه في العقل، وضلال في الدين.
أما
كونه سفهًا في العقل؛ فلأن الإنسان إذا بقي في حياته، فإما محسنًا فيزداد، وإما
مسيئًا فيستعتب إلى الله. - عزَّ وجلَّ - وكونه يموت فإنه لا يدري، فلعله يموت على
أسوًا خاتمه - والعياذ بالله - لهذا نقول: لا تفعل فإن هذا سفه في العقل.
أما
كونه ضلالًا في الدين فلأنه ارتكاب لما نهى عنه النبي ﷺ،
ولهذا قال - عليه الصلاة والسلام -: «لا يتمنَّ
أحدكمُ الموتَ» والنهي هنا للتحريم؛ لأن تمني الموت فيه شيء من عدم الرضا
بقضاء الله، والمؤمن يجب عليه الصبر، إذا إصابته الضراء يصبر، فإذا صبر على الضراء
نال شيئين مهمين:
الأول:
تكفير الخطايا، فإن الإنسان لا يصيبه همٌّ ولا غمُّ ولا أذى ولا شيء إلا كفر عنه
حتى الشوكة يشاكها؛ الشوكة إذا يشاكها الإنسان؛ فإنه يكفر بها عنه.
الثاني:
إذا وفّق لاحتساب الأجر من الله وصبر يبتغي بذلك وجه الله؛ فإنه يُثاب، وقد قال
الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ
أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: ١٠].
أما
كونه يتمنى الموت فهذا يدل على أنه غير صابر على ما قضى الله - عزّ وجلَّ - ولا
راضٍ به، وبين الرسول - عليه الصلاة والسلام - أنه إما أن يكون من المحسنين،
فيزداد في بقاء حياته يزداد عملًا صالحًا.
ومن
المعلوم أن التسبيحة الواحدة في صحيفة الإنسان خيرٌ من الدنيا وما فيها؛ لأن
الدنيا وما فيها تذهب وتزول، والتسبيح والعمل الصالح يبقى، قال الله - عزّ وجلَّ -:
﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا
وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ [الكهف: ٤٦].
فأنت
إذا بقيت ولو على أذى ولو على ضرر؛ فإنك ربما تزداد حسنات.
وإما
مسيئًا قد عمل عملًا سيئًا، فلعله يستعتب أي: يطلب من الله العتبى أي: الرضا
والعذر، فيموت وقد تاب من سيئاته، فلا تتمنَّ الموت؛ لأن الأمر كله مقضي، وربما
يكون في بقائك خيرٌ لك أو خيرٌ لك ولغيرك، فلا تتمن الموت؛ بل اصبر واحتسب، ودوام
الحال من المحال، والله الموفق..
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل
الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث/ لا يتمن أحدكم الموت
Reviewed by احمد خليل
on
8:13:00 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: