Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح الحديث النبوي الشريف / إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي من رياض الصالحين

باب فضل الزهد في الدنيا والحثّ عَلَى التَّقلل منها وفضل الفقر

شرح العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

شرح - الحديث - النبوي - الشريف - إن - لكل - أمة - فتنة - وفتنة - أمتي - من - رياض - الصالحين

شرح الحديث النبوي الشريف / إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي


أحاديث رياض الصالحين: باب فضل الزهد في الدنيا والحثّ عَلَى التَّقلل منها وفضل الفقر

 

٤٨٥ - وعن كَعْبِ بنِ عِيَاضٍ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سمعتُ رسولَ اللَّه يقُولُ: «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فتنةً، فِتنَةُ أُمَّتي المَالُ» رواه الترمذي، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

٤٨٦ - وعن أَبي عمرو، ويقالُ: أَبو عبد اللَّه، ويقالُ: أَبو لَيْلى عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النبيَّ قَالَ: «لَيْسَ لابْن آدَمَ حَقٌّ في سِوى هَذِهِ الخِصَال: بَيْتٌ يَسْكُنُهُ، وَثَوْبٌ يُوَارِي عَوْرَتَهُ، وَجِلْفُ الخُبز وَالمَاءِ» رواه الترمذي، وقال: حديث صحيح.

قَالَ الترمذي: سمعتُ أَبَا داوُدَ سلَيمَانَ بنَ سَالمٍ البَلْخِيَّ يقولُ: سَمِعْتُ النَّضْر بْنَ شُمَيْلٍ يقولُ: الجلفُ: الخُبزُ لَيْس مَعَهُ إِدَامٌ. وقَالَ: غيرُهُ: هُوَ غَلِيظُ الخُبْزِ. وقَالَ الرَّاوِي: المُرَادُ بِهِ هُنَا وِعَاءُ الخُبزِ، كالجَوَالِقِ وَالخُرْجِ، واللَّه أعلم.

٤٨٧ - وعنْ عبد اللَّه بنِ الشخيرِ -بكسر الشين والخاءِ المشددةِ المعجمتين- رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ وهُوَ يَقْرَأُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر:١] قَالَ: «يَقُولُ ابنُ آدَم: مَالي، مَالي، وَهَل لَكَ يَا ابْنَ آدمَ مِنْ مالِكَ إِلاَّ مَا أَكَلت فَأَفْنيْتَ، أَو لبِستَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضيْتَ؟» رواه مسلم.

 

الشيخ:

هذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها فيما يتعلق بالوصية بالإقبال على الآخرة والعناية بها، والاستعداد لها، والحذر من التشاغل بالدنيا وزهرتها العاجلة، وأن الواجب على المؤمن أن يهتم بالآخرة، وأن يعنى بأسباب النجاة، وأن يحذر من أسباب الهلاك، والا تشغله الدنيا وشهواتها عن إعداده للآخرة، والأحاديث في هذا كثيرة، والقرآن دل على هذا أيضا.

 

يقول في الحديث الأول: فتنة أمتي المال هذا يدل عليه قوله تعالى: {أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [الأنفال: ٢٨]، وقال جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: ٩] فالمال والأولاد فتنة، يعني: اختبار وامتحان، فمن استعان بالمال على طاعة الله، وبالأولاد على طاعة الله، وعلمهم ما يرضي الله، وجاهدهم في سبيل الله فله الخير العظيم والجزاء الأوفى بسبب إحسانه، ومن فتن بالمال حتى صده عن الحق صار سبب هلاكه نسأل الله العافية. المال اختبار وامتحان، فإما أن يعمل بطاعة الله فيكون سعيدا، وأما إن يشغله عن الآخرة فيهلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

وهكذا الحديث الثاني: ليس للعبد في هذه الدنيا إلا بيت يؤويه، أو لباس يستر عورته، أو جلف الخبز والماء، يعني: ليس له من هذه الدنيا إلا حاجاته الضرورية: لباسه، وطعامه، وشرابه، وسكنه، فينبغي للإنسان الا يشغل بالتوسع والزيادات التي تشغله عن الآخرة.

تقدم قوله : «من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، له قوت يومه وليلته فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها» هذه الدنيا متاع، قال تعالى: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} [التوبة: ٣٨]، وفي الآية: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ} [الرعد: ٢٦] فهي متاع عاجل، فينبغي للمؤمن أن يعاملها كالمتاع، مثل متاع المسافر يستعين بها على طاعة الله، يستعين على ما يوصله إلى بلده، وبلدنا الجنة، بلدنا ودارنا الأولى هي الجنة، دار أبينا، فالواجب السعي لهذه الدار، الواجب السعي حتى تصل إلى دارك القديمة، وأن تبتعد عن كل ما يشغلك عن السعي لها، والفوز بها، هكذا ينبغي للمؤمن، والله يقول جل وعلا: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: ١٣٣-١٣٦]، ويقول جل وعلا: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: ٢١]، هكذا ينبغي لأهل الإيمان من الجن والإنس المسابقة لهذه الدار، المسابقة لهذا الخير، للمغفرة والجنة لمرضات الرب، لمقابلته سبحانه بأنواع الطاعات وأنواع الخير.

 

وفي الحديث الآخر يقول : «ما تعدون المفلس فيكم؟» يسال الصحابة: «ما تعدون المفلس فيكم؟» قالوا: من لا درهم له ولا متاع، قال: «لكن المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصوم وصدقة، وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأخذ مال هذا، وسفك دم هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته ولم يقض ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرح عليه، ثم طرح في النار» أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فالواجب على المؤمن أن يعتني بالدار الآخرة، وأن يهتم بها، وأن يعد لها العدة، هكذا ينبغي للمؤمن.

 

وفي الحديث الثالث: أن النبي قال: في هذه الدار أنه ينبغي للمؤمن أن يعد العدة لآخرته، وأن يجتهد في طاعة ربه جل وعلا، وليس له من ماله إلا ما تصدق فأمضى، أو أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، هذا الحال يلبس ما يستر به عورته، وما يقيم بدنه من الطعام والشراب، وما يقدمه للآخرة من الصدقات، هكذا ينبغي للمؤمن أن يلاحظ في ماله أنه لا حظ له فيه، ولا شيء له فيه إلا حاجته، ستر عورته وإقامة بنيته بالأكل والشرب الذي يناسبه، والصدقة في سبيل الله والإنفاق في سبيل الله كما قال تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} [الحديد: ٧] ما هي الفائدة من الجمع الزائد والاشتغال به عن الآخرة، أما إذا اتجر وطلب الرزق على وجه لا يشغله عن الآخرة ولا يضره فالحمد لله، اجتهد الناس الصحابة، فيهم التجار، وفيهم الأغنياء، وفيهم الحراثون والمزارعون، ولم يضرهم ذلك، المصيبة أن يشتغل بالدنيا عن الآخرة، أن تشغله عن الآخرة، أما إذا باع واشترى وتسبب في طلب الرزق في الحراثة، في التجارة، في غير هذا فلا حرج بشرط الا تشغله عن الآخرة، بل يستعين بها على طاعة الله، وفق الله الجميع.


الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

شرح الحديث النبوي الشريف / إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي من رياض الصالحين Reviewed by احمد خليل on 2:39:00 ص Rating: 5

هناك تعليق واحد:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.