شرح حديث / ليس شيء أحب إلى اللّه تعالى من قطرتين
باب فضل البكاء من خشية الله تعالى وشوقا إليه
الدرر السنية
شرح
حديث / ليس شيء أحب إلى اللّه تعالى من قطرتين
أحاديث
رياض الصالحين: باب فضل البكاء من خشية الله تعالى وشوقا إليه
٤٦٠ -
وعن أَبي أُمامةَ صُدَيِّ بْنِ عَجلانَ الباهِليّ -رضيَ اللَّه عنه- عن النبيِّ ﷺ قَالَ: «لَيْسَ شَيءٌ أَحَبّ إِلي اللَّه تَعَالَى مِنْ قَطْرَتَين،
وأَثَرَيْنِ: قَطْرَةُ دُمُوعٍ مِنْ خَشْيَةِ اللَّه، وَقَطْرَةُ دَمٍ تُهْرَاقُ
في سَبِيلِ اللَّه، وَأَمَّا الأَثَرَانِ: فَأَثَرٌ في سَبيلِ اللهِ تَعَالَى،
وَأَثَرٌ في فَرِيضَةٍ منْ فَرَائِضِ اللَّه تَعَالَى» رواه الترمذي وقال:
حديثٌ حسنٌ.
وفي
البابِ أحاديثُ كثيرةٌ، منها: حديث العِرباض بنِ ساريةَ رضي الله عنه، قَالَ:
"وعَظَنَا رسُولُ اللَّه ﷺ
مَوْعِظَةً وَجِلَتْ منها القُلُوبُ، وذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ".
الشرح:
بيَّنَ النَّبيُّ ﷺ في مَواضِعَ كثيرةٍ
الأعمالَ التي يُحبُّها اللهُ عزَّ وجلَّ، وبيَّن ﷺ كيف تُوصِّلُ هذه
الأعمالُ إلى الفوزِ بمَرْضاةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ونَوْلِ رحمتِه والظَّفَرِ
بعَفوِه.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ
النَّبيُّ ﷺ: «ليس شيءٌ أحبَّ إلى اللهِ»، أي: ليس هناك شيءٌ
أفضلَ وأعظمَ في الأجرِ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ «مِن قَطرَتَينِ»، أي: نوعَينِ مِن
القَطَراتِ، والقَطْرةُ: هي النُّقطةُ مِن الشَّيءِ السَّائلِ؛ كأَنْ يَكونَ ماءً
أو دمًا أو لبَنًا وهكَذا، «وأثَرَينِ»، أي: نوعَينِ مِن الأثَرِ، والأثَرُ: هو ما
يَبْقى بعدَ العمَلِ، «قَطْرةُ دُموعٍ مِن خشيةِ اللهِ»، أي: ما يَكونُ مِن بكاءٍ
خوفًا مِن اللهِ تعالى، وطمَعًا في رحمتِه ومغفرتِه، «وقطرةُ دمٍ تُهَراقُ في
سَبيلِ اللهِ»، أي: ما يُسالُ في أرضِ المعركةِ مِن دماءٍ جِهادًا في سبيلِ اللهِ
عزَّ وجلَّ؛ حيث يَبيعُ المرءُ نفسَه للهِ عزَّ وجلَّ، فتَهونُ عليه نفسُه،
ويَسيلُ دمُه في نُصرَةِ دينِ اللهِ -عزَّ وجلَّ.
«وأمَّا الأثَرانِ»، أي: وأمَّا أحبُّ
الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، الَّتي تَنتَهي ويَبْقى أثَرُها: «فأثَرٌ في سبيلِ
اللهِ»، أي: بقاءُ أثَرٍ بعدَ خُروجٍ في سبيلِ اللهِ تعالى؛ كأَنْ يَكونَ جُرحٌ
عظيمٌ خلَّفَه بعدَ المعركةِ، أو عاهةٌ تُلازِمُه طولَ عُمرِه، أو قُطِعَ عُضوٌ
مِن أعضائِه. وهكذا، «وأثَرٌ في فريضةٍ مِن فَرائضِ اللهِ»، أي: أثَرٌ يَبْقى بعدَ
أداءِ فريضةٍ مِن فرائضِ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ كأَنْ يَكونَ أثَرَ المشيِ في أداءِ
الصَّلواتِ، أو تعَبَ الجِسمِ وضَعْفَ البدَنِ في الصِّيامِ، أو تعَبَ القدَمِ مِن
طولِ الوقوفِ بينَ يدَيِ اللهِ تعالى. وهكذا.
وفي الحديثِ: بيانٌ لأحَبِّ الأعمالِ إلى
اللهِ -عزَّ وجلَّ.
وفيه:
فضلُ البكاءِ مِن خَشيةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وفضلُ الجهادِ والقتالِ في سبيلِ الله
عزَّ وجلَّ، حتَّى يُقتَلَ.
وفيه:
بيانُ فضلِ ما يَبْقى مِن أثَرِ الأعمالِ الصَّالحاتِ، وحُبِّ اللهِ عزَّ وجلَّ،
لأثَرِ تلك الأعمالِ.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: