شرح حديث / إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولى
باب بر أصدقاء الأب والأم والأقارب والزوجة
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح حديث / إن أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه
أحاديث رياض الصالحين
باب بر أصدقاء الأب والأم والأقارب والزوجة الحديث
رقم ٣٤٦
عن
ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي ﷺ قال: «إن أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه» [١].
وعن
عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رجلًا من الأعراب
لقيه بطريق مكة، فسلم عليه عبد الله بن عمر، وحمله على حمارٍ كان يركبه، وأعطاه
عمامة كانت على رأسه، قال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك الله إنهم الأعراب وهم يرضون
باليسير، فقال عبد الله بن عمر: إن أبا هذا كان ودًا لعمر بن الخطاب - رضي الله
عنه - وإني سمعت رسول الله يقول: «إن أبر البر صلة
الرجل أهل ود أبيه» [٢].
وفي
رواية عن ابن دينار عن ابن عمر أنه كان إذا خرج إلى مكة كان له حمار يتروح عليه
إذا ملّ ركوب الراحلة، وعمامة يشد بها رأسه، فبينا هو يومًا على ذلك الحمار إذ مر
به أعرابي، فقال: ألست ابن فلان ابن فلان؟ قال: بلى. فأعطاه الحمار، فقال: اركب
هذا، وأعطاه العمامة وقال: اشدد بها رأسك، فقال له بعض أصحابه: غفر الله لك، أعطيت
هذا الأعرابي حمارًا كنت تروح عليه، وعمامة كنت تشد بها رأسك؟ فقال؟: إني سمعت
رسول الله ﷺ يقول: «إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولى»
وإن أباه كان صديقًا - لعمر رضي الله عنه [٣].
روى
هذه الروايات كلها مسلم.
الـشـرح
الـشـرح
لما
ذكر المؤلف - رحمه الله - أحكام بر الوالدين وصلة الأرحام؛ ذكر أيضًا أحكام صلة من
يصل الوالدين والأرحام، وذلك للعلاقة التي بينهم وبين أقاربه، أو بينهم وبين
والديه.
ثم
ذكر حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - وهي قصة غريبة - كان ابن عمر رضي الله عنه
إذا خرج إلى مكة حاجًا يكون معه حمار يتروح عليه إذا مل الركوب على الراحلة ـ أي
البعير ـ فيستريح على هذا الحمار ثم يركب الراحلة.
وفي
يوم من الأيام لقيه أعرابي فسأله ابن عمر: أنت فلان ابن فلان؟ قال: نعم، فنزل عن
الحمار وقال: خذ هذا اركب عليه، وأعطاه عمامة كان قد شد بها رأسه، وقال لهذا
الأعرابي: اشدد رأسك بهذا.
فقيل لعبد الله بن عمر: أصلحك الله أو غفر الله لك! إنهم الأعراب، والأعراب يرضون دون ذلك، يعنون: كيف تنزل أنت عن الحمار تمشي على قدميك، وتعطيه عمامتك التي تشد بها رأسك، وهو أعرابي يرضى بأقل من ذلك.
فقيل لعبد الله بن عمر: أصلحك الله أو غفر الله لك! إنهم الأعراب، والأعراب يرضون دون ذلك، يعنون: كيف تنزل أنت عن الحمار تمشي على قدميك، وتعطيه عمامتك التي تشد بها رأسك، وهو أعرابي يرضى بأقل من ذلك.
مات
أبو الرجل أو أمه أو أحد من أقاربه أن تبر أهل وده، يعني ليس صديقه فقط بل حتى
أقارب صديقه.
وإن أبا هذا كان صديقًا لعمر أي: لعمر بن الخطاب أبيه، فلما كان صديقًا لأبيه؛ أكرمه برًا بأبيه عمر رضي الله عنه.
وإن أبا هذا كان صديقًا لعمر أي: لعمر بن الخطاب أبيه، فلما كان صديقًا لأبيه؛ أكرمه برًا بأبيه عمر رضي الله عنه.
وفي
هذا الحديث دليل على امتثال الصحابة، ورغبتهم في الخير ومسارعتهم إليه؛ لأن ابن
عمر استفاد من هذا الحديث فائدة عظيمة، فإنه فعل هذا الإكرام بهذا الأعرابي من أجل
أن أباه كان صديقًا لعمر، فما ظنك لو رأى الرجل الذي كان صديقًا لعمر؟ لأكرمه أكثر
وأكثر.
فيستفاد من هذا الحديث: أنه إذا كان لأبيك أو أمك أحد بينهم وبينه ود فأكرمه، كذلك إذا كان هناك نسوة صديقات لأمك؛ فأكرم هؤلاء النسوة، وإذا كان رجال أصدقاء لأبيك؛ فأكرم هؤلاء الرجال، فإن هذا من البر.
وفي هذا الحديث أيضًا: سعة رحمة الله - عز وجل - حيث إن البر بابه واسع لا يختص بالوالد والأم فقط؛ بل حتى أصدقاء الوالد وأصدقاء الأم، إذا أحسنت إليهم فإنما بررت والديك فتثاب ثواب البار بوالديه.
فيستفاد من هذا الحديث: أنه إذا كان لأبيك أو أمك أحد بينهم وبينه ود فأكرمه، كذلك إذا كان هناك نسوة صديقات لأمك؛ فأكرم هؤلاء النسوة، وإذا كان رجال أصدقاء لأبيك؛ فأكرم هؤلاء الرجال، فإن هذا من البر.
وفي هذا الحديث أيضًا: سعة رحمة الله - عز وجل - حيث إن البر بابه واسع لا يختص بالوالد والأم فقط؛ بل حتى أصدقاء الوالد وأصدقاء الأم، إذا أحسنت إليهم فإنما بررت والديك فتثاب ثواب البار بوالديه.
وهذه
من نعمة الله - عز وجل - أن وسع لعباده أبواب الخير وكثرها لهم، حتى يلجوا فيها من
كل جانب، نسأل الله تعالى أن يجعلنا والمسلمين من البررة، إنه جواد كريم وصل الله
وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله رب العالمين
[١] رواه مسلم، كتاب البر
والصلة، باب فضل صلة أصدقاء الأب والأم ونحوهما، رقم (2552) [12].
[٢]
رواه مسلم، كتاب البر والصلة، باب فضل صلة أصدقاء الأب والأم ونحوهما رقم (2552)
[11].
[٣]
رواه مسلم، كتاب البر والصلة، باب فضل صلة أصدقاء الأب والأم ونحوهما، رقم (2552)
[13].
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولى
Reviewed by احمد خليل
on
1:42:00 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: