شرح حديث / ما أكرم شاب شيخا لسنه
باب
توقير العلماء والكبار وأهل الفضل
لفضيلة
الدكتور محمد راتب النابلسي
شرح حديث / ما أكرم شاب شيخا
لسنه
أحاديث رياض الصالحين
باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل الحديث رقم 363
عن
أنس- رضي اللّه عنه -قال: قال رسول اللّه ﷺ: (ما
أكرم شابّ شيخا لسنّه إلاّ قيّض اللّه له من يكرمه عند سنّه) رواه الترمذي
وقال حديث غريب.
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا
علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا
بما علمتنا، وزدنا علما، وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا
وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في
عبادك الصالحين.
أيها
الأخوة الكرام، مع الدرس العشرين من دروس تربية الأولاد في الإسلام، ولا زلنا في
مسؤولية الآباء عن تربية أولادهم التربية الاجتماعيّة.
النبيّ
عليه الصلاّة والسلاّم بيّن حقّ الكبير في توجيهات دقيقة وكثيرة:
وصلنا
إلى تلقين الصغار الحقوق المتعلّقة بالوالدين وذوي الرحم، والمعلّم والمربّي وها
نحن أولاء ننتقل اليوم إلى حقّ الكبير.
صدقوني
أيّها الأخوة ما من طفل أو صغير يرتكب عملا قبيحا أشدّ من أن يتطاول على كبير،
لذلك قد تعجبون أن النبيّ ﷺ
تبرأ ممن لا يوقر كبيرنا ولا يرحم صغيرنا ولا يعرف لعالمنا حقه.
الإنسان
المتطاول على من هو أكبر منه في السن هو إنسان بعيد بعدا شديدا عن التربية
الإسلامية لذلك النبيّ عليه الصلاّة والسلاّم في توجيهات دقيقة وكثيرة بيّن حقّ
الكبير.
أولا
من هو الكبير؟ أحد تعاريف الكبير أنّه كبير السن، فالمتقدّم بالسن كبير، ولا يمكن
لصغير في السن أن يتطاول على كبير مع أنّ العالم شيخ ولو كان حدثا، والجاهل حدث
ولو كان شيخا، هذه حقيقة، العلم يكبّر الإنسان والجهل يصغّره، ترى أشخاصا كبارا في
السن حول مهندس شاب يأخذون منه التعليمات، الموافقة، التوجيهات، وقد يكون في سنّ أولادهم،
هم كبار ولكنّهم لم يدرسوا، فالعالم شيخ ولو كان حدثا والجاهل حدث ولو كان شيخا،
لكن الكبير هو الكبير في السن مبدئيّا، والكبير هو الكبير في العلم، والكبير هو
الكبير في القدر.
في
الحياة توجد ثلاث قوى: إمام عادل، وعالم عامل، وإنسان كبير في السن، فالإنسان
يحترم إما لعلمه، أو إذا كان في منصب وهو يقوم بحقّ هذا المنصب.
على
كل من كان أكبر منك سنا، أو أكثر منك علما، أو أرفع منك تقوى ودينا، أو أسمى منك
جاها وكرما هذا هو الكبير.
ما
رأيت أدبا أرفع من أدب أصحاب رسول الله، سيّدنا العبّاس عمّ رسول الله ﷺ سئل: أيكما أكبر، أنت أم
رسول الله؟ قال: هو أكبر مني وأنا ولدت قبله، أرأيتم إلى هذا الأدب.
كما
تدين تدان:
أيّها
الأخوة، روى الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام:
(ما أكرم شاب شيخا لسنّه إلا قيّض الله له من يكرمه عند سنّه)
الترمذي عن أنس رضي الله عنه.
شاب
نكرة، أي شاب أكرم شيخا- أي شيخ كبير في السن -بعضهم استنبط استنباطا لا أدري
مبلغه من الصحّة أي إذا أكرمت إنسانا في الثمانين فأبلغ الظن أنّك سوف تصل إلى
الثمانين عاما حسب الحديث- هذا استنباط لا أدري مبلغه من الصحّة -لكن الإنسان إذا
أكرم شيخا لسنّه قيض الله له من يكرمه عند سنّه.
هل
لهذا الحديث معنى مخالف؟ المعنى العكسي إذا تطاول إنسان على إنسان كبير وهو شاب في
ريعان الشباب، أو قوي، أو في منصب حسّاس، وإنسان في سنّ والده تطاول عليه، اعتدّ
بقوّته، وبمنصبه، وبسلطته، تطاول عليه، الحديث له مفهوم معاكس ويسمونه المفهوم
المخالف، وما تطاول شاب على شيخ استخفافا به إلا قيّض الله له من يستخفّ به ومن
يهينه في هذا السن.
حدّثني
رجل أثق بحديثه، كان راكبا في قطار، وقبل أن ينطلق القطار من المحطّة، غرفته فيها
شاب، صعد إلى هذه الغرفة شيخ وقور، كبير في السن، أناس غير مهذّبين أنزلوه بالقوّة
وتطاولوا عليه، هذا الشيخ انكفأ على نفسه، تألم، وأظنّ أنّه بكى، الذي حدّثني بهذه
القصّة أخذ هذا الشيخ إلى غرفة أخرى في القطار وأكرمه، وأراد أن ينسيه هذه
المأساة، فما كان من هذا الشيخ إلا أنّ قال: والله في هذا المكان بالذات كنت شابا
وتطاولت على رجل كبير في السن.
العوام
يروون قصصا كثيرة جدا وأنا أصدّقها، مثلا بهذا المكان ضرب والده، وبنفس المكان
ابنه ضربه:
(ما أكرم شاب شيخا لسنّه إلا قيّض الله له من يكرمه عند سنّه)
الترمذي عن أنس رضي الله عنه.
بالمقابل
لا يتطاول شاب على إنسان كبير في السن، على والده، بالكلام أو بالضرب إلا سوف يدفع
الثمن باهظا.
(البرّ لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديّان لا يموت، اعمل ما
شئت كما تدين تدان) عبد الرزاق والبيهقى في الزهد عن أبى قلابة مرسلا.
ذكرت
لكم مرّة قصّة رجل عادي جدا بل أقل من العادي وله أولاد عاديّون وأقلّ من عاديين،
ليس له ميّزة وليس لهم فضل، لكن هذا الرجل فقد حركته وأصيب بالشلل، فنهض أولاده
الشباب الذين هم أبناؤه وخدموه خدمة لا يمكن تصورها، وكان لهم قريب يلحظ هذه
الخدمة قال لي: بقيت سنة وأنا أعجب لهذه الخدمة، لا الرجل المخدوم من العلم والقدر
والكرامة والعطاء والتضحية والمؤاثرة بحيث يستحقّ هذه الخدمة، ولا هؤلاء الشباب من
العلم والتقى والورع بحيث ينطلقون من إيمانهم بهذه الخدمة، فقال لي هذا الرجل:
والله بقيت عاما وأنا أتساءل ما سرّ هذه الخدمة؟ ثم بعد ذلك اكتشف أنّ هذا الرجل
المشلول رعى أمّه خير رعاية حينما أصيبت بفالج أقعدها الفراش. ربّنا- عزّ وجلّ
-تجاوزا لطبيعة الشباب وطبيعة الأب دفع هؤلاء الشباب لخدمة أبيهم، أي بالتعبير
الدقيق الحياة دين ووفاء.
الحمد لله رب العالمين
تحقيق
رياض الصالحين للألباني
363
- (ضعيف)
عن
أنس رضي الله عنهـ قال: قال رسول الله ﷺ: (ما
أكرم شاب شيخا لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه) رواه الترمذي وقال ك
حديث غريب.
قلت: يعني ضعيف وقد خرجت الحديث وبينت أن له علتين في 0 الضعيفة) رقم (304)
[185].
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات
النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / ما أكرم شاب شيخا لسنه
Reviewed by احمد خليل
on
1:25:00 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: