Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث سعد بن أبي وقاص / كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر

باب ملاطفة اليتيم والبنات
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح - حديث - سعد - بن - أبي - وقاص - كنا - مع - النبي - صلى - الله - عليه - وسلم - ستة - نفر
شرح حديث سعد بن أبي وقاص / كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر
أحاديث رياض الصالحين

باب ملاطفة اليتيم والبنات الحديث رقم 265

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كنا مع النبي ستة نفر، فقال المشركون للنبي : اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا، وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان نسيت اسميهما، فوقع في نفس رسول الله ما شاء الله أن يقع فحدث نفسه، فانزل الله تعالى: ﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الأنعام: 52[رواه مسلم (1).

الـشـرح
ذكر المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال:
(كنا مع النبي ستة نفر) وهذا في أول الإسلام في مكة؛ لأن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه من السابقين إلى الإسلام؛ أسلم وأسلم معه جماعة.
ومن المعلوم أن من أول الناس إسلامًا أبا بكر رضي الله عنه، بعد خديجة وورقة بن نوفل، وكان هؤلاء النفر ستة منهم ابن مسعود رضي الله عنه، وكان راعي غنم فقيرًا، وكذلك بلال بن أبي رباح وكان عبدًا مملوكًا، وكانوا مع الرسول عليه الصلاة والسلام؛ يجلسون إليه ويستمعون له وينتفعون بما عنده، وكان المشركون العظماء في أنفسهم، يجلسون إلى النبي فقالوا له: اطرد عنا هؤلاء، قالوا هذا احتقارًا لهؤلاء الذين يجلسون مع النبي .
فوقع في نفس النبي ما وقع، وفكر في الأمر، فأنزل الله تعالى: ﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَه[الأنعام: 52[، نهاه الله عز وجل أن يطرد هؤلاء وإن كانوا فقراء، وإن لم يكن لهم قيمة في المجتمع، لكن لهم قيمة عند الله؛ لأنهم يدعون الله بالغداة والعشي، يعني صباحًا ومساءً، يدعونه دعاء مسألة فيسألونه رضوانه والجنة، ويستعيذون به من النار.
ويدعونه دعاء عبادة فيعبدون الله، وعبادة الله تشتمل على الدعاء، ففي الصلاة مثلًا يقول الإنسان: رب اغفر لي، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وما أشبه ذلك، ثم إن العابد أيضًا إنما يعبد لنيل رضا الله عز وجل.
وفي قوله: ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ تنبيه على الإخلاص وأن الإخلاص له أثر كبير في قبول الأعمال ورفعة العمال عند الله عز وجل، فكلما كان الإنسان في عمله أخلص؛ كان أرضى لله وأكثر لثوابه، وكم من إنسان يصلي وإلى جانبه آخر يصلي معه الصلاة، ويكون بينهما من الرفعة عند الله والثواب والجزاء كما بين السماء والأرض، وذلك لإخلاص النية عند أحدهما دون الآخر.
فالواجب على الإنسان أن يحرص غاية الحرص على إخلاص نيته لله في عبادته، وألا يقصد بعبادته شيئًا من أمور الدنيا؛ لا يقصد إلا رضا الله وثوابه حتى ينال بذلك الرفعة في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى في آخر الآية: ﴿مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ﴾ يعني ليس عليك شيء منهم ولا عليهم شيء منك، حساب الجميع على الله، وكل يجازى بعمله.
﴿فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ[الأنعام 52[، الفاء هذه التي في ﴿فَتَكُونَ﴾ تعود على قوله: ﴿فَتَطْرُدَهُمْ﴾ لا على قوله: ﴿مَا عَلَيْك﴾، فعندنا هنا في الآية فاءان: الفاء الأولى ﴿فَتَطْرُدَهُمْ﴾ وهذه مرتبة على قوله: ﴿مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ و ﴿فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ مرتبة على قوله: ﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ﴾ يعني فإن طردتهم فإنك من الظالمين.
ويستفاد من هذا الحديث أن الإنسان ينبغي له أن يكون جليسه من أهل الخير الذين يدعون الله صباحًا ومساءً يريدون وجهه، وألا يهتم بالجلوس مع الأكابر، والأشراف، والأمراء، والوزراء، والحكام؛ بل لا ينبغي أن يجلس إلى هؤلاء إلا أن يكون في ذلك مصلحة، فإذا كان في ذلك مصلحة؛ مثل أن يريد أن يأمرهم بمعروف، أو ينهاهم عن منكر، أو يبين لهم ما خفي عليهم من حال الأمة، فهذا طيب وفيه خير.
أما مجرد الأنس بمجالستهم، ونيل الجاه بأنه جلس مع الأكابر، أو مع الوزراء، أو مع الأمراء، أو مع ولاة الأمور، فهذا غرض لا يحمد عليه العبد، إنما يحمد على الجلوس مع من كان أتقى لله؛ من غني وفقير، وحقير وشريف. فالمدار كله على رضا الله عز وجل، وعلى محبة من أحب الله.
وقد ذاق طعم الإيمان من والى من والاه الله، وعادى من عاداه الله، وأحب في الله، وأبغض في الله، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم كذلك، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب، وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 


الحمد لله رب العالمين
(1) رواه مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب في فضل سعد بن أبي وقاص.، رقم (2413).
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث سعد بن أبي وقاص / كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر Reviewed by احمد خليل on 1:53:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.