شرح حديث / لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك
باب ملاطفة اليتيم والبنات
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن
عثيمين رحمه الله
شرح حديث / لئن كنت أغضبتهم
لقد أغضبت ربك
باب ملاطفة اليتيم والبنات الحديث رقم 266
عن أبي هبيرة عائذ بن عمرو المزني وهو من أهل بيعة الرضوان
رضي الله عنه، أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا: ما أخذت
سيوف الله من عدو الله مأخذها، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أتقولون هذا لشيخ قريش
وسيدهم؟ فأتى النبي ﷺ،
فأخبره فقال:) يا أبا بكر لعلك أغضبتهم؟ لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك (فأتاهم فقال: يا إخوتاه آغضبتكم؟ قالوا: لا، يغفر الله لك
يا أخي. رواه مسلم (1).
قوله:) مأخذها (أي: لم تستوف حقها منه.
وقوله:) يا
أخي (روي
بفتح الهمزة وكسر الخاء وتخفيف الياء، وروي بضم الهمزة وفتح الخاء وتشديد الياء.
الـشـرح
ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى -فيما
نقله في قضية الضعفاء والمساكين، وأنه تجب ملاطفتهم والرفق بهم والإحسان إليهم، أن
أبا سفيان مر بسلمان وصهيب وبلال، وهؤلاء الثلاثة كلهم من الموالي، صهيب الرومي،
وبلال الحبشي، وسلمان الفارسي، فمر بهم فقالوا: ما فعلت أسيافنا بعدو الله ما فعلت
يعني: يريدون أنهم لم يشفوا أنفسهم مما فعل بهم أسيادهم من قريش، الذين كانوا
يعذبونهم ويؤذونهم في دين الله عز وجل، فكأن أبا بكر رضي الله عنه لامهم على ذلك،
وقال: أتقولون لسيد قريش مثل هذا الكلام.
ثم إن أبا بكر أخبر النبي ﷺ بذلك، فقال له:)
لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك (،
يعني أغضبت هؤلاء النفر. مع أنهم من الموالي وليسوا بشيء في عداد الناس وأشرافهم.
لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك، فذهب أبو بكر رضي الله عنه إلى هؤلاء النفر
وسألهم: آغضبتكم؟ فقالوا: لا، قال: يا إخوتاه، آغضبتكم؟ قالوا: لا، يغفر الله لك
يا أبا بكر.
فدل هذا على أنه لا يجوز للإنسان أن
يترفع على الفقراء والمساكين ومن ليس لهم قيمة في المجتمع؛ لأن القيمة الحقيقية هي
قيمة الإنسان عند الله، كما قال الله تعالى:﴿ إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾]
الحجرات: 13[،
والذي ينبغي للإنسان أن يخفض جناحه للمؤمنين ولو كانوا غير ذي جاه؛ لأن هذا هو
الذي أمر الله به نبيه ﷺ حيث قال:﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِين ﴾]
الحجر: 88[.
وفي هذا دليل على ورع أبي بكر رضي
الله عنه، وعلى حرصه على إبراء ذمته، وأن الإنسان ينبغي له -بل يجب عليه -إذا
اعتدى على أحد بقول أو فعل أو بأخذه مال أو سب أو شتم أن يستحله في الدنيا؛ قبل أن
يأخذ ذلك منه في الآخرة؛ لأن الإنسان إذا لم يأخذ حقه في الدنيا فإنه يأخذه يوم
القيامة، ويأخذ من أشرف شيء وأعز شيء على الإنسان يأخذه من الحسنات؛ من الأعمال
الصالحة التي هو في حاجة إليها في ذلك المكان.
قال النبي عليه الصلاة والسلام:)
ماذا تعدون المفلس فيكم؟ (قالوا: من
ليس له درهم ولا دينار، أو قالوا: ولا متاع. فقال :)
المفلس من يأتي يوم القيامة
بحسنات أمثال الجبال، فيأتي وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأخذ مال هذا، فيأخذ هذا من
حسناته، وهذا من حسناته، فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم
طرح في النار((2).
الحمد لله رب العالمين
(1) رواه مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل
سلمان وصهيب وبلال. رقم (2504).
(2) رواه مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم،
رقم (2581).
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل
الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك
Reviewed by احمد خليل
on
1:11:00 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: