Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث / إنه ليأتي الرجل السمين العظيم يوم القيامة

باب فضل ضعـفة المسلمين والفقراء والخاملين
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح - حديث -  إنه - ليأتي - الرجل - السمين - العظيم - يوم - القيامة
شرح حديث / إنه ليأتي الرجل السمين العظيم يوم القيامة
أحاديث رياض الصالحين

باب فضل ضعـفة المسلمين والفقراء والخاملين الحديث رقم 260


عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله قال: (إنه ليأتي الرجل السمين العظيم يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة) متفق عليه (1).

الـشـرح
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي أنه قال: (إنه ليأتي الرجل السمين العظيم يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة) ذكر المؤلف هذا الحديث في باب المستضعفين والفقراء من المسلمين، وذلك لأن الغالب أن السمنة إنما تأتي من البطنة أي: من كثرة الأكل، وكثرة الأكل تدل على كثرة المال والغنى، والغالب على الأغنياء البطر والأشر وكفر النعمة، حتى إنهم يوم القيامة يكونون بهذه المثابة، يؤتى بالرجل العظيم السمين يعني كثير اللحم والشحم.
عظيم كبير الجسم لا يزن عند الله يوم القيامة جناح بعوضة، والبعوضة معروفة من أشد الحيوانات امتهانًا وأهونها وأضعفها، وجناحها كذلك.
وفي هذا الحديث إثبات الوزن يوم القيامة، وقد دل على ذلك كتاب الله عز وجل، قال الله تعالى:﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ] الانبياء: 47[.
وقال جل وعلا:﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ] الزلزلة: 7-8[. وقال النبي :) اتقوا النار ولو بشق تمرة((2).
فالوزن يوم القيامة وزن عدل ليس فيه ظلم، يجازى فيه الإنسان على حسب ما عنده من الحسنات والسيئات. قال أهل العلم: فمن رجحت حسناته على سيئاته فهو من أهل الجنة، ومن رجحت سيئاته على حسناته استحق أن يعذب في النار، ومن تساوت حسناته وسيئاته كان من أهل الأعراف، الذين يكونون بين الجنة والنار لمدة، على حسب ما يشاء الله عز وجل، وفي النهاية يدخلون الجنة.
ثم إن الوزن حسي بميزان له كفتان، توضع في إحداهما السيئات وفي الأخرى الحسنات، وتثقل الحسنات، وتخف السيئات إذا كانت الحسنات أكثر، والعكس بالعكس.
ثم ما الذي يوزن؟ ظاهر هذا الحديث أن الذي يوزن الإنسان، وأنه يخف ويثقل بحسب أعماله.
وقال بعض العلماء: بل الذي يوزن صحائف الأعمال، توضع صحائف السيئات في كفة، وصحائف الحسنات في كفة، وما رجح فالعمل عليه.
وقيل: بل الذي يوزن العمل؛ لأن الله تعالى قال: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ [الزلزلة: 7[، فجعل الوزن للعمل، وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ]الانبياء: 47[، وقال النبي :) كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم( (3)، فقوله : كلمتان ثقيلتان في الميزان يدل على أن الذي يوزن هو العمل، وهذا هو ظاهر القرآن الكريم وظاهر السنة، وربما يوزن هذا وهذا، أي توزن الأعمال وتوزن صحائف الأعمال.
وفي هذا الحديث التحذير من كون الإنسان لا يهتم إلا بنفسه أي بتنعيم جسده، والذي ينبغي للعاقل أن يهتم بتنعيم قلبه، ونعيم قلب الإنسان بالفطرة وهي التزام دين الله عز وجل، وإذا نعم القلب نعم البدن ولا عكس.
قد ينعم البدن ويؤتى الإنسان من الدنيا ما يؤتى من زهرتها، ولكن قلبه في جحيم والعياذ بالله.
وإذا شئت أن تتبين هذا فاقرأ قوله تعالى:﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ] النحل: 97[، لم يقل فلننعمن أبدانهم، بل قال:﴿ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَة ﴾وذلك بما يجعل الله في قلوبهم من الأنس، وانشراح الصدر، وطمأنينة القلب وغير ذلك، حتى إن بعض السلف قال: لو يعلم الملوك ما نحن فيه، لجالدونا عليه بالسيوف: يعني من انشراح الصدر، ونور القلب والطمأنينة والسكون.
أسأل الله أن يشرح قلبي وقلوبكم للإسلام، وينورها بالعلم والإيمان إنه جواد كريم.

الحمد لله رب العالمين
(1) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب (أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ. . . .)، رقم (4729)، ومسلم، كتاب صفة المنافقين، دون ذكر الباب، رقم (2785).
(2) رواه البخاري، كتاب الأدب، باب طيب الكلام، رقم (6023) ، ومسلم، كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة. رقم (1016) (68).
(3) رواه البخاري، الأيمان والنذور، باب إذا قال: (والله لا أتكلم اليوم فصلى)، رقم (6682)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، رقم (2694).
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / إنه ليأتي الرجل السمين العظيم يوم القيامة Reviewed by احمد خليل on 11:44:00 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.