شرح حديث / احتجت الجنة والنار
باب فضل ضعـفة المسلمين والفقراء
والخاملين
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن
عثيمين رحمه الله
شرح حديث / احتجت الجنة
والنار
أحاديث
رياض الصالحين: باب فضل ضعـفة المسلمين والفقراء
والخاملين
٢٥٩ - عَنْ أَبِي سَعِيدُ الْخَدَرِيِّ -
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «اِحْتَجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَقَالَتِ النَّارُ: فِي الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ،
وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: فِي ضُعَفَاءِ النَّاسِ وَمَسَاكِينِهِمْ فَقَضَى اللهُ
بَيْنَهُمَا: إِنَّكَ الْجِنَّةُ رَحَمَتُي أَرَحِمٌ بِكَ
مَنْ أَشَاءَ، وَإِنَّكَ النَّارُ عِذَابُي أَعَذْبٌ
بِكَ مَنْ أَشَاءَ، وَلِكِلَيْكُمَا عُلِيَ ملُؤهَا»
رَوَاهُ مُسْلِمٌ [١].
الـشـرح
ذكر المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي ﷺ قال: «اِحْتَجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ» يعني: تحاجا فيما بينهما، كل واحدة تدلي بحجتها، وهذا من الأمور الغيبية التي يجب علينا أن نؤمن بها حتى وإن استبعدتها العقول وقال الإنسان: كيف تتحاج الجنة والنار وهما جمادان؟
فإننا نقول: إن الله - سبحانه وتعالى - على كل شيء قدير، وقد أخبر الله - سبحانه وتعالى - أن الأرض يوم القيامة تحدث أخبارها بما أوحى الله إليها به، فإذا أمر الله شيئًا بشيء؛ فإن هذا المأمور سيستجيب على كل حال، الأيدي يوم القيامة والألسن والأرجل والجلود كلها تشهد، مع أنها جماد، وتشهد على صاحبها مع أنها أقرب الناس إليه؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - على كل شيءِ قدير.
فالجنة احتجت على النار، والنار احتجت على الجنة. النار احتجت بأن فيها الجبارين والمتكبرين.
ذكر المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي ﷺ قال: «اِحْتَجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ» يعني: تحاجا فيما بينهما، كل واحدة تدلي بحجتها، وهذا من الأمور الغيبية التي يجب علينا أن نؤمن بها حتى وإن استبعدتها العقول وقال الإنسان: كيف تتحاج الجنة والنار وهما جمادان؟
فإننا نقول: إن الله - سبحانه وتعالى - على كل شيء قدير، وقد أخبر الله - سبحانه وتعالى - أن الأرض يوم القيامة تحدث أخبارها بما أوحى الله إليها به، فإذا أمر الله شيئًا بشيء؛ فإن هذا المأمور سيستجيب على كل حال، الأيدي يوم القيامة والألسن والأرجل والجلود كلها تشهد، مع أنها جماد، وتشهد على صاحبها مع أنها أقرب الناس إليه؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - على كل شيءِ قدير.
فالجنة احتجت على النار، والنار احتجت على الجنة. النار احتجت بأن فيها الجبارين والمتكبرين.
الجبارون أصحاب الغلظة
والقسوة، والمتكبرون أصحاب الترفع والعلو، والذين يغمطون الناس ويردون الحق، كما
قال النبي ﷺ في الكبر: «إِنَّهُ بِطُرِّ
الْحَقِّ وَغَمْطِ النَّاسِ [٢]».
فأهل الجبروت وأهل الكبرياء هم أهل النار - والعياذ بالله - وربما يكون صاحب النار لين الجانب للناس، حسن الأخلاق، لكنه جبار بالنسبة للحق، مستكبر عن الحق، فلا ينفعه لينه وعطفه على الناس، بل هو موصوف بالجبروت والكبرياء ولو كان لين الجانب للناس؛ لأنه تجبر واستكبر عن الحق.
فأهل الجبروت وأهل الكبرياء هم أهل النار - والعياذ بالله - وربما يكون صاحب النار لين الجانب للناس، حسن الأخلاق، لكنه جبار بالنسبة للحق، مستكبر عن الحق، فلا ينفعه لينه وعطفه على الناس، بل هو موصوف بالجبروت والكبرياء ولو كان لين الجانب للناس؛ لأنه تجبر واستكبر عن الحق.
أما الجنة فقالت: إن فيها
ضعفاء الناس وفقراء الناس. فهم في الغالب الذين يلينون للحق وينقادون له، وأما أهل
الكبرياء والجبروت؛ ففي الغالب أنهم لا ينقادون.
فقضى الله - عز وجل - بينهما فقال: «إِنَّكَ الْجِنَّةُ رَحَمَتُي أَرَحِمٌ بِكَ مَنْ أَشَاءَ» وقال للنار: «وَإِنَّكَ النَّارُ عِذَابُي أَعَذْبٌ بِكَ مَنْ أَشَاءَ» إنك الجنة رحمتي: يعني أنها الدار التي نشأت من رحمة الله، وليست رحمته التي هي صفته؛ لأن رحمته التي هي صفته وصف قائم به، لكن الرحمة هنا مخلوق، أنت رحمتي يعني خلقتك برحمتي، أرحم بك من أشاء.
وقال للنار أنت عذابي: أعذب بك من أشاء كقوله تعالى: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ} [العنكبوت: 21] فأهل الجنة هم أهل رحمة الله ـ نسأل الله أن يجعلني وإياك منهم ـ وأهل النار هم أهل عذاب الله.
ثم قال عز وجل: «وَلِكِلَيْكُمَا عُلِيَ ملُؤهَا» تكفل - عز وجل - وأوجب على نفسه أن يملأ الجنة ويملأ النار، وفضل الله - سبحانه وتعالى - ورحمته أوسع من غضبه، فإنه إذا كان يوم القيامة ألقى من يلقى في النار، وهي تقول هل من مزيد، يعني: أعطوني. أعطوني. زيدوا. فيضع الله عليها رجله، وفي لفظ عليها قدمه، فينزوي بعضها على بعض، ينضم بعضها إلى بعض من أثر وضع الرب - عز وجل - عليها قدمه، وتقول: قط. قط، يعني: كفاية. كفاية، وهذا ملؤها.
أما الجنة فإن الجنة واسعة، عرضها السَّمَوَاتِ والأرض يدخلها أهلها ويبقى فيها فضل زائد على أهلها، فينشى الله تعالى لها أقوامًا فيدخلهم الجنة بفضله ورحمته؛ لأن الله تكفل لها بملئها.
ففي هذا دليل على أن الفقراء والضعفاء هم أهل الجنة؛ لأنهم في الغالب هم الذين ينقادون للحق، وأن الجبارين المتكبرين هم أهل النار - والعياذ بالله - لأنهم مستكبرون على الحق وجبارون. لا تلين قلوبهم لذكر الله، ولا لعباد الله. نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية.
فقضى الله - عز وجل - بينهما فقال: «إِنَّكَ الْجِنَّةُ رَحَمَتُي أَرَحِمٌ بِكَ مَنْ أَشَاءَ» وقال للنار: «وَإِنَّكَ النَّارُ عِذَابُي أَعَذْبٌ بِكَ مَنْ أَشَاءَ» إنك الجنة رحمتي: يعني أنها الدار التي نشأت من رحمة الله، وليست رحمته التي هي صفته؛ لأن رحمته التي هي صفته وصف قائم به، لكن الرحمة هنا مخلوق، أنت رحمتي يعني خلقتك برحمتي، أرحم بك من أشاء.
وقال للنار أنت عذابي: أعذب بك من أشاء كقوله تعالى: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ} [العنكبوت: 21] فأهل الجنة هم أهل رحمة الله ـ نسأل الله أن يجعلني وإياك منهم ـ وأهل النار هم أهل عذاب الله.
ثم قال عز وجل: «وَلِكِلَيْكُمَا عُلِيَ ملُؤهَا» تكفل - عز وجل - وأوجب على نفسه أن يملأ الجنة ويملأ النار، وفضل الله - سبحانه وتعالى - ورحمته أوسع من غضبه، فإنه إذا كان يوم القيامة ألقى من يلقى في النار، وهي تقول هل من مزيد، يعني: أعطوني. أعطوني. زيدوا. فيضع الله عليها رجله، وفي لفظ عليها قدمه، فينزوي بعضها على بعض، ينضم بعضها إلى بعض من أثر وضع الرب - عز وجل - عليها قدمه، وتقول: قط. قط، يعني: كفاية. كفاية، وهذا ملؤها.
أما الجنة فإن الجنة واسعة، عرضها السَّمَوَاتِ والأرض يدخلها أهلها ويبقى فيها فضل زائد على أهلها، فينشى الله تعالى لها أقوامًا فيدخلهم الجنة بفضله ورحمته؛ لأن الله تكفل لها بملئها.
ففي هذا دليل على أن الفقراء والضعفاء هم أهل الجنة؛ لأنهم في الغالب هم الذين ينقادون للحق، وأن الجبارين المتكبرين هم أهل النار - والعياذ بالله - لأنهم مستكبرون على الحق وجبارون. لا تلين قلوبهم لذكر الله، ولا لعباد الله. نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية.
الحمد لله رب العالمين
[١] رواه مسلم،
كتاب الجنة، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها. . .، رق (2846).
[٢] رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب
تحريم الكبر وبيانه، رقم (91).
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / احتجت الجنة والنار
Reviewed by احمد خليل
on
4:39:00 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: