شرح الحديث النبوي الشريف/ من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن
باب
ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضَّعَفة والمساكين والمُنكسرين والإِحسان إليهم
شرح
الحديث النبوي الشريف/ من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن
أحاديث
رياض الصالحين: باب ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضَّعَفة والمساكين والمُنكسرين
والإِحسان إليهم والشَّفقة عليهم والتواضع معهم وخفض الجناح لهم.
٢٧٣ - وعن عائشةَ -رضي اللَّه عنها- قَالَتْ: دَخَلَتْ عليَّ امْرَأَةٌ ومعهَا
ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ، فَلَم تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرةٍ واحِدةٍ،
فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَقَسَمتْهَا بَيْنَ ابنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ
مِنْهَا، ثُمَّ قامَتْ فَخَرَجتْ، فَدخلَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَيْنَا، فَأَخْبرتُهُ
فَقَالَ: «مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ
بِشَيْءٍ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ» متفقٌ
عَلَيهِ.
الشيخ:
بسم
الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله
وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما
بعد:
فهذا
الحديث كالذي قبله قبلها في الحثِّ على الإحسان إلى الفقراء والمساكين والأيتام،
ورحمتهم، والتواضع لهم، وخفض الجناح لهم، هذه من صفات المؤمنين، كما قال تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}
[الشعراء: ٢١٥]، فالمؤمن يخفض جناحه لإخوانه الفقراء والأيتام والمساكين، ويرحمهم،
ويعطف عليهم، ويُواسيهم من الزكاة وغيرها.
وحديث
عائشة: أنها جاءت إليها امرأةٌ معها ابنتان، فدفعت إليها عائشة تمرتين، فدفعتهما
إليهما، وفي لفظٍ ثانٍ: أنها أعطتها ثلاث تمراتٍ، دفعت إلى كلِّ واحدةٍ تمرةً،
ورفعت التمرةَ الثالثة لتأكلها فاستطعمتْها ابنتاها التمرة الثالثة؛ فشقَّتها
بينهما نصفين ولم تأكل شيئًا، ولما أخبرت عائشةُ النبيَّ ﷺ قال: «إنَّ الله قد
أوجب لها بها الجنة»، وفي اللفظ الآخر: «مَن ابتُلِيَ بشيءٍ من هذه البنات فصبر
واحتسب كنتُ أنا وهو في الجنة كهاتين» وأشار بإصبعيه.
والمقصود أنَّ رحمة الفقراء والأيتام من
أسباب دخول الجنة، فهذه امرأة محتاجة أخذت ثلاث تمرات، فأعطت كل بنتٍ تمرةً، ثم
رفعت الثالثة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، يعني: طلبت ابنتاها التمرة الثلاثة،
فشقَّتها بينهما نصفين، ولم تأكل شيئًا مع الحاجة رحمةً لهما، فلهذا قال ﷺ: «إنَّ الله قد أوجب
لها بها الجنة» بهذه الرحمة، وهذا العطف، وهذا الإحسان، فدلَّ ذلك على أنَّ رحمة
الأيتام والفقراء والمساكين والإحسان إليهم، سواء كنَّ بناتٍ له، أو أخوات، أو
غيرهن، فهو عام، ولو أجنبيَّات، وهكذا الأولاد إذا صبر عليهم، وأحسن إليهم، وهم
أيتام، ولو كانوا أولادًا له، إذا أنفق فيهم الصدقة؛ فهذا من أسباب دخول الجنة،
ومن أسباب المغفرة، إذا صبر عليهم واحتسب فله أجرٌ عظيم. وفَّق الله الجميع.
الحمد
لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن
المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح
الأعمال
ليست هناك تعليقات: