شرح الحديث النبوى الشريف شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
رحمه الله
شرح أحاديث رياض الصالحين باب ملاطفة اليتيم والبنات
شرح أحاديث رياض الصالحين باب ملاطفة اليتيم والبنات
شرح الحديث النبوى الشريف شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها
جميع احاديث
رياض
الصالحين
موجودة
هنا
وكلها
فى
الصحيحين
مع
الشرح
لها
على
مدونة
فذكر
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ،
وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ، أما بعد
الحديث رقم 271 باب ملاطفة اليتيم والبنات
عن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( شر الطعام طعام
الوليمة يمنعها من يأتيها، ويدعى إليها من يأباها ، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى
الله ورسوله ) رواه مسلم (61) .
وفي رواية في الصحيحين عن أبي هريرة من قوله : ( بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء )(62) .
الـشـرح
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها ، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله) .
قوله عليه الصلاة والسلام : ( شر الطعام طعام الوليمة ) يحتمل أن يكون المراد بالوليمة هنا وليمة العرس ، ويحتمل أن يكون أعم ، وأن المراد بالوليمة كل ما دعي إلى الاجتماع إليه من عرس أو غيره ، وسيأتي بيان ذلك في الأحكام إن شاء الله .
ثم فسر هذه الوليمة التي طعامها شر الطعام وهي التي يدعى إليها من يأباها ويمنعها من يأتيها ، يعني يدعى إليها الأغنياء ، والغني لا يحرص على الحضور إذا دعي ؛ لأنه مستغن بماله ، ويمنع منها الفقراء ؛ والفقير ؛ هو الذي إذا دعي أجاب ، فهذه الوليمة ليست وليمة مقربة إلى الله ؛ لأنه لا يدعى إليها من هم أحق بها وهم الفقراء ؛ بل يدعى إليها الأغنياء .
أما الوليمة من حيث هي ـ ولا سيما وليمة العرس ـ فإنها سنة مؤكدة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف : (أولم ولو بشاة ) (63) فأمره بالوليمة قال : ( ولو بشاة ) يعني ولو بشيء قليل ، والشاة قليلة بالنسبة لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ؛ لأنه من الأغنياء .
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله ) يدل على أن إجابة دعوة الوليمة واجبة ؛ لأنه لا شيء يكون معصية بتركه إلا وهو واجب ، ولكن لا بد فيها من شروط :
الشرط الأول : أن يكون الداعي مسلماً ؛ فإن لم يكن مسلما ً لم تجب الإجابة ، ولكن تجوز الإجابة لا سيما إذا كان في هذا مصلحة ، يعني لو دعاك كافر إلى وليمة عرس فلا بأس أن تجيب ، لا سيما إن كان في ذلك مصلحة كتأليفه إلى الإسلام ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يهودياً دعاه في المدينة ، فأجابه ، وجعل له خبزاً من شعير وإهالة سنخة (64) ؛ يعني ودكاً قديماً متغيراً .
وأما اشتراط العدالة : يعني اشتراط أن يكون الداعي عدلاً فليس بشرط ، فتجوز إجابة دعوة الفاسق إذا دعاك مثل أن يدعوك إنسان قليل الصلاة مع الجماعة ، أو حليق اللحية ، أو شارب دخان ، فأجبه كما تجيب من كان سالماً من ذلك .
لكن إن كان عدم الإجابة يفضي إلى مصلحة بحيث يخجل هذا الداعي ويترك المعصية التي كان يعتادها حيث الناس لا يجيبون دعوته ، فلا تجب دعوته من أجل مصلحته ، أما إذا كان لا يستفيد سواء أجبته أو لم تجبه ، فأجب الدعوة لأنه مسلم .
الشرط الثاني : أن يكون ماله حلالاً ؛ فإن كان ماله حراماً كالذي يكتسب المال بالربا ؛ فإنه لا تجب إجابته لأن ماله حرام ، والذي ماله حرام ينبغي للإنسان أن يتورع عن أكل ماله ، ولكنه ليس بحرام ، يعني لا يحرم عليك أن تأكل من مال من كسبه حرام ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من طعام اليهود وهم يأكلون الربا ؛ يأخذونه ويتعاملون به . لكن الورع أن لا تأكل ممن ماله حرام .
أما إذا كان في ماله حرام يعني ماله مختلط ؛ يتجر تجارة حلالاً ويكتسب كسباً محرماً ؛ فلا بأس من إجابته ، و لا تتورع عن ماله ؛ لأنه لا يسلم كثير من الناس اليوم من أن يكون في ماله حرام ، فمن الناس من يغش فيكتسب من حرام ، ومنهم من يرابي في بعض الأشياء ، ومنهم الموظفون ، وكثير من الموظفين لا يقومون بواجب الوظيفة ، فتجده يتأخر عن الدوام ، أو يتقدم فيخرج قبل وقت انتهاء الدوام ، وهذا ليس راتبه حلالاً ؛ بل إنه يأكل من الحرام بقدر ما نقص من عمل الوظيفة ؛ لأنه ملتزم بالعقد مع الحكومة مثلاً أنه يقوم بوظيفته من كذا إلى كذا ، فلو فتشت الناس اليوم لوجدت كثيراً منهم يكون في ماله دخن من الحرام .
الشرط الثالث : ألا يكون في الدعوة منكر ؛ فإن كان في الدعوة منكر فإنه لا تجب الإجابة ، مثل لو علمت أنهم سيأتون بمغنين ، أو عندهم شيش يشربها الحاضرون ، أو عندهم شراب دخان فلا تجب إلا إذا كنت قادراً على تغيير هذا المنكر ، فإنه يجب عليك الحضور لسببين :
السبب الأول : إزالة المنكر .
السبب الثاني : إجابة الدعوة .
أما إذا كنت ستحضر ولكن لا تستطيع تغيير المنكر ؛ فإن حضورك حرام .
الشرط الرابع : أن يعين المدعو ، ومعنى يعينه أن يقول : يا فلان أدعوك إلى حضورك وليمة العرس . فإن لم يعينه بأن دعا دعوة عامة في مجلس فقال : يا جماعة عندنا حفل زواج ووليمة عرس فاحضروا ، فإنه لا يجب عليك أن تحضر ؛ لأنه دعا دعوة عامة ولم ينص عليك .
فلابد أن يعينه فإن لم يعينه فإنها لا تجب ، ثم إنه ينبغي للإنسان أن يجيب كل دعوة ؛ لأن من حق المسلم على أخيه أن يجيب دعوته ، إلا إذا كان في امتناعه مصلحة راجحة فليتبع المصلحة .
وفي رواية في الصحيحين عن أبي هريرة من قوله : ( بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء )(62) .
الـشـرح
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها ، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله) .
قوله عليه الصلاة والسلام : ( شر الطعام طعام الوليمة ) يحتمل أن يكون المراد بالوليمة هنا وليمة العرس ، ويحتمل أن يكون أعم ، وأن المراد بالوليمة كل ما دعي إلى الاجتماع إليه من عرس أو غيره ، وسيأتي بيان ذلك في الأحكام إن شاء الله .
ثم فسر هذه الوليمة التي طعامها شر الطعام وهي التي يدعى إليها من يأباها ويمنعها من يأتيها ، يعني يدعى إليها الأغنياء ، والغني لا يحرص على الحضور إذا دعي ؛ لأنه مستغن بماله ، ويمنع منها الفقراء ؛ والفقير ؛ هو الذي إذا دعي أجاب ، فهذه الوليمة ليست وليمة مقربة إلى الله ؛ لأنه لا يدعى إليها من هم أحق بها وهم الفقراء ؛ بل يدعى إليها الأغنياء .
أما الوليمة من حيث هي ـ ولا سيما وليمة العرس ـ فإنها سنة مؤكدة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف : (أولم ولو بشاة ) (63) فأمره بالوليمة قال : ( ولو بشاة ) يعني ولو بشيء قليل ، والشاة قليلة بالنسبة لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ؛ لأنه من الأغنياء .
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله ) يدل على أن إجابة دعوة الوليمة واجبة ؛ لأنه لا شيء يكون معصية بتركه إلا وهو واجب ، ولكن لا بد فيها من شروط :
الشرط الأول : أن يكون الداعي مسلماً ؛ فإن لم يكن مسلما ً لم تجب الإجابة ، ولكن تجوز الإجابة لا سيما إذا كان في هذا مصلحة ، يعني لو دعاك كافر إلى وليمة عرس فلا بأس أن تجيب ، لا سيما إن كان في ذلك مصلحة كتأليفه إلى الإسلام ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يهودياً دعاه في المدينة ، فأجابه ، وجعل له خبزاً من شعير وإهالة سنخة (64) ؛ يعني ودكاً قديماً متغيراً .
وأما اشتراط العدالة : يعني اشتراط أن يكون الداعي عدلاً فليس بشرط ، فتجوز إجابة دعوة الفاسق إذا دعاك مثل أن يدعوك إنسان قليل الصلاة مع الجماعة ، أو حليق اللحية ، أو شارب دخان ، فأجبه كما تجيب من كان سالماً من ذلك .
لكن إن كان عدم الإجابة يفضي إلى مصلحة بحيث يخجل هذا الداعي ويترك المعصية التي كان يعتادها حيث الناس لا يجيبون دعوته ، فلا تجب دعوته من أجل مصلحته ، أما إذا كان لا يستفيد سواء أجبته أو لم تجبه ، فأجب الدعوة لأنه مسلم .
الشرط الثاني : أن يكون ماله حلالاً ؛ فإن كان ماله حراماً كالذي يكتسب المال بالربا ؛ فإنه لا تجب إجابته لأن ماله حرام ، والذي ماله حرام ينبغي للإنسان أن يتورع عن أكل ماله ، ولكنه ليس بحرام ، يعني لا يحرم عليك أن تأكل من مال من كسبه حرام ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من طعام اليهود وهم يأكلون الربا ؛ يأخذونه ويتعاملون به . لكن الورع أن لا تأكل ممن ماله حرام .
أما إذا كان في ماله حرام يعني ماله مختلط ؛ يتجر تجارة حلالاً ويكتسب كسباً محرماً ؛ فلا بأس من إجابته ، و لا تتورع عن ماله ؛ لأنه لا يسلم كثير من الناس اليوم من أن يكون في ماله حرام ، فمن الناس من يغش فيكتسب من حرام ، ومنهم من يرابي في بعض الأشياء ، ومنهم الموظفون ، وكثير من الموظفين لا يقومون بواجب الوظيفة ، فتجده يتأخر عن الدوام ، أو يتقدم فيخرج قبل وقت انتهاء الدوام ، وهذا ليس راتبه حلالاً ؛ بل إنه يأكل من الحرام بقدر ما نقص من عمل الوظيفة ؛ لأنه ملتزم بالعقد مع الحكومة مثلاً أنه يقوم بوظيفته من كذا إلى كذا ، فلو فتشت الناس اليوم لوجدت كثيراً منهم يكون في ماله دخن من الحرام .
الشرط الثالث : ألا يكون في الدعوة منكر ؛ فإن كان في الدعوة منكر فإنه لا تجب الإجابة ، مثل لو علمت أنهم سيأتون بمغنين ، أو عندهم شيش يشربها الحاضرون ، أو عندهم شراب دخان فلا تجب إلا إذا كنت قادراً على تغيير هذا المنكر ، فإنه يجب عليك الحضور لسببين :
السبب الأول : إزالة المنكر .
السبب الثاني : إجابة الدعوة .
أما إذا كنت ستحضر ولكن لا تستطيع تغيير المنكر ؛ فإن حضورك حرام .
الشرط الرابع : أن يعين المدعو ، ومعنى يعينه أن يقول : يا فلان أدعوك إلى حضورك وليمة العرس . فإن لم يعينه بأن دعا دعوة عامة في مجلس فقال : يا جماعة عندنا حفل زواج ووليمة عرس فاحضروا ، فإنه لا يجب عليك أن تحضر ؛ لأنه دعا دعوة عامة ولم ينص عليك .
فلابد أن يعينه فإن لم يعينه فإنها لا تجب ، ثم إنه ينبغي للإنسان أن يجيب كل دعوة ؛ لأن من حق المسلم على أخيه أن يجيب دعوته ، إلا إذا كان في امتناعه مصلحة راجحة فليتبع المصلحة .
الحمد لله رب العالمين
(61) رواه
مسلم ، كتاب النكاح ، باب استحباب التزويج في شوال . . . ، رقم ( 1432 ) [ 110 ] .
(62) رواه البخاري ، كتاب النكاح ، باب من ترك الدعوة ؛ فقد عصى الله ورسوله ، رقم ( 5177 ) ، ومسلم ، كتاب النكاح ، باب الأمر بإباحة الداعي إلى الدعوة ، رقم ( 1432 ) [ 107 ] .
(63) رواه البخاري ، كتاب البيوع ، باب ما جاء في قول الله تعالى : ( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ . . . ، ) ، ومسلم ، كتاب النكاح ، باب الصدق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم حديد ، رقم ( 1427 ) .
(64) رواه البخاري ، كتاب البيوع ، باب شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة ، رقم ( 2069 ) .
(62) رواه البخاري ، كتاب النكاح ، باب من ترك الدعوة ؛ فقد عصى الله ورسوله ، رقم ( 5177 ) ، ومسلم ، كتاب النكاح ، باب الأمر بإباحة الداعي إلى الدعوة ، رقم ( 1432 ) [ 107 ] .
(63) رواه البخاري ، كتاب البيوع ، باب ما جاء في قول الله تعالى : ( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ . . . ، ) ، ومسلم ، كتاب النكاح ، باب الصدق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم حديد ، رقم ( 1427 ) .
(64) رواه البخاري ، كتاب البيوع ، باب شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة ، رقم ( 2069 ) .
اللهُم إِرحَم
مَوتانا
مِن
المُسلِمين
وَإجمَعنا
بهِم
فيِ
جَنّات
النَعيمْ
.
تقبل الله
منا
ومنكم
صالح
الأعمال
لاتحرمنا التعليق
شرح الحديث النبوى الشريف شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها
Reviewed by احمد خليل
on
2:25:00 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: