شرح الحديث النبوى الشريف كل سلامى من الناس عليه صدقة
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
رحمه الله
شرح أحاديث رياض الصالحين باب الإصلاح بين الناس
شرح أحاديث رياض الصالحين باب الإصلاح بين الناس
شرح الحديث النبوى الشريف كل سلامى من الناس عليه صدقة
جميع احاديث رياض الصالحين موجودة هنا وكلها
فى الصحيحين مع الشرح لها على مدونة فذكر
بسم
الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ، أما بعد
الحديث رقم 253 باب الإصلاح بين
الناس
عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل سلامى من الناس عليه صدقة ، كل يوم تطلع فيه
الشمس تعدل بين الاثنين صدقة ، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها ، أو ترفع له
عليها متاعه صدقه ، والكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة ،
وتميط الأذى عن الطريق صدقة . متفق عليه ( 18 ) .
ومعنى تعدل بينهما : تصلح بينهما بالعدلِ .
الـشـرح
سبق لنا ما ذكره المؤلف من الآية الكريمة الدالة على فضيلة الإصلاح بين الناس ، ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يصبح على كل سلامى من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس ، والسُلامى هي العظام والمفاصل ؛ يعني كل يوم تطلع الشمس ؛ فعلى كل مفصل من مفاصلك صدقة .
قال العلماء من أهل الفقه والحديث : وعدد السلامى في كل إنسان ثلاثمائة وستون عضواً أو مفصلاً ، فعلى كل واحد من الناس أن يتصدق كل يوم تطلع فيه الشمس بثلاثمائة وستين صدقة ، ولكن الصدقة لا تختص بالمال ؛ بل كل ما يقرب إلى الله فهو صدقة بالمعنى العام ؛ لأن فعله يدل على صدق صاحبه في طلب رضوان الله عز وجل .
ثم بيّن صلى الله عليه وسلم هذه الصدقة فقال : تعدل بين اثنين صدقة . يعني رجلان يتخاصمان إليك فتعدل بينهما ؛ تحكم بينهما بالعدل ، وكل ما وافق الشرع فهو عدل ، وكل ما خالف الشرع فهو ظلم وجور .
وعلى هذا فنقول : هذه القوانين التي يحكم بها بعض الناس وهي مخالفة لشريعة الله ليست عدلاً ؛ بل هي جور وظلم وباطل ، ومن حكم بها معتقداً أنها مثل حكم الله أو أحسن منه ؛ فإنه كافر مرتد عن دين الله ؛ لأنه كذب قول الله تعالى : ( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة: 50) ، يعني لا أحد أحسن من الله حكماً ، لكن لا يفهم هذا إلا من يوقن ، أما الذي أعمى الله بصيرته ، فإنه لا يدري بل قد يزين له سوء عمله فيراه حسناً والعياذ بالله .
ومن العدل بين اثنين : العدل بينهما بالصلح ، لأن الحاكم بين الاثنين سواء أكان منصوباً من قبل ولي الآمر، أو غير منصوب قد لا يتبين له وجه الصواب مع أحد الطرفين ، فإذا لم يتبين له، فلا سبيل له إلا الإصلاح ، فيصلح بينهما بقدر ما يستطيع .
وقد سبق لنا أنه لا صلح مع المشاحة ، يعني أن الإنسان إذا أراد أن يعامل أخاه بالمشاحة ، فإنه لا يمكن الصلح ، كما قال تعالى: ( وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ) [النساء:128) يشير إلى أن الصلح ينبغي للإنسان أن يبعد فيه عن الشحّ ، وأن لا يطالب بكامل حقه ؛ لأنه إن طالب بكامل حقه ، طالب الآخر بكامل حقه ولم يحصل بينهما صلح ؛ بل لابد أن يتنازل كل واحد منهم عن بعض حقه .
فإذا لم يكن الحكم بين الناس بالحق ، بل اشتبه على الإنسان إما من حيث الدليل ، أو من حيث حال المتخاصمين ، فليس هناك إلا السعي بينهما بالصلح .
قال عليه الصلاة والسلام : تعدل بين اثنين صدقة ، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعاً صدقة .
هذا أيضاً من الصدقات ؛ أن تعين الرجل في دابته فتحمله عليها إذا كان لا يستطيع أن لا يركبها بنفسه ، أو تحمل له عليها متاعه ، تساعده على حمل المتاع على الدابة فهذا صدقة ، وتميط الأذى عن الطريق صدقة ؛ يعني إذا رأيت ما يؤلم المشاة فأمطته أي : أزلته فهذه صدقة ، سواء كان حجراً ، أم زجاجاً ، أم قشر بطيخ ، أم ثياباً يلتوي بعضها على بعض ، أو ما أشبه ذلك .
والحاصل أن كل ما يؤذي أَزِلْه عن الطريق ، فإنك بذلك تكون متصدقاً ، وإذا كان إماطة الأذى عن الطريق صدقة ؛ فإن إلقاء الأذى في الطريق سيئة .
ومن ذلك من يلقون قمامتهم في وسط الشارع ، أو يتركون المياه تجري في الأسواق فتؤذي الناس ، مع أن في ترك المياه مفسدة أخرى ، وهي استنفاد الماء ؛ لأن الماء مخزون في الأرض ، قال الله تعالى : ) فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) [الحجر: 22( ، والمخزون ينفد .
ولهذا نرى أن الذي يترك المياه ويسرف في صرفها ولا يبالي في ضياعها مسيء إلى كل الأمة ؛ لأن الماء مشترك ، فإذا أسأت في تصريفه وأنفقته ولم تبال به كنت مسرفاً ، والله لا يحب المسرفين ، وكنت مسيئاً لتهديد الأمة قي نقص مائها أو زواله ، وهذا ضرر عام .
والحاصل أن الذين يلقون في الأسواق ومسار الناس ما يؤذيهم هم مسيئون، والذين يزيلون ذلك هم متصدقون.
وتميط الأذى عن الطريق صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وهذه ـ ولله الحمد ـ من أعم ما يكون . الكلمة الطيبة تنقسم إلى قسمين : طيبة بذاتها ، طيبة بغاياتها .
أما الطيبة بذاتها فالذكر : لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الحمد لله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، وأفضل الذكر قراءة القرآن .
وأما الكلمة الطيبة في غايتها فهي الكلمة المباحة كالتحدث مع الناس ، إذا قصدت بهذا إيناسهم وإدخال السرور عليهم ، فإن هذا الكلام وإن لم يكن طيباً بذاته لكنه طيب في غاياته ، في إدخال السرور على إخوانك ، وإدخال السرور على إخوانك مما يقربك إلى الله عز وجل ، فالكلمة الطيبة صدقة وهذا من أعم ما يكون .
ثم قال وفي كل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة .
كل خطوة : خطوة ـ بالفتح ـ يعني خطوة واحد تخطوها إلى الصلاة ففيها صدقة . عد الخطى من بيتك إلى المسجد تجدها كثيرة ومع ذلك كل خطوة فهي صدقة لك ، إذا خرجت من بيتك مسبغاً الوضوء ، لا يخرجك من بيتك إلى المسجد إلا الصلاة ، فإن كل خطوة صدقة ، وكل خطوة تخطوها يرفع الله لك بها درجة ، ويحط عنك بها خطيئة . وهذا فضل عظيم .
أسبغ الوضوء في بيتك ، واخرج إلى المسجد ، لا يخرجك إلا الصلاة ، وأبشر بثلاث فوائد :
الأولى : صدقة ، والثانية : رفع درجة ، والثالثة : حطّ خطيئة .
كل هذا من نعم الله عز وجل ، والله الموفق .
ومعنى تعدل بينهما : تصلح بينهما بالعدلِ .
الـشـرح
سبق لنا ما ذكره المؤلف من الآية الكريمة الدالة على فضيلة الإصلاح بين الناس ، ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يصبح على كل سلامى من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس ، والسُلامى هي العظام والمفاصل ؛ يعني كل يوم تطلع الشمس ؛ فعلى كل مفصل من مفاصلك صدقة .
قال العلماء من أهل الفقه والحديث : وعدد السلامى في كل إنسان ثلاثمائة وستون عضواً أو مفصلاً ، فعلى كل واحد من الناس أن يتصدق كل يوم تطلع فيه الشمس بثلاثمائة وستين صدقة ، ولكن الصدقة لا تختص بالمال ؛ بل كل ما يقرب إلى الله فهو صدقة بالمعنى العام ؛ لأن فعله يدل على صدق صاحبه في طلب رضوان الله عز وجل .
ثم بيّن صلى الله عليه وسلم هذه الصدقة فقال : تعدل بين اثنين صدقة . يعني رجلان يتخاصمان إليك فتعدل بينهما ؛ تحكم بينهما بالعدل ، وكل ما وافق الشرع فهو عدل ، وكل ما خالف الشرع فهو ظلم وجور .
وعلى هذا فنقول : هذه القوانين التي يحكم بها بعض الناس وهي مخالفة لشريعة الله ليست عدلاً ؛ بل هي جور وظلم وباطل ، ومن حكم بها معتقداً أنها مثل حكم الله أو أحسن منه ؛ فإنه كافر مرتد عن دين الله ؛ لأنه كذب قول الله تعالى : ( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة: 50) ، يعني لا أحد أحسن من الله حكماً ، لكن لا يفهم هذا إلا من يوقن ، أما الذي أعمى الله بصيرته ، فإنه لا يدري بل قد يزين له سوء عمله فيراه حسناً والعياذ بالله .
ومن العدل بين اثنين : العدل بينهما بالصلح ، لأن الحاكم بين الاثنين سواء أكان منصوباً من قبل ولي الآمر، أو غير منصوب قد لا يتبين له وجه الصواب مع أحد الطرفين ، فإذا لم يتبين له، فلا سبيل له إلا الإصلاح ، فيصلح بينهما بقدر ما يستطيع .
وقد سبق لنا أنه لا صلح مع المشاحة ، يعني أن الإنسان إذا أراد أن يعامل أخاه بالمشاحة ، فإنه لا يمكن الصلح ، كما قال تعالى: ( وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ) [النساء:128) يشير إلى أن الصلح ينبغي للإنسان أن يبعد فيه عن الشحّ ، وأن لا يطالب بكامل حقه ؛ لأنه إن طالب بكامل حقه ، طالب الآخر بكامل حقه ولم يحصل بينهما صلح ؛ بل لابد أن يتنازل كل واحد منهم عن بعض حقه .
فإذا لم يكن الحكم بين الناس بالحق ، بل اشتبه على الإنسان إما من حيث الدليل ، أو من حيث حال المتخاصمين ، فليس هناك إلا السعي بينهما بالصلح .
قال عليه الصلاة والسلام : تعدل بين اثنين صدقة ، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعاً صدقة .
هذا أيضاً من الصدقات ؛ أن تعين الرجل في دابته فتحمله عليها إذا كان لا يستطيع أن لا يركبها بنفسه ، أو تحمل له عليها متاعه ، تساعده على حمل المتاع على الدابة فهذا صدقة ، وتميط الأذى عن الطريق صدقة ؛ يعني إذا رأيت ما يؤلم المشاة فأمطته أي : أزلته فهذه صدقة ، سواء كان حجراً ، أم زجاجاً ، أم قشر بطيخ ، أم ثياباً يلتوي بعضها على بعض ، أو ما أشبه ذلك .
والحاصل أن كل ما يؤذي أَزِلْه عن الطريق ، فإنك بذلك تكون متصدقاً ، وإذا كان إماطة الأذى عن الطريق صدقة ؛ فإن إلقاء الأذى في الطريق سيئة .
ومن ذلك من يلقون قمامتهم في وسط الشارع ، أو يتركون المياه تجري في الأسواق فتؤذي الناس ، مع أن في ترك المياه مفسدة أخرى ، وهي استنفاد الماء ؛ لأن الماء مخزون في الأرض ، قال الله تعالى : ) فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) [الحجر: 22( ، والمخزون ينفد .
ولهذا نرى أن الذي يترك المياه ويسرف في صرفها ولا يبالي في ضياعها مسيء إلى كل الأمة ؛ لأن الماء مشترك ، فإذا أسأت في تصريفه وأنفقته ولم تبال به كنت مسرفاً ، والله لا يحب المسرفين ، وكنت مسيئاً لتهديد الأمة قي نقص مائها أو زواله ، وهذا ضرر عام .
والحاصل أن الذين يلقون في الأسواق ومسار الناس ما يؤذيهم هم مسيئون، والذين يزيلون ذلك هم متصدقون.
وتميط الأذى عن الطريق صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وهذه ـ ولله الحمد ـ من أعم ما يكون . الكلمة الطيبة تنقسم إلى قسمين : طيبة بذاتها ، طيبة بغاياتها .
أما الطيبة بذاتها فالذكر : لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الحمد لله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، وأفضل الذكر قراءة القرآن .
وأما الكلمة الطيبة في غايتها فهي الكلمة المباحة كالتحدث مع الناس ، إذا قصدت بهذا إيناسهم وإدخال السرور عليهم ، فإن هذا الكلام وإن لم يكن طيباً بذاته لكنه طيب في غاياته ، في إدخال السرور على إخوانك ، وإدخال السرور على إخوانك مما يقربك إلى الله عز وجل ، فالكلمة الطيبة صدقة وهذا من أعم ما يكون .
ثم قال وفي كل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة .
كل خطوة : خطوة ـ بالفتح ـ يعني خطوة واحد تخطوها إلى الصلاة ففيها صدقة . عد الخطى من بيتك إلى المسجد تجدها كثيرة ومع ذلك كل خطوة فهي صدقة لك ، إذا خرجت من بيتك مسبغاً الوضوء ، لا يخرجك من بيتك إلى المسجد إلا الصلاة ، فإن كل خطوة صدقة ، وكل خطوة تخطوها يرفع الله لك بها درجة ، ويحط عنك بها خطيئة . وهذا فضل عظيم .
أسبغ الوضوء في بيتك ، واخرج إلى المسجد ، لا يخرجك إلا الصلاة ، وأبشر بثلاث فوائد :
الأولى : صدقة ، والثانية : رفع درجة ، والثالثة : حطّ خطيئة .
كل هذا من نعم الله عز وجل ، والله الموفق .
الحمد لله رب العالمين
( 18 ) رواه البخاري ، كتاب الجهاد والسير ، باب من أخذ بالركاب ونحوه ،
رقم ( 2989 ) ، ومسلم ، وكتاب الزكاة ، باب بيان أن اسم
الصدقة يقع على كل نوع من ، رقم ( 1009 ) .
اللهُم إِرحَم مَوتانا مِن المُسلِمين وَإجمَعنا
بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ .
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
لاتحرمنا التعليق
شرح الحديث النبوى الشريف كل سلامى من الناس عليه صدقة
Reviewed by احمد خليل
on
7:36:00 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: