شرح حديث / إن الدنيا حلوة خضرة
أحاديث
رياض الصالحين باب التقوى
شرح
العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح
حديث /
إن الدنيا حلوة خضرة
أحاديث رياض الصالحينباب التقوى الحديث 71
عن
أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي ﷺ
قال: (إن الدنيا حلوة خَضِرة، وإن الله مُسْتخْلِفكم
فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل
كانت في النساء) رواه مسلم.
الشرح
هذا
الحديث ساقه المؤلف-رحمه الله-لما فيه من أمر النبي ﷺ
بالتقوى، بعد أن ذكر حال الدنيا فقال: (إن الدنيا
حُلوة خَضِرَة) حلوة في المذاق خضرة
في المرأى، والشيء إذا كان خضرًا حلوًا فإن العين تطلبه أولا، ثم تطلبه النفس
ثانيا، والشيء إذا
اجتمع فيه طلب العين وطلب النفس، فإنه يُوشِكُ للإنسان أن يقع فيه. فالدنيا حلوة
في مذاقها، خضرة في مرآها، فيغترُّ
الإنسان بها وينهمك فيها ويجعلها أكبر همه، ولكن النبي ﷺ
بيَّن أن الله-تعالى -مستخلفنا فيها فينظر كيف نعمل، فقال: (إن الله تعالى مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون) هل
تقومون بطاعته، وتنهون النفس عن الهوى، وتقومون بما أوجب
الله عليكم، ولا تغترون بالدنيا، أو أنَّ الأمر بالعكس؟ ولهذا قال: (فاتقوا الدنيا) أي: قوموا بما أمركم به، واتركوا ما
نهاكم عنه، ولا تغرَّنكم حلاوة الدنيا ونضرتها. كما قال تعالى:﴿ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا
يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾]
لقمان: 33[ثم قال: (فاتقوا
الدنيا واتقوا النساء) اتقوا النساء، أي: احذروهن وهذا يشمل الحذر من
المرأة في كيدها مع زوجها، ويشمل
أيضا الحذر من النساء وفتنتهن، ولهذا قال: (فإن أول
فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) فافتتنوا في النساء، فضلُّوا وأضلوا-والعياذ
بالله-ولذلك نجد أعداءنا وأعداء ديننا-أعداء شريعة الله عز وجل -يُركِّزون اليوم
على مسألة النساء، وتبرجهن،
واختلاطهن بالرجال، ومشاركتهن للرجال في الأعمال، حتى يصبح الناس كأنهم الحمير، لا
يهمهم إلا بطونهم وفروجهم
والعياذ بالله، وتصبح النساء وكأنهن دُمَى، أي صور، لا يهتم الناس إلا بشكل
المرأة، كيف يُزيِّنونها، وكيف يجمِّلونها، وكيف يأتون لها بالمجَمِّلات
والمحسِّنات، وما يتعلق بالشعر، وما يتعلق بالجلد، ونتف الشعر، والساق، والذراع،
والوجه، وكل شيء، حتى يجعلوا أكبر همِّ النساء أن تكون المرأة كالصورة من
البلاستيك. لا يهمها عبادة ولا يهمها أولاد.
ثم
إن أعداءنا-أعداء دين الله، وأعداء شريعته، وأعداء الحياء-يريدون أن يُقحِموا
المرأة في وظائف الرجال، حتى يُضيِّقوا على الرجال الخناق، ويجعلوا الشباب
يتسكَّعون في الأسواق، ليس لهم
شغل، ويحصل من فراغهم هذا شر كبير وفتنة عظيمة، لأن الشباب والفراغ والغنى من أعظم
المفاسد كما قيل: إنَّ
الشَّبــاب والفــراغَ والجِـــده مفســدةٌ للمــرء أيُّ مَفْسَــده.
فهم
يُقحمون النساء الآن بالوظائف الرجالية ويدَعون الشباب، ليفسد الشباب وليفسد
النساء. أتدرون ماذا يحدث؟ يحدث بتوظيفهن
مع الرجال مفسدة الاختلاط، ومفسدة الزنا والفاحشة، سواء في زنى العين، أو زنى
اللسان، أو زنى اليد، أو زنى الفرج،
كل ذلك محتمل إذا كانت المرأة مع الرجل في الوظيفة. وما أكثر الفساد في البلاد
التي يتوظَّف الرجال فيها مع النساء.
ثم إن المرأة إذا وُظِّفت، فإنها سوف تَنعَزِل عن بيتها، وعن زوجها، وتصبح الآسرة
متفكِّكَة، ثم إنها إذا وُظِّفت سوف يحتاج البيت إلى خادم، وحينئذٍ نستجلب نساء
العالم من كل مكان، وعلى كل دين، وعلى كل خُلُق، ولو كان الدين على غير دين
الإسلام، ولو كان الخلُق خلقا فاسدا، نستجلب النساء ليكُنَّ خدما في البيوت، ونجعل
نساءنا تعمل في محل رجالنا، فنعطل رجالنا ونُشغل نساءنا، وهذا أيضا فيه مفسدة
عظيمة وهي تفكك الأسرة، لأن الطفل إذا نشأ وليس أمامه إلا الخادم، نَسِيَ أمه
ونَسِيَ أباه، وفقد الطفل تعلقه بهما.
ففسدت
البيوت، وتشتت الأسر، وحصل في ذلك من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله.
ولا
شك أن أعداءنا وأذناب أعداءنا_ لأنه يوجد فينا أذناب لهؤلاء الأعداء، درسوا عندهم
وتلطَّخوا بأفكارهم السيئة، ولا أقول إنهم غسلوا أدمغتهم، بل أقول إنهم لوَّثوا
أدمغتهم بهذه الأفكار الخبيثة المعارضة لدين الإسلام -قد يقولون: إن هذا لا يعارض
العقيدة، بل نقول إنه يهدم العقيدة، ليس معارضة العقيدة بإن يقول الإنسان بأن الله
له شريك، أو أن الله ليس موجودا وما أشبهه فحسب، بل هذه المعاصي تهدم العقيدة
هدما، لأن الإنسان يبقى ويكون كأنه ثور أو حمار، لا يهتم بالعقيدة ولا بالعبادة،
لأنه متعلق بالدنيا وزخارفها وبالنساء، وقد جاء في الحديث الصحيح:
(ما تركتُ بَعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء(.
ولهذا
يجب علينا نحن -ونحن -والحمد لله-أمة مسلمة-أن نعارض هذه الأفكار، وأن نقف ضدها في
كل مكان وفي كل مناسبة، علما بأنه يوجد عندنا قوم -لا كثرهم الله ولا أنالهم مقصدهم
-يريدون هذا الأمر، ويريدون الفتنة والشر لهذا البلد المسلم المسالم المحافظ،
لأنهم يعلمون أن آخر معقل للمسلمين هو هذه البلاد، التي تشمل مقدسات المسلمين،
وقبلة المسلمين،
ليفسدوها حتى تفسد الأمة الإسلامية كلها، فكل الأمة الإسلامية
ينظرون إلى هذه البلاد ماذا تفعل، فإذا انهدم الحياء والدين في هذه البلاد فسلام
عليهم، وسلام على الدين والحياء.
لهذا
أقول، يا إخواني، يجب علينا شبابا، وكهولا، وشيوخا، وعلماء، ومتعلمين، أن نعارض
هذه الأفكار، وأن نقيم
الناس كلهم ضدَّها، حتى لا تسري فينا سريان النار في الهشيم فتحرقنا، نسأل الله
تعالى أن يجعل كيد هؤلاء الذين يدبِّرون مثل هذه الأمور في نحورهم، وأن لا
يُبلِّغهم منالهم، وأن يكبتهم برجال صالحين حتى تخمد فتنتهم، إنه جواد كريم.
شرح حديث / إن الدنيا حلوة خضرة
Reviewed by احمد خليل
on
12:28:00 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: