Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث / إن بالمدينة لرجالًا ما سرتم مسيرًا

باب الإخلاص وإحضار النية

شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله

شرح - حديث - / إن - بالمدينة - لرجالاً - ما - سرتم - مسيراً
شرح حديث / إن بالمدينة لرجالًا ما سرتم مسيرًا

أحاديث رياض الصالحين: باب الإخلاص وإحضار النية

 

٤ - وعَنْ أبي عَبْدِ اللَّهِ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ -رضِيَ اللهُ عنْهُمَا- قَالَ: كُنَّا مَع النَّبِيِّ في غَزَاة فَقَالَ: «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلاَّ كانُوا مَعكُم حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ». وَفِي روايَةِ: «إِلاَّ شَركُوكُمْ في الأَجْر» رَواهُ مُسْلِمٌ.

ورواهُ البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مَعَ النَّبِيِّ فَقَالَ: «إِنَّ أَقْوَامَا خلْفَنَا بالمدِينةِ، مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلاَ وَادِيًا إِلاَّ وَهُمْ مَعَنَا، حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ».

 

الشرح:

قوله: (في غزاة) أي: في غزوة.

فمعنى الحديث أن الإنسان إذا نَوَى العمل الصالح، ولكنه حَبَسه عنه حابس فإنه يُكتب له أجر ما نوى.

أما إذا كان يعمله في حال عدم العذر؛ أي: لما كان قادرًا كان يعمله، ثم عجز عنه فيما بعد؛ فإنَّه يُكتب له أجر العمل كاملًا، لأن النبي قال: «إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا» فالمُتمنِّي للخير، الحريص عليه؛ إن كان من عادته أنه كان يعمله، ولكنَّه حبسه عنه حابس، كُتِبَ له أجره كاملًا.

 

فمثلًا: إذا كان الإنسان من عادته أن يصلي مع الجماعة في المسجد، ولكنه حبسه حابس، كنوم أو مرض، أو ما أشبهه فإنه يكتب له أجر المصلي مع الجماعة تمامًا من غير نقص.

وكذلك إذا كان الإنسان من عادته أن يصلي تطوعًا، ولكنه منعه منه مانع، ولم يتمكن منه؛ فإنه يكتب له أجره كاملًا، وكذلك إن كان من عادته أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، ثم عجز عن ذلك، ومنعه مانع، فإنه يُكتب له الأجر كاملًا.

وغيره من الأمثلة الكثيرة.

أما إذا كان ليس من عادته أن يفعله؛ فإنه يكتب له أجر النية فقط، دون أجر العمل.

 

ودليل ذلك: أن فقراء الصحابة -رضي الله عنهم- قالوا: يا رسول الله سَبَقَنا أهل الدُّثور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم يعني: أن أهل الأموال سبقوهم بالصدقة والعتق فقال النبي : «أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد إلا من عمل مثل ما عملتم! فقال: تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين» ففعلوا، فعلم الأغنياء بذلك؛ ففعلوا مثلما فعلوا، فجاء الفقراء إلى الرسول وقالوا: يا رسول الله سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا؛ ففعلوا مثله، فقال النبي : «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» والله ذو الفضل العظيم. ولم يقل لهم: إنكم أدركتم أجر عملهم، ولكن لا شك أن لهم أجر نية العمل.

 

ولهذا ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- فيمن آتاه الله مالًا؛ فجعل ينفقه في سبل الخير، وكان رجل فقير يقول: لو أن لي مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان، قال النبي : «فهو بنيته فأجرهما سواء» أي: سواء في أجر النية، أما العمل فإنه لا يكتب له أجره إلا إن كان من عادته أن يعمله.

 

وفي هذا الحديث: إشارة إلى من يخرج في سبيل الله، في الغزو، والجهاد في سبيل الله، فإن له أجر ممشاه، ولهذا قال النبي : «ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا ولا شعبا إلا وهم معكم».

ويدل لهذا قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلا إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [التوبة: ١٢٠-١٢١]، ونظير هذا: أن الرجل إذا توضأ في بيته فأسبغ الوضوء، ثم خرج إلى المسجد؛ لا يخرجه إلا الصلاة؛ فإنه لا يخطو خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحطَّ عنه بها خطيئة.

وهذا من فضل الله -عز وجل- أن تكون وسائل العمل فيها هذا الأجر الذي بيَّنها الرسول . والله الموفق.


الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

شرح حديث / إن بالمدينة لرجالًا ما سرتم مسيرًا Reviewed by احمد خليل on 5:40:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.