شرح حديث/ إنما الأعمال بالنيات
باب الإخلاص وإحضار النية
الدرر السنية
شرح
حديث/ إنما الأعمال بالنيات
أحاديث رياض الصالحين: باب الإخلاص
وإحضار النية.
١- وعَنْ أَميرِ الْمُؤْمِنِينَ أبي
حفْصٍ عُمرَ بنِ الْخَطَّابِ بْن نُفَيْل بْنِ عبد الْعُزَّى بن رياحِ بْن عبد
اللَّهِ بْن قُرْطِ بْنِ رَزاحِ بْنِ عَدِيِّ بْن كَعْبِ بْن لُؤَيِّ بنِ غالبٍ
القُرَشِيِّ العدويِّ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ- قالَ: سمعْتُ رسُولَ اللهِ ﷺ يقُولُ: «إنَّما
الأَعمالُ بالنِّيَّات، وإِنَّمَا لِكُلِّ امرئٍ مَا نَوَى، فمنْ كانَتْ هجْرَتُهُ
إِلَى الله ورَسُولِهِ فهجرتُه إلى الله ورسُولِهِ، ومنْ كاَنْت هجْرَتُه لدُنْيَا
يُصيبُها، أَو امرَأَةٍ يَنْكحُها فهْجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَر إليْهِ» [١] متَّفَقٌ عَلَى صحَّتِه.
رواهُ إِماما المُحَدِّثِين: أَبُو عبد
الله مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعيل بْن إِبْراهيمَ بْن الْمُغيرة بْن برْدزْبَهْ
الْجُعْفِيُّ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِى مُسْلمُ بْن الْحَجَّاجِ بْنِ
مُسلمٍ القُشَيْريُّ النَّيْسَابُوريُّ -رَضَيَ اللهُ عَنْهُمَا- فِي صَحيحيهِما
اللَّذَيْنِ هما أَصَحُّ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَة.
الشرح:
هذا
الحديثُ قاعدةٌ مِن قواعدِ الإسلامِ، وأصلٌ مِن أصولِ الشَّريعةِ حتَّى قِيلَ فيه:
إنَّه ثلثُ العلمِ، حيثُ قال فيه ﷺ:
"الأعمالُ بِالنِّيَّةِ، ولكلِّ امرئٍ ما نوى"، أي: لا تصحُّ جميعُ
العباداتِ الشَّرعيَّةِ إلَّا بوجودِ النِّيَّةِ فيها، "ولِكلِّ أمرِئٍ ما
نوى"، أي: وإنَّما يعودُ على المسلمِ مِن عملِه ما قصدَه منه، والحُكمُ في
هذه العبارةِ عامٌّ في جميعِ الأعمالِ مِنَ العباداتِ والمعاملاتِ والأعمالِ
العاديَّةِ فمَنْ قصَدَ بِعملِه منفعةً دنيويَّةً لم يَنلْ إلَّا تلكَ المنفعةَ
ولو كان عبادةً فَلا ثوابَ له عليها، ومَن قصَدَ بِعملِه التَّقرُّبَ إلى اللهِ
تعالى، وابتغاءَ مَرضاتِه نالَ مِن عَملِه الْمَثوبةَ والأجرَ ولو كان عملًا
عاديًّا كالأكلِ والشُّربِ، ثُمَّ ضرَبَ ﷺ الأمثلةَ
العمليَّةَ لِبيانِ تأثيرِ النِّيَّاتِ في الأعمالِ حيثُ قال: " فمَنْ كانت
هِجرتُه إلى اللهِ ورسولِه فهجرتُه إلى اللهِ ورسولِه "، أي: فمَنْ قصَدَ
بِهجرتِه امتثالَ أمْرِ ربِّهِ، وابتغاءَ مَرضاتِه، والفرارَ بِدِينِه مِنَ الفتنِ
فهجرتُه هجرةٌ شرعيَّةٌ مقبولةٌ عند اللهِ تعالى، "ومَن كانت هجرتُه لِدنيا
يُصيبُها"، أي: ومَن قصدَ بِهجرتِه منفعةً دُنيويَّةً وغرضًا شخصيًّا مِن
مالٍ أو تجارةٍ أو زوجةٍ حسناءَ، "فهجرتُه إلى ما هاجَرَ إليه"، أي: فلا
ينالُ مِن هجرتِه إلَّا تلك المنفعةَ الَّتي نواها، ولا نصيبَ له مِنَ الأجرِ
والثَّوابِ.
[١] صحيح البخاري: (١)، (٦٦٨٩)، ومسلم: (١٩٠١).
الْحمْد لِلَّه ربِّ
الْعالمين
اللَّهمَّ
اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل
اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال
ليست هناك تعليقات: