باب تحريم إحداد المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام

باب تحريم إحداد المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام
المؤلف احمد خليل
تاريخ النشر
آخر تحديث

شرح العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

باب – تحريم – إحداد – المرأة – على – ميت – فوق – ثلاثة - أيام

باب تحريم إحداد المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام

أحاديث رياض الصالحين: كتاب الأمور المنهي عنها: باب تحريم إحداد المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام.

١٧٨٣- عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبي سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا، قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ حِينَ تُوُفِّي أَبُوها أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، فدَعَتْ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةُ خَلُوقٍ أَوْ غَيْرِهِ، فدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْها. ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَالي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يقُولُ عَلى المِنْبرِ: «لا يحِلُّ لامْرأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، إِلاَّ عَلى زَوْجٍ أَرْبَعَة أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» قَالَتْ زَيْنَبُ: ثُمَّ دَخَلْتُ عَلى زَيْنَبَ بنْتِ جَحْش رَضِيَ اللَّه عَنْهَا، حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْه، ثُمَّ قَالَتْ: أَمَا وَاللَّهِ مَالي بِالطِّيبِ مِنْ حاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه يَقُولُ عَلى المِنْبَر: «لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْم الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ إِلاَّ عَلى زوجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» [١] متفقٌ عليه.


الشيخ:
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذان الحديثان: حديث زينب بنت أبي سلمة عن أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، وعن أبيها، وعن زينب بنت جحش رضي الله عنهما، وهما من أمهات المؤمنين من أزواج النبي زينب وأم حبيبة تقول زينب: دخلت عليهما بعد موت والد أم حبيبة وموت أخي زينب فدعت كل واحدة بطيب وتمسحت به، وقالت: ما لي بالطيبة من حاجة الآن، ولكني سمعت النبي يقول: "لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا" كما هو نص القرآن، يقول الله جَلَّ وَعَلَا: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] فالزوجة عليها أن تعتد أربعة أشهر وعشرًا على زوجها إذا مات، وعليها أن تحد أيضًا عليه المدة كلها أربعة أشهر وعشرًا، والإحداد ترك الزينة والطيب والكحل والحلي والملابس الجميلة، هذا الإحداد المتوفى عنها إذا مات عنها زوجها تلاحظ خمسة أمور:


الأول: بقاءها في البيت إلا من حاجة، تبقى في بيتها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه إلا من حاجة، مثل خروجها للمستشفى أو لمحكمة أو لحاجة في السوق أو نحو ذلك.

الأمر الثاني: عدم الملابس الجميلة؛ لأن الرسول نهى أن تلبس ثوب عصب، يعني: ثوب مصبوغ صبغ للجمال.

والثالث: عدم الحلي من ذهب أو فضة.

والرابع: عدم التكحل.

والخامس: عدم الطيب.

 

هذه المحادة على الزوج أربعة أشهر وعشرًا، أما الأقارب ثلاثة أيام فقط، المرأة تحد على أقاربها ثلاثة أيام، لا بأس أخوها، أبوها، ولدها، عمها، لا بأس ثلاثة أيام؛ لأنه قال: "لا تحد المرأة على الميت فوق ثلاث إلا على زوج" ولهذا لما مات أبو سفيان حادت عليه ابنته أم حبيبة ثلاثة أيام، وهكذا زينب بنت جحش حادت على أخيها ثلاثة أيام، فلا بأس إذا مات أخوها أو أبوها أن تترك الزينة والطيب ثلاثة أيام، لا بأس لقوله : "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث" دل على أن الثلاث لا بأس بها إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا، أما الرجل ليس له إحداد، الرجل لا يحد على ميت، لا على زوجة ولا على قريب، بل يبقى على حاله، لكن النساء؛ لأنه يغلب عليهن قلة الصبر وعدم التحمل جبرهن الله بالإحداد على الزوج أربعة أشهر وعشرًا، وعلى القريب ثلاثة أيام فقط؛ ولأن الزوج له حرمة فجعل هذا الإحداد من حماية الرحم، ومن إظهار حق الزوج، ومن أسباب البعد عن الشر والريبة في حق المعتدة؛ لأن التجمل والزينة قد يدعو إلى الطمع فيها، والإحداد من أسباب السلامة وإظهار الحزن على زوجها وإظهار منزلته، فمن رحمة الله أن جعل هذه المدة براءة للرحم، وحماية للزوجة من أسباب الشر للزوج الذي مات عنها، رحمة من الله جَلَّ وَعَلَا للجميع، وحماية للأرحام؛ لأنه قد يكون فيها ولد فيتبين بعد أربعة أشهر وعشرًا. وفق الله الجميع.

 

[١] صحيح البخاري: (٥٣٣٥)، مسلم: (١٤٨٦).


الْحمْد لِلَّه ربِّ الْعالمين

اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم

تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال

تعليقات

عدد التعليقات : 0