فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
باب من لم ير غسل الشهداء
فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ الجَنَائِزِ: بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ.
١٣٤٦- حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ،
حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ
مَالِكٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
«ادْفِنُوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ» يَعْنِي
يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ.
الشرح:
قوله: (باب من لم ير غسل الشهداء) في
نسخة "الشهيد" بالإفراد. أشار بذلك إلى ما روي عن سعيد بن
المسيب أنه قال: يغسل الشهيد؛ لأن كل ميت يجنب فيجب غسله، حكاه ابن المنذر،
قال: وبه قال الحسن البصري. ورواه ابن
أبي شيبة عنهما، أي عن سعيد، والحسن، وحكي عن ابن
سريج من الشافعية وعن غيره، وهو من الشذوذ. وقد وقع عند أحمد من
وجه آخر عن جابر أن النبي ﷺ قال
في قتلى أُحد: لا
تغسلوهم، فإن كل جرح، أو كل دم، يفوح مسكا يوم القيامة. ولم يصل عليهم، فبين
الحكمة في ذلك.
ثم أورد المصنف
حديث جابر المذكور قبل مختصرا بلفظ: "ولم يغسلهم". واستدل
بعمومه على أن الشهيد لا يغسل حتى ولا الجنب والحائض، وهو الأصح عند
الشافعية، وقيل: يغسل للجنابة لا بنية غسل الميت، لما روي في قصة حنظلة بن
الراهب أن الملائكة غسلته يوم أحد لما استشهد وهو جنب، وقصته
مشهورة، رواها ابن إسحاق وغيره، وروى الطبراني وغيره من
حديث ابن عباس بإسناد لا بأس به عنه قال: أصيب حمزة بن عبد
المطلب، وحنظلة بن الراهب وهما جنب، فقال رسول الله ﷺ: رأيت الملائكة تغسلهما غريب في ذكر حمزة،
وأجيب: بأنه لو كان واجبا ما اكتفي فيه بغسل الملائكة، فدل على سقوطه عمن يتولى
أمر الشهيد. والله أعلم.
الْحمْد لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا
بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال