باب رثاء النبي صلى الله عليه وسلم سعد ابن خولة

باب رثاء النبي صلى الله عليه وسلم سعد ابن خولة
المؤلف احمد خليل
تاريخ النشر
آخر تحديث

فتح الباري شرح صحيح البخاري

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

باب – رثاء – النبي – صلى – الله – عليه – وسلم – سعد – ابن - خولة

باب رثاء النبي صلى الله عليه وسلم سعد ابن خولة

 فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ الجَنَائِزِ: بَابُ رِثَاءِ النَّبِيِّ سَعْدَ ابْنَ خَوْلَةَ.

١٢٩٥- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ بَلَغَ بِي مِنَ الوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: «لاَ» فَقُلْتُ: بِالشَّطْرِ؟ فَقَالَ: «لاَ» ثُمَّ قَالَ: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ -أَوْ كَثِيرٌ- إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَالَ: «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، ثُمَّ لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ البَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ» يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ.

 

الشرح:

قوله: (باب رثاء النبي سعد بن خولة) سعد: بالنصب على المفعولية، وخولة بفتح المعجمة، وسكون الواو. والرثاء: بكسر الراء، وبالمثلثة بعدها: مدة مدح الميت، وذكر محاسنه، وليس هو المراد من الحديث، حيث قال الراوي: "يرثي له رسول الله ". ولهذا اعترض الإسماعيلي الترجمة فقال: ليس هذا من مراثي الموتى، وإنما هو من التوجع. يقال: رثيته إذا مدحته بعد موته ورثيت له إذا تحزنت عليه. ويمكن أن يكون مراد البخاري هذا بعينه، كأنه يقول ما وقع من النبي فهو من التحزن والتوجع، وهو مباح، وليس معارضا لنهيه عن المراثي التي هي ذكر أوصاف الميت الباعثة على تهييج الحزن وتجديد اللوعة، وهذا هو المراد بما أخرجه أحمد، وابن ماجه وصححه الحاكم من حديث عبد الله بن أبي أوفى قال: نهى رسول الله عن المراثي. وهو عند ابن أبي شيبة بلفظ: "نهانا أن نتراثى". ولا شك أن الجامع بين الأمرين التوجع والتحزن. ويؤخذ من هذا التقرير مناسبة إدخال هذه الترجمة في تضاعيف التراجم المتعلقة بحال من يحضر الميت.


قوله: (أن مات) بفتح الهمزة ولا يصح كسرها؛ لأنها تكون شرطية، والشرط لما يستقبل، وهو قد كان مات، والمعنى أن سعد بن خولة، وهو من المهاجرين من مكة إلى المدينة، وكانوا يكرهون الإقامة في الأرض التي هاجروا منها، وتركوها مع حبهم فيها لله تعالى، فمن ثم خشي سعد بن أبي وقاص أن يموت بها، وتوجع رسول الله  لسعد بن خولة لكونه مات بها، وأفاد أبو داود الطيالسي في روايته لهذا الحديث عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري أن القائل "يرثي له ... إلخ" هو الزهري، ويؤيده أن هاشم بن هاشم، وسعد بن إبراهيم رويا هذا الحديث عن عامر بن سعد، فلم يذكرا ذلك فيه، وكذا في رواية عائشة بنت سعد عن أبيها، كما سيأتي في "كتاب الوصايا" مع بقية الكلام عليه، وذكر الاختلاف في تسمية البنت المذكورة، إن شاء الله تعالى.


الْحمْد لِلَّه ربِّ الْعالمين

اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم

تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال

تعليقات

عدد التعليقات : 0