فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر
العسقلاني
باب يجعل شعر المرأة ثلاثة قرون
فتح الباري شرح صحيح
البخاري: كِتَابُ الجَنَائِزِ: بَابٌ:
هَلْ يُجْعَلُ شَعَرُ المَرْأَةِ ثَلاَثَةَ قُرُونٍ؟
١٢٦٢- حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أُمِّ الهُذَيْلِ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: ضَفَرْنَا شَعَرَ بِنْتِ النَّبِيِّ ﷺ، تَعْنِي ثَلاَثَةَ قُرُونٍ، وَقَالَ وَكِيعٌ:
قَالَ سُفْيَانُ: نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا.
الشرح:
قوله: (باب يجعل شعر المرأة ثلاثة قرون)،
أي: ضفائر.
قوله: (حدثنا سفيان) هو
الثوري، وهشام هو ابن حسان، وأم الهذيل هي حفصة بنت سيرين.
قوله: (ضفرنا) بضاد ساقطة وفاء خفيفة (شعر
بنت النبي ﷺ تعني ثلاثة قرون،
وقال وكيع قال سفيان) أي: بهذا الإسناد (ناصيتها
وقرنيها)، أي: جانبي رأسها،
ورواية وكيع وصلها الإسماعيلي بهذه الزيادة، وزاد: "ثم
ألقيناه خلفها"، وسيأتي الكلام على هذه الزيادة في الباب الذي يليه. واستدل
به على ضفر شعر الميت خلافا لمن منعه، فقال ابن القاسم: لا
أعرف الضفر، بل يكف، وعن الأوزاعي والحنفية: يرسل شعر المرأة خلفها،
وعلى وجهها مفرقا. قال القرطبي: وكأن سبب الخلاف أن
الذي فعلته أم عطية: هل
استندت فيه إلى النبي ﷺ فيكون مرفوعا، أو هو
شيء رأته ففعلته استحسانا؟ كلا الأمرين محتمل، لكن الأصل أن لا يفعل في الميت شيء
من جنس القرب إلا بإذن من الشرع محقق، ولم يرد ذلك مرفوعا، كذا قال.
وقال النووي: الظاهر
اطلاع النبي ﷺ وتقريره له. قلت: وقد
رواه سعيد بن منصور بلفظ الأمر من رواية هشام، عن حفصة،
عن أم عطية قالت: قال لنا رسول الله ﷺ:
اغسلنها وترا، واجعلن شعرها ضفائر. وقال ابن
حبان في صحيحه: ذكر البيان بأن أم عطية إنما مشطت ابنة النبي ﷺ بأمره لا من تلقاء نفسها. ثم أخرج من طريق حماد،
عن أيوب قال: قالت حفصة عن أم عطية: اغسلنها ثلاثا، أو خمسا،
أو سبعا، واجعلن لها ثلاثة قرون.
(تنبيه): قوله: "ثلاثة قرون" مع قوله:
"ناصيتها وقرنيها" لا تضاد بينهما؛ لأن المراد بالثلاثة قرون الضفائر،
والمراد بالقرنين الجانبان.
الْحمْد لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا
بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال