فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
باب قول الرجل للمرأة عند القبر اصبري
فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ
الجَنَائِزِ:
بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ القَبْرِ: اصْبِرِي.
١٢٥٢- حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ بِامْرَأَةٍ عِنْدَ
قَبْرٍ وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ: «اتَّقِي اللَّهَ
وَاصْبِرِي».
الشرح:
قوله: (باب قول الرجل للمرأة عند
القبر: اصبري) قال الزين
بن المنير ما محصله: عبر بقوله: رجل، ليوضح أن ذلك لا يختص بالنبي ﷺ، وعبر بالقول دون الموعظة ونحوها لكون ذلك الأمر
يقع على القدر المشترك من الوعظ وغيره، واقتصر على ذكر الصبر دون التقوى؛ لأنه
المتيسر حينئذ، المناسب لما هي فيه. قال: وموضع الترجمة من الفقه جواز مخاطبة
الرجال النساء في مثل ذلك بما هو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو موعظة، أو تعزية،
وأن ذلك لا يختص بعجوز دون شابة لما يترتب عليه من المصالح الدينية، والله أعلم.
قوله: (حدثنا آدم) سيأتي
هذا الحديث بهذا الإسناد بعينه أتم من هذا في "باب زيارة القبور" بعد
زيادة على عشرين بابا، وسيأتي الكلام عليه هناك مستوفى، إن شاء الله تعالى.
ومناسبة هذه الترجمة لما قبلها لجامع ما بينهما من مخاطبة الرجل المرأة بالموعظة؛
لأن في الأول جواز مخاطبتها بما يرغبها في الأجر إذا احتسبت مصيبتها، وفي هذا
مخاطبتها بما يرهبها من الإثم لما تضمنه الحديث من الإشارة إلى أن عدم الصبر
ينافي التقوى. والله
أعلم.
الْحمْد لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا
بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال