فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر
العسقلاني
فتح الباري شرح صحيح البخاري: كتاب
التَّهَجُّدِ:
بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ.
١١٨٠- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ
حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: حَفِظْتُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ عَشْرَ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ،
وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ،
وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ
الصُّبْحِ. وَكَانَتْ
سَاعَةً لاَ يُدْخَلُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فِيهَا.
١١٨١- حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ: أَنَّهُ
كَانَ إِذَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ وَطَلَعَ الفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
الشرح:
قوله: (باب الركعتين قبل الظهر) ترجم أولا بالرواتب التي بعد المكتوبات، ثم أورد ما يتعلق بما قبلها، وقد تقدم الكلام على ركعتي الفجر، والكلام على حديث ابن عمر وهو ظاهر فيما ترجم له.
١١٨٢- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
المُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ
النَّبِيَّ ﷺ كَانَ لاَ يَدَعُ أَرْبَعًا
قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الغَدَاةِ.
تَابَعَهُ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ،
وَعَمْرٌو، عَنْ شُعْبَةَ.
الشرح:
وأما حديث عائشة فقوله فيه:
"إنه كان لا يدع أربعا قبل الظهر". لا يطابق الترجمة، ويحتمل أن يقال:
مراده بيان أن الركعتين قبل الظهر ليستا حتما بحيث يمتنع الزيادة عليهما،
قال الداودي: وقع
في حديث ابن عمر: "أن قبل الظهر ركعتين". وفي حديث عائشة:
"أربعا". وهو محمول على أن كل واحد منهما وصف ما رأى، قال: ويحتمل أن
يكون نسي ابن عمر ركعتين من الأربع. قلت: هذا الاحتمال بعيد، والأولى أن
يحمل على حالين: فكان تارة يصلي ثنتين، وتارة يصلي أربعا، وقيل: هو محمول على أنه
كان في المسجد يقتصر على ركعتين، وفي بيته يصلي أربعا، ويحتمل أن يكون يصلي إذا
كان في بيته ركعتين، ثم يخرج إلى المسجد فيصلي ركعتين، فرأى ابن عمر ما
في المسجد دون ما في بيته، واطلعت عائشة على الأمرين، ويقوي الأول ما
رواه أحمد، وأبو داود في حديث عائشة: كان يصلي في بيته قبل
الظهر أربعا ثم يخرج. قال أبو
جعفر الطبري: الأربع
كانت في كثير من أحواله، والركعتان في قليلها.
قوله: (عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر) بميم
مضمومة ونون ساكنة ومثناة مفتوحة بعدها شين معجمة مكسورة، ثم راء.
قوله: (عن أبيه عن عائشة) في
رواية وكيع، عن شعبة، عن إبراهيم، عن أبيه: "سمعت عائشة".
أخرجه الإسماعيلي، وحكى عن
شيخه أبي القاسم البغوي أنه حدثه به من طريق عثمان بن عمر،
عن شعبة فأدخل بين محمد بن المنتشر وعائشة مسروقا،
وأخبره أن حديث وكيع وهم، ورد ذلك الإسماعيلي بأن محمد
بن جعفر قد وافق وكيعا على التصريح بسماع محمد من عائشة،
ثم ساقه بسنده إلى شعبة، عن إبراهيم بن محمد، أنه سمع أباه، أنه
سمع عائشة، قال الإسماعيلي: ولم يكن يحيى بن سعيد،
يعني: القطان الذي أخرجه البخاري من طريقه، ليحمله مدلسا، قال: والوهم
عندي فيه من عثمان بن عمر. انتهى.
وبذلك جزم الدارقطني في "العلل" وأوضح أن رواية عثمان بن
عمر من المزيد في متصل الأسانيد، لكن أخرجه الدارمي، عن عثمان بن
عمر بهذا الإسناد، فلم يذكر فيه مسروقا. فإما أن يكون سقط عليه،
أو على من بعده، أو يكون الوهم في زيادته ممن دون عثمان بن عمر.
قوله: (تابعه ابن أبي عدي) زاد الإسماعيلي: وابن المبارك، ومعاذ
بن معاذ، ووهب بن جرير، كلهم عن شعبة بسنده، وليس فيه مسروق.
قوله: (وعمرو، عن شعبة) يعني: عمرو
بن مرزوق، وقد وصل حديثه البرقاني في المصافحة.
الْحمْد
لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ
اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل
اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال
