باب النهي عن تجصيص القبور والبناء عليها
لفضيلة الدكتور خالد بن عثمان السبت
أحاديث رياض الصالحين: باب تحريم الجلوس
على قبر.
١٧٧٥- عن أبي هريرة رَضيَ اللَّهُ
عَنْهُ، قال: قال رَسُول اللَّهِ ﷺ: «لأَنْ
يَجْلِسَ أحَدُكُمْ علَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيابَهُ، فَتَخْلُصَ إلى جِلْدِهِ،
خَيْرٌ له مِن أنْ يَجْلِسَ علَى قَبْرٍ» [١] رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
أحاديث رياض الصالحين: باب النهي عن
تجصيص القبور والبناء عليها.
١٧٧٦- عن جابر رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال:
نَهَى رَسولُ اللهِ ﷺ أَنْ يُجَصَّصَ
القَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عليه، وَأَنْ يُبْنَى عليه. [٢] رواه مسلم.
الشرح:
باب تحريم الجلوس على قبر، وذكر فيه
حديثًا واحدًا أشرت إليه في باب مضى، وهو حديث أبي هريرة رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ،
قال: قال رَسُول اللَّهِ ﷺ: «لأَنْ يَجْلِسَ أحَدُكُمْ علَى جَمْرَةٍ
فَتُحْرِقَ ثِيابَهُ، فَتَخْلُصَ إلى جِلْدِهِ، خَيْرٌ له مِن أنْ يَجْلِسَ علَى
قَبْرٍ» رواه مسلم.
وهذا الحديث ظاهره التحريم، فهو شيء
محرم، وكذلك لو أنه وقف على القبر، وكذلك الاتكاء عليه، وذلك لحرمة الميت، وقيده
بعضهم: بأن ذلك ما لم يبل، يعني: لم يحصل له البلاء، وذلك بمدة معينة مثلًا ستة
أشهر، أو نحو هذا، فهذه مظنة أن تكون هذه الجثة قد تحللت، والأقرب والله تعالى
أعلم، أن ذلك لا يقيد بالبلاء؛ لأن القبر تبقى له حرمته، ولو حصل مثل هذا لاسيما
إن كان ذلك لغير حاجة.
ثم ذكر "باب النهي عن تجصيص القبر،
والبناء عليه"، تجصيص، يعني: أن يوضع عليه الجص، كالجبس، أو النورة، أو نحو
ذلك، يعني: الاسمنت الأبيض، ونحو هذا مما يوضع، والآن ممكن أن يقال: الاسمنت، وما
أشبه ذلك من المواد التي تستعمل اليوم، والسبب في ذلك هو: لئلا يكون ذلك ذريعة إلى
تعظيم القبور، والبناء عليها، وبناء القبب، ونحو ذلك، فهذا لا يجوز؛ لأنه من ذرائع
الشرك، فالقبر إنما يرد عليه ترابه فحسب، لا يزاد عليه، ولا بأس أن توضع علامة عند
رأس الميت مثلًا؛ ليعرف أن هذا قبر فلان فيزار، كما فعل النبي ﷺ في قبر عثمان بن مظعون رضي الله عنه، أما ما
عدا ذلك فلا.
ولا يزال الشيطان بالناس يستدرجهم شيئًا
فشيئًا، فلربما فعلوا شيئًا، لربما وضعوا عليه شيء من الحصباء، أو نحو ذلك، ثم بعد
ذلك تدرج بهم الأمر، فوضعوا شيئًا مكتوبًا عليه اسم هذا، أو تاريخ الوفاة، أو نحو
ذلك، ثم يتدرج الحال، فيضعون عليه مثل قطع الرخام، أو قطع الحصى، أو شرائح، صخور،
أو نحو ذلك، ثم شيئا فشيئًا يبدأ الوضع حواجز جانبية، وبناء من الطوب، أو نحو هذا،
ثم لا يلبث الأمر حتى يكون ذلك مثل البناء، كما هو حاصل في كثير من البلاد، وهذا
لا يجوز، وهو مضاهاة لليهود، والنصارى.
فهنا نهى رسول الله ﷺ أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه،
فهذه الأشياء الثلاثة كلها ذكرها مقترنة، وذلك للتحريم، تجصيص القبر، ويدخل فيه كل
المواد التي يمكن أن تستعمل غير الجص، وكذلك القعود عليه، والبناء بأي نوع كان،
يعني: البناء على القبر، سواء كان هذا البناء فقط في أطرافه، ثم بعد ذلك يسطح،
ويكون كالصندوق، أو كان بما هو أكبر من هذا، يوضع عليه قبة، أو يوضع غرفة، أو نحو
هذا، فهذا كله داخل في المنع، فهذه أشياء محرمة، والله تعالى أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله
وصحبه.
[١] صحيح مسلم: (٩٧١).
[٢] صحيح مسلم: (٩٧٠).
الحمد
لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن
المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح
الأعمال

ليست هناك تعليقات: