باب سنة العيد لأهل الإسلام
فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني
فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ
العِيدَيْنِ، بَابُ: سُنَّةِ العِيدَيْنِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ.
٩٥١- حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ،
عَنِ البَرَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ
يَخْطُبُ، فَقَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنْ
يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ
أَصَابَ سُنَّتَنَا».
الشرح:
قوله: (باب
سنة العيد لأهل الإسلام) كذا للأكثر، وقد اقتصر عليه الإسماعيلي في
المستخرج وأبو نعيم وزاد أبو ذر عن الحموي في أول
الترجمة "الدعاء في العيد" قال ابن رشيد أراه تصحيفا، وكأنه
كان فيه اللعب في العيد، يعني: فيناسب حديث عائشة وهو الثاني من حديثي الباب،
ويحتمل أن يوجه بأن الدعاء بعد صلاة العيد يؤخذ حكمه من جواز اللعب بعدها بطريق الأولى.
وقد روى ابن عدي من حديث واثلة أنه "لقي رسول الله ﷺ يوم عيد فقال: تقبل الله منا ومنك، فقال: نعم تقبل الله منا ومنك" وفي
إسناده محمد بن إبراهيم الشامي وهو ضعيف، وقد تفرد به مرفوعا، وخولف فيه،
فروى البيهقي من حديث عبادة بن الصامت أنه سأل رسول الله ﷺ عن ذلك
فقال ذلك فعل أهل الكتابين وإسناده ضعيف أيضا، وكأنه أراد أنه لم يصح
فيه شيء. وروينا في "المحامليات" بإسناد حسن عن جبير بن
نفير قال " كان أصحاب رسول الله ﷺ إذا
التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك".
وأما
حديث البراء فهو طرف من حديث سيأتي بتمامه بعد باب، وحجاج المذكور في
الإسناد هو ابن منهال.
واستشكل الزين بن
المنير مناسبته للترجمة من حيث إنه قال فيها العيدين بالتثنية مع أنها لا
تتعلق إلا بعيد النحر، وأجاب بأن في قوله إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن
نصلي إشعارا بأن الصلاة ذلك اليوم هي الأمر المهم، وأن ما سواها من الخطبة
والنحر والذكر وغير ذلك من أعمال البر يوم النحر فبطريق التبع، وهذا القدر مشترك
بين العيدين، فحسن أن لا تفرد الترجمة بعيد النحر. انتهى. وقد تقدم الكلام على
حديث عائشة مستوفى في الباب الذي قبله.
٩٥٢- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي
جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ
الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ، قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ: أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: «يَا
أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا».
الشرح:
وأما مناسبة
حديث عائشة للترجمة التي اقتصر عليها الأكثر فقد قيل: إنها من قوله:
وهذا عيدنا. لإشعاره بالندب إلى ذلك، وفيه نظر؛ لأن اللعب لا يوصف بالندبية، لكن
يقربه أن المباح قد يرتفع بالنية إلى درجة ما يثاب عليه، ويحتمل أن يكون المراد أن
تقديم العبادة على اللعب سنة أهل الإسلام، أو تحمل "السنة" في الترجمة
على المعنى اللغوي.
الْحمْد
لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا
مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال
ليست هناك تعليقات: