باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم
فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ
أَبْوَابُ صِفَةِ الصَّلاَةِ بَابُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ، فَذَكَرَ حَاجَةً
فَتَخَطَّاهُمْ.
٨٥١- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ
بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ
سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ، قَالَ:
صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ ﷺ
بِالْمَدِينَةِ العَصْرَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ
النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ،
فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ، فَقَالَ: «ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ
يَحْبِسَنِي، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ».
الشرح:
قوله: (باب من صلى بالناس فذكر حاجة
فتخطاهم) الغرض من هذه الترجمة بيان أن المكث المذكور في الباب قبله محله ما إذا
لم يعرض ما يحتاج معه إلى القيام.
قوله: (حدثنا محمد بن عبيد) أي:
ابن ميمون العلاف، وثبت كذلك في رواية ابن عساكر.
قوله: (عن عمر بن سعيد) أي:
ابن أبي حسين المكي.
قوله: (عن عقبة) هو
ابن الحارث النوفلي، وللمصنف في الزكاة من رواية أبي عاصم عن عمر
بن سعيد أن عقبة بن الحارث حدثه.
قوله: (فسلم فقام)، في
رواية الكشميهني" ثم
قام".
قوله: (ففزع الناس) أي: خافوا، وكانت تلك
عادتهم إذا رأوا منه غير ما يعهدونه خشية أن ينزل فيهم شيء يسوءهم.
قوله: (فرأى أنهم قد عجبوا)، في
رواية أبي عاصم فقلت
أو فقيل له: وهو شك من الراوي، فإن كان قوله فقلت محفوظا فقد تعين الذي سأل النبي ﷺ من الصحابة عن ذلك.
قوله: «ذكرت شيئا من تبر»، في
رواية روح عن عمر بن سعيد في أواخر الصلاة" ذكرت وأنا في
الصلاة" وفي
رواية أبي عاصم" تبرا
من الصدقة" والتبر بكسر المثناة وسكون الموحدة الذهب الذي لم يصف ولم يضرب،
قال الجوهري: لا
يقال إلا للذهب. وقد قاله بعضهم في الفضة. انتهى. وأطلقه بعضهم على جميع جواهر
الأرض قبل أن تصاغ أو تضرب حكاه ابن الأنباري عن الكسائي، وكذا
أشار إليه ابن دريد. وقيل
هو الذهب المكسور، حكاه ابن سيده.
قوله: «يحبسني» أي: يشغلني التفكر فيه عن
التوجه والإقبال على الله تعالى. وفهم منه ابن بطال معنى آخر فقال فيه:
إن تأخير الصدقة تحبس صاحبها يوم القيامة.
قوله: «فأمرت بقسمته»، في رواية أبي
عاصم" فقسمته"
وفي الحديث أن المكث بعد الصلاة ليس بواجب، وأن التخطي
للحاجة مباح، وأن التفكر في الصلاة في أمر لا يتعلق بالصلاة لا
يفسدها ولا ينقص من كمالها، وأن إنشاء العزم في أثناء الصلاة على الأمور
الجائزة لا يضر، وفيه إطلاق الفعل على ما يأمر به الإنسان،
وجواز الاستنابة مع القدرة على المباشرة.
الْحمْد
لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا
مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال
ليست هناك تعليقات: