باب فضل صلاة العشاء
فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن
حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
فتح
الباري شرح صحيح البخاري: أَبْوَابُ صَلاَةِ الجَمَاعَةِ وَالإِمَامَةِ بابُ
فَضْلِ العِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ.
٦٥٧-
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَيْسَ
صَلاَةٌ أَثْقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنَ الفَجْرِ وَالعِشَاءِ، وَلَوْ
يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ
آمُرَ المُؤَذِّنَ، فَيُقِيمَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يَؤُمُّ النَّاسَ، ثُمَّ آخُذَ
شُعَلًا مِنْ نَارٍ، فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لاَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلاَةِ بَعْدُ».
الشرح:
قوله:
(باب فضل صلاة العشاء في الجماعة) أورد فيه الحديث الدال على فضل العشاء والفجر،
فيحتمل أن يكون مراد الترجمة إثبات فضل العشاء في الجملة أو إثبات أفضليتها على
غيرها، والظاهر الثاني، ووجهه أن صلاة الفجر ثبتت أفضليتها كما تقدم، وسوى في هذا
بينها وبين العشاء، ومساوي الأفضل يكون أفضل جزما.
قوله:
«ليس أثقل» كذا للأكثر بحذف الاسم، وبينه الكشميهني في رواية أبي ذر وكريمة عنه
فقال "ليس صلاة أثقل" ودل هذا على أن الصلاة كلها ثقيلة على المنافقين،
ومنه قوله تعالى: {وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا
وَهُمْ كُسَالَىٰ} [التوبة: ٥٤]، وإنما كانت العشاء والفجر أثقل عليهم من
غيرهما لقوة الداعي إلى تركهما؛ لأن العشاء وقت السكون والراحة والصبح وقت لذة
النوم. وقيل: وجهه كون المؤمنين يفوزون بما ترتب عليهما من الفضل لقيامهم بحقهما
دون المنافقين.
قوله:
«ولو يعلمون ما فيهما» أي: من مزيد الفضل «لأتوهما» أي: الصلاتين، والمراد لأتوا
إلى المحل الذي يصليان فيه جماعة وهو المسجد.
قوله:
«ولو حبوا» أي: يزحفون إذا منعهم مانع من المشي كما يزحف الصغير، ولابن أبي شيبة
من حديث أبي الدرداء ولو حبوا على المرافق والركب، وقد تقدم الكلام على باقي
الحديث في "باب وجوب صلاة الجماعة".
قوله
في آخره: «على من لا يخرج إلى الصلاة بعد» كذا للأكثر بلفظ "بعد" ضد
"قبل"، وهي مبنية على الضم، ومعناه بعد أن يسمع النداء إليها أو بعد أن
يبلغه التهديد المذكور، وللكشميهني بدلها "يقدر" أي: لا يخرج وهو يقدر
على المجيء، ويؤيده ما قدمناه من رواية لأبي داود "وليست بهم علة" ووقع
عند الداودي للشارح هنا "لا لعذر" وهي أوضح من غيرها لكن لم نقف عليها
في شيء من الروايات عند غيره.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: