باب ما يكره من السمر بعد العشاء

باب ما يكره من السمر بعد العشاء
المؤلف احمد خليل
تاريخ النشر
آخر تحديث

 فتح الباري شرح صحيح البخاري

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

باب – ما – يكره – من – السمر – بعد - العشاء

باب ما يكره من السمر بعد العشاء


فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ.

٥٩٩ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو المِنْهَالِ، قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي إِلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: حَدِّثْنَا كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي المَكْتُوبَةَ؟ قَالَ: " كَانَ يُصَلِّي الهَجِيرَ -وَهِيَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الأُولَى- حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ، وَيُصَلِّي العَصْرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى أَهْلِهِ فِي أَقْصَى المَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي المَغْرِبِ، قَالَ: وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ العِشَاءَ، قَالَ: وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلاَةِ الغَدَاةِ، حِينَ يَعْرِفُ أَحَدُنَا جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ مِنَ السِّتِّينَ إِلَى المِائَةِ.

 

الشرح:

قوله: (باب ما يكره من السمر بعد العشاء) أي: بعد صلاتها، قال عياض: السمر رويناه بفتح الميم، وقال أبو مروان بن سراج: الصواب سكونها؛ لأنه اسم الفعل، وأما بالفتح فهو اعتماد السمر للمحادثة، وأصله من لون ضوء القمر؛ لأنهم كانوا يتحدثون فيه، والمراد بالسمر في الترجمة ما يكون في أمر مباح؛ لأن المحرم لا اختصاص لكراهته بما بعد صلاة العشاء بل هو حرام في الأوقات كلها، وأما ما يكون مستحبا فسيأتي في الباب الذي بعده.

قوله: (السامر من السمر إلخ) هكذا وقع في رواية أبي ذر وحده، واستشكل ذلك؛ لأنه لم يتقدم للسامر ذكر في الترجمة، والذي يظهر لي أن المصنف أراد تفسير قوله تعالى: {سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنين: ٦٧] وهو المشار إليه بقوله هاهنا، أي: في الآية، والحاصل أنه لما كان الحديث بعد العشاء يسمى السمر، والسمر والسامر مشتقان من السمر وهو يطلق على الجمع والواحد ظهر وجه مناسبة ذكر هذه اللفظة هنا، وقد أكثر البخاري من هذه الطريقة إذا وقع في الحديث لفظة توافق لفظة في القرآن يستغنى بتفسير تلك اللفظة من القرآن، وقد استقرئ للبخاري أنه إذا مر له لفظ من القرآن يتكلم على غريبه.

وقد تقدم الكلام على حديث أبي برزة المذكور في هذا الباب في "باب وقت العصر". وموضع الحاجة منه هنا قوله وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها؛ لأن النوم قبلها قد يؤدي إلى إخراجها عن وقتها مطلقا أو عن الوقت المختار، والسمر بعدها قد يؤدي إلى النوم عن الصبح أو عن وقتها المختار أو عن قيام الليل، وكان عمر بن الخطاب يضرب الناس على ذلك ويقول: أسمرا أول الليل ونوما آخره؟ وإذا تقرر أن علة النهي ذلك فقد يفرق فارق بين الليالي الطوال والقصار، ويمكن أن تحمل الكراهة على الإطلاق حسما للمادة؛ لأن الشيء إذا شرع لكونه مظنة قد يستمر فيصير مثنة، والله أعلم.


الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

تعليقات

عدد التعليقات : 0