باب النهي عن الغش والخداع
كتاب الأمور المنهي عنها: باب النهي عن الغش والخِداع
شرح العلامة
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
باب
النهي عن الغش والخداع
أحاديث رياض الصالحين: باب النهي عن الغش
والخِداع
قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}
[الأحزاب: ٥٨].
١٥٨٧ - وَعَنْ أبي هُرَيرةَ -رَضِّيَّ
اللهُ عَنْهُ- أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «منْ حمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ، فَلَيْسَ مِنَّا، ومَنْ
غَشَّنَا، فَلَيْسَ مِنَّا» رواه مسلم.
وفي روايةٍ لَه أنَّ رَسُول اللَّه ﷺ مرَّ عَلي صُبْرَةِ طَعامٍ، فَأدْخَلَ يدهُ
فِيهَا، فَنالَتْ أصَابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ: «مَا
هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ أصَابتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ
اللَّه، قَالَ: «أفَلا جَعلْتَه فَوْقَ الطَّعَامِ
حَتِّي يَراهُ النَّاس، مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا».
١٥٨٨ - وَعَنْ أبي هُرَيرةَ -رَضِّيَّ
اللهُ عَنْهُ- أنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قَال: «لاَ تَنَاجشُوا» متفقٌ عَلَيْهِ.
١٥٨٩ -
وَعَنْ ابنِ عُمر -رضي اللَّه عَنْهُمَا- أنَّ النبيَّ ﷺ
نَهَى عن النَّجَشِ. متفقٌ عَلَيْهِ.
١٥٩٠ -
وَعَنْ ابنِ عُمر -رضي اللَّه عَنْهُمَا- قَالَ: ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنَّهُ يُخْدعُ في البُيُوعِ؟ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: «منْ
بايَعْتَ، فَقُلْ لاَ خِلابَةَ» متفقٌ عَلَيْهِ.
«الخلابة» بخاء معجمة مكسورة، وباء
موحدة: وهي الخديعة.
١٥٩١ - وَعَنْ أبي هُرَيرةَ -رَضِّيَّ
اللهُ عَنْهُ- قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«مَنْ خَبَّب زَوْجَة أمْرِيءٍ، أوْ ممْلُوكَهُ،
فَلَيْسَ مِنَّا» رواهُ أَبُو داود.
«خَبَّب» بخاء معجمة، ثم باء موحدة
مكررة: أي: أفسده وخدعه.
الشيخ:
الحمد لله، وصل الله وسلم على رسول الله،
وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث في تحريم النجش والخداع،
تقدم أبواب كثيرة في تحريم أعمال تسبب الشحناء والعداوة من الغيبة من النميمة من
الاستهزاء والاحتقار وغير ذلك، من الخلال الذميمة واللعن والسب ونحو ذلك، وهنا
كذلك النهي عن النجش وعن الغش في المعاملات؛ لأنه يسبب الظلم ويسبب الشحناء
والعداوة، فإن المغشوش والمنجوش عليه يتضرر بذلك، فلهذا نهى الرسول ﷺ عن الخداع وعن الغش، ووصف الله جل وعلا، أهل
النفاق بالخداع فقال: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ
خَادِعُهُمْ} [النساء: ١٤٢]، والمخادع الذي يمكر بالناس ويظهر
خلاف ما يبطن، يظهر لهم من الخير ما لا يبطن من الشر، يعني: يبطن الشر ويظهر الخير
حتى يخدعهم حتى يغرهم، فالخداع من صفات المنافقين.
ويقول ﷺ:
«لا تناجشوا» يعني: لا ينجش بعضكم على بعض،
وفي الحديث ابن عمر أنه نهى عن النجش، وهو مصدر نجش ينجش نجشا، وهو الذي يزيد في
السلعة ولا يريد شراءها، يزيد في السلعة متلاعبا ما يقصد الشراء، وقد يقصد المشتري
حتى يغليها عليه، وقد يقصد نفع البائع حتى يزيد الثمن فهو يزيد، يزيد حتى الناس
يزيدون وهو ما يريد الشراء، لكن لينفع البائع أو ليضر المشتري الذي يراه أنه راغب
فيها، فهو يحاول إضراره حتى يشتريها بثمن مرتفع وهذا ظلم وشر لا يجوز، إن كان يريد
الشراء يزيد وإلا لا يزيد، لا يتعرض للسلعة شيء.
وهكذا قوله ﷺ:
«من حمل علينا السلاح فليس منا» فيه مضرة وإن
كان المقصود. «من غشنا فليس منا»، لكن حمل
السلاح يسبب الشحناء والعداوة وقد يفضي إلى القتال، وهذا يفعله قطاع الطريق،
ويفعله البغاة أيضا، وهو ظلم لا يجوز لا من الباغي ولا من قاطع الطريق، يجب أن
يتمسك كل واحد بالشرع ويحذر البغي على غيره وظلمه على غيره بالسلاح أو بالعصا أو
بغيرهما.
ومن النجش والخداع كونه يخفي العيب، يجعل
السلعة ظاهرها طيب وباطنها فيه العلة، هذا من النجش أيضا ومن الخداع ومن الظلم ومن
الغش للناس، يجعل الطعام الرديء من داخل والطيب من ظاهر هذا من الغش والخداع،
ولهذا لما مر النبي ﷺ على صرة من الطعام في
السوق أدخل يده فيه، الله الهمه ذلك أو أوحى له بذلك فنالت أصابعه بللا في داخل
الطعام، قال: «ما هذا يا صاحب الطعام؟» قال:
أصابته السماء يا رسول الله، قال: «أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غشنا
فليس منا» يعني: ليش ما جعلت الرديء هذا فوق حتى يراه الناس، هكذا بعض الناس يبيع
الفاكهة والرطب ونحو ذلك، يجعل الطيب فوق ويجعل الرديء من الفاكهة أو من التمر في
أسفل الإناء حتى لا يراه المشتري، يظن أن الإناء كله طيب، هذا من الخداع أيضا،
والإنسان اللي ما يعرف في البيع والشراء عند نقص في التصرف يقول: يا إخواني لا
تغشوني، ترى أنا جاهل ما تبيعون لي إلا مثل ما تبيعون للناس.
لا خلابة، يعني: لا غدر، لا خديعة، يقول
لهم: معنى لا خلابة، يعني: لا خديعة، إذا كان إنسان ما يحسن التصرف في الأموال ولا
يعرف السلعة ودعت الحاجة إلى أنه يشتري بنفسه، يقول لصاحبه: ترى أنا ما أعرف السلع
لكن اتق الله في، بعني: كما تبيع الناس، اتق الله في لا تخدعني لا تظلمني، يعني:
بعبارات يفهمها، لا خلابة، يعني: لا خديعة، يعني: العبارة التي يفهمها، لا خديعة،
لا ظلم بيننا، لا كذب، لا غش، يخاطبه بالكلمات التي يفهمها لعله يتقي الله فيه حتى
لا يظلمه. وفق الله الجميع.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: