باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر
كتاب الأمور المنهي عنها: باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر
شرح العلامة
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر
أحاديث رياض الصالحين: باب النهي عن
التباغض والتقاطع والتدابر
قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠]، وقال تعالى:
{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِين َأَعِزَّةٍ عَلَى
الْكَافِرِينَ} [المائدة: ٥٤]، وقال
تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ
مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: ٢٩].
١٥٧٥ - وعنْ
أنسٍ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- أنَّ النبيَّ ﷺ
قَالَ: «لاَ تَباغَضُوا، وَلاَ تحاسدُوا، ولاَ
تَدابَرُوا، وَلاَ تَقَاطعُوا، وَكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ
لِمُسْلِمٍ أنْ يهْجُرَ أخَاه فَوقَ ثلاثٍ» متفقٌ عليه.
١٥٧٦ - وعنْ أبي
هُرَيْرَةَ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- أنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ
قَالَ: «تُفْتَحُ أبْوابُ الجَنَّةِ يَوْمَ الإثنين
ويَوْمَ الخَمِيس، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيئًا، إلاَّ
رجُلًا كانَت بيْنهُ وبَيْنَ أخيهِ شَحْناءُ فيقالُ: أنْظِرُوا هذيْنِ حتَّى
يصطَلِحا، أنْظِرُوا هذَيْنِ حتَّى يَصطَلِحا» رواه مسلم.
وفي روايةٍ
لَهُ: «تُعْرَضُ الأعْمالُ في كُلِّ يومِ خَميسٍ
وَإثنين» وذَكَر نحْوَهُ.
الشيخ:
الحمد لله، وصل الله وسلم على رسول الله،
وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الآيات والأحاديث تدل على
وجوب العناية بالإخوة الإيمانية والاستقامة عليها والتحاب في الله والتعاون على
البر والتقوى والتواصي بالحق والحذر من ضد ذلك من العداوة والبغضاء والشحناء، أهل
الإيمان يجب عليهم أن يكونوا متحابين في الله متناصحين متعاونين على البر والتقوى
كما قال جل وعلا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ
فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: ١٠]، وقال جل
وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ
يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ
وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ
يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}
[المائدة: ٥٤]،
وقال سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ} [التوبة: ٧١]، وقال سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا
عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢]، وقال جل وعلا: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ
عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: ٢٩].
هكذا المؤمنون رحماء يتواصلون ويتعاونون على
البر والتقوى ويتناصحون، كل واحد يحب لأخيه الخير ويكره له الشر ينصح له. يؤدي له
الأمانة يلقاه بوجه منطلق كما في الحديث الصحيح يقول ﷺ:
«لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق»
كونه يقابله بوجه منبسط هذا من المعروف، والحديث الآخر يقول ﷺ: «إنكم لا تسعون
الناس بأموالكم ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق»، ويقول ﷺ: «البر حسن الخلق»،
ويقول ﷺ: «إن
أحبكم إلى وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا»، ويقول ﷺ: «لا تحاسدوا ولا تناجشوا
ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا
يحقره ولا يكذبه، التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات» يعني: القلب متى
استقام القلب انقادت الجوارح إلى الخير «كل المسلم
على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه» والأحاديث في هذا كثيرة.
ويقول ﷺ:
«لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي
يبدأ بالسلام»، ويقول ﷺ: «تفتح أبواب الجنة في كل إثنين وخميس»، وفي لفظ آخر: «تعرض
الأعمال على الله في كل إثنين وخميس فيغفر الله لكل مسلم لا يشرك بالله شيئا إلا
رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول الله: دعوا هذين حتى يصطلحا» فهذا
يدل على أن الشحناء من أسباب إيقاف المغفرة عن المتشاحنين وهذه مصيبة كبيرة،
فالواجب على كل مؤمن أن يحرص على المحبة لأخيه والصلح مع أخيه وعدم الشحناء، تحل
المشكلات بالطرق الطيبة والتسامح لا بالشحناء والتهاجر، يقول ﷺ: «لا هجرة فوق ثلاث»
وإذا كان ولا بد ثلاثة أيام يومين يوم إن كان شيء مثل خصومة أو مضاربة، النفوس
تتغير بعض الشيء لا بأس هجر يوم أو يومين أو ثلاث من أجل حظ النفس لا بأس، ولا
يجوز الزيادة على الثلاث من أجل حظ بينك وبينه مضاربة أو مشاتمة أو شبه ذلك،
الواجب أن تحل المشكلة في ظرف الثلاثة أيام حتى لا يبقى تهاجر.
أما إذا كان التهاجر من أجل المعاصي
والبدع هذا ما له حد إلا التوبة، إذا هجره من أجل إظهاره المعاصي والبدع فهذا لا
حد له بثلاث ولا بغيرها حده التوبة كما هجر النبي ﷺ
كعب بن مالك وصاحبيه خمسين ليلة حتى تابوا وتاب الله عليهم لما تخلفوا عن غزوة
تبوك مع أن الرسول أمرهم بذلك تخلفوا من غير عذر فهجرهم النبي ﷺ خمسين ليلة حتى تاب الله عليهم، وهكذا أشباههم ممن
يتعاطى بعض المعاصي الظاهرة أو البدع إذا لم يتب يهجر حتى يتوب، وهذا من باب التعزير
ومن باب التعاون على البر والتقوى لعله يراجع الحق، لعله يتدبر، لعله ينظر حتى
يتوب إلى الله سبحانه وتعالى. وفق الله الجميع.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: