شرح حديث / اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت

شرح حديث / اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت
المؤلف احمد خليل
تاريخ النشر
آخر تحديث
كتاب الأذكار: باب فضل الذكر والحث عليه
الدرر السنية 
شرح - حديث – اللهم - اغفر - لي – ما – قدمت – وما - أخرت
شرح حديث / اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت

أحاديث رياض الصالحين: باب فضل الذكر والحث عليه
١٤٣٢ - وعن علي - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّر،ُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ» رواه مسلم.
الشرح

المقدم هو الذي يقدم الأشياء ويضعها في مواضعها، وينزلها في منازلها والمؤخر الذي يؤخر الأشياء، ويضعها في مواضعها، كل ذلك تبعاً لحكمته ومشيئته فالله - سبحانه وتعالى - هو المنزل الأشياء منازلها يقدم ما يشاء منها ويؤخر ما يشاء.
قال ابن القيم -رحمه الله-:
وهُوَ المُقَدِّمُ والمُؤخِّرُ ذَانِكَ الـ ... صِّفَتَانِ للأفْعَالِ تَابِعَتَانِ
وهُمَا صِفَاتُ الذَّاتِ أيضاً إذْ هُمَا ... ِبالذَّاتِ لا بِالغَيْرِ قَائِمَتَانِ.
والمقدم والمؤخر من الأسماء المزدوجة المتقابلة التي لا يطلق واحد منها على الله إلا مقروناً بالآخر، فإن الكمال من اجتماعها، فهو تعالى المقدم لمن شاء والمؤخر لمن شاء بحكمته.
وهذا التقديم كونياً كتقديم بعض المخلوقات على بعض، وتأخير بعضها على بعض وكتقديم الأسباب على مسبباتها والشروط على مشروطاتها. وأنواع التقديم والتأخير في الخلق والتقدير بحر لا ساحل له. ويكون شرعياً كما فضل الأنبياء على الخلق وفضل بعضهم على بعض، وفضل بعض عباده على بعض، وقدمهم في العلم والإيمان والعمل والأخلاق وسائر الأوصاف، وأخر من أخر منهم بشيء من ذلك وكل هذا تبعاً لحكمته. وهذان الوصفان وما أشبههما من الصفات الذاتية لكونهما قائمتين بالله والله متصف بهما، ومن صفات الأفعال لأن التقديم والتأخير متعلق بالمخلوقات ذواتها وأفعالها ومعانيها وأوصافها، وهي ناشئة عن إرادته وقدرته.
فالله - عز وجل - هو المقدم والمؤخر فقد قدم الإنسان وفضله على كثير من خلقه.
قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء: ٧٠].
وفضل الله الأنبياء، وقدم بعضهم على بعض، ورفع بعضهم فوق بعض درجات.
قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة: ٢٥٣].
قال ابن كثير - رحمه الله -: يخبر تعالى أنه فضل بعض الرسل على بعض كما قال تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [الإسراء: ٥٥] ، وقال ههنا: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ} [البقرة: ٢٥٣] ، يعني: موسى ومحمد . {وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: ٢٥٣]، كما ثبت في حديث الإسراء حين رأى النبي الأنبياء في السماوات بحسب تفاوت منازلهم عند الله -عز وجل.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

تعليقات

عدد التعليقات : 0