إدريس عليه السلام
البداية
والنهاية ابن كثير
ذكر إدريس عليه السلام
قال
الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ
إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مَرْيَمَ:
56 - 57].
فإدريس
عليه السلام قد أثنى الله عليه، ووصفه بالنبوة، والصديقية، وهو خنوخ هذا، وهو في
عمود نسب رسول الله ﷺ، على ما ذكره غير واحد
من علماء النسب، وكان أول بني آدم أعطي النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام، وذكر
ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم، وقد أدرك من حياة آدم ثلاثمائة سنة، وثماني سنين،
وقد
قال طائفة من الناس: إنه المشار إليه في حديث معاوية بن الحكم السلمي لما سأل رسول
الله ﷺ عن الخط بالرمل فقال: «إنه كان نبي يخط به فمن وافق خطه فذاك». ويزعم كثير
من علماء التسيير والأحكام: أنه أول من تكلم في ذلك، ويسمونه هرمس الهرامسة،
ويكذبون عليه أشياء كثيرة، كما كذبوا على غيره من الأنبياء والعلماء، والحكماء،
والأولياء.
وقوله
تعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم:
57]. هو كما ثبت في الصحيحين في حديث
الإسراء أن رسول الله ﷺ مر به وهو في السماء
الرابعة، وقد روى ابن جرير، عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن جرير بن حازم،
عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباس كعبا، وأنا حاضر،
فقال له: ما قول الله تعالى لإدريس: {وَرَفَعْنَاهُ
مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 57]؟
قال كعب: أما إدريس فإن الله أوحى إليه أني أرفع لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم
لعله من أهل زمانه، فأحب أن يزداد عملا، فأتاه خليل له من الملائكة، فقال: إن الله
أوحى إلى كذا وكذا، فكلم ملك الموت فليؤخرني حتى أزداد عملا فحمله بين جناحيه، ثم
صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدرا فكلم ملك
الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ قال: هو ذا على ظهري. فقال ملك
الموت: فالعجب بعثت وقيل لي: اقبض روح إدريس في السماء الرابعة. فجعلت أقول: كيف
أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض! فقبض روحه هناك، فذلك قول الله عز وجل:
{وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم:
57].
ورواه
ابن أبي حاتم عند تفسيرها وعنده. فقال لذلك الملك: سل لي ملك الموت كم بقي من
عمري؟ فسأله وهو معه كم بقي من عمره، فقال: لا أدري حتى أنظر. فنظر فقال: إنك
لتسألني عن رجل ما بقي من عمره إلا طرفة عين. فنظر الملك إلى تحت جناحه إلى إدريس
فإذا هو قد قبض وهو لا يشعر، وهذا من الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة.
وقول
ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ
مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 57].
قال: إدريس رفع ولم يمت، كما رفع عيسى. إن أراد أنه لم يمت إلى الآن ففي هذا نظر.
وإن أراد أنه رفع حيا إلى السماء، ثم قبض هناك فلا ينافي ما تقدم عن كعب الأحبار،
والله أعلم.
وقال
العوفي: عن ابن عباس في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ
مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 57].
قال: رفع إلى السماء السادسة فمات بها. وهكذا قال الضحاك، والحديث المتفق عليه من
أنه في السماء الرابعة أصح، وهو قول مجاهد، وغير واحد.
وقال
الحسن البصري: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا}
[مريم: 57].
قال: إلى الجنة. وقال قائلون: رفع في حياة أبيه يرد بن مهلائيل، والله أعلم.
وقد
زعم بعضهم أن إدريس لم يكن قبل نوح بل في زمان بني إسرائيل.
قال
البخاري: ويذكر عن ابن مسعود، وابن عباس: أن إلياس هو إدريس، واستأنسوا في ذلك بما
جاء في حديث الزهري، عن أنس في الإسراء أنه لما مر به عليه السلام قال له: «مرحبا بالأخ الصالح، والنبي الصالح». ولم يقل كما
قال آدم وإبراهيم: «مرحبا بالنبي الصالح، والابن الصالح».
قالوا: فلو كان في عمود نسبه لقال له كما قالا له. وهذا لا يدل ولا بد على ذلك
لأنه قد لا يكون الراوي حفظه جيدا أو لعله قاله له على سبيل الهضم والتواضع، ولم
ينتصب له في مقام الأبوة، كما انتصب لآدم أبي البشر، وإبراهيم الذي هو خليل
الرحمن، وهو أكبر أولي العزم بعد محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
إدريس عليه السلام
Reviewed by احمد خليل
on
12:07:00 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: