شرح حديث طلحة بن عبيد الله / خمس صلوات في اليوم والليلة
كتاب
الفضائل: باب تأكيد وجُوب الزكاة وبَيان فضلها وَمَا يتعلق بِهَا
١٢١٤ - وَعنِ
ابنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّه عَنْهُما- أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ: «بُنِيَ
الإِسْلامُ عَلي خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّه، وأَنَّ
مُحمَّدًا عَبْدُهُ ورسُولهُ، وإِقامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وحَجِّ
البَيْتِ، وَصَوْمِ رمضَان» متفقٌ عَلَيهِ.
١٢١٥ - وعن
طَلْحَةَ بنِ عُبيْدِ اللَّهِ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- قالَ: جَاءَ رجُلٌ إِلي
رسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، ثَائِرُ
الرَّأْسِ نَسَمْعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ، وَلاَ نَفْقَهُ مَا يقُولُ، حَتى دَنَا مِنَ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فإِذا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ
الإِسْلامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «خَمْسُ صَلَواتٍ في اليوْمِ واللَّيْلَةِ» قالَ:
هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: «لاَ، إِلاَّ أَنْ
تَطَّوَّعَ» فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ:
«وصِيَامُ شَهْرِ رَمضَانَ» قَالَ: هَلْ
عَلَيَّ غيْرُهْ؟ قَالَ: «لاَ، إِلاَّ أَنْ
تَطَّوَّعَ» قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، الزَّكَاةَ فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لاَ، إلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ» فَأَدْبَر الرَّجُلُ
وهُوَ يَقُولُ: واللَّهِ لاَ أَزيدُ عَلي هَذَا وَلا أَنْقُصُ مِنْهُ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَفْلَحَ
إِنْ صَدَقَ» مُتفقٌ عليهِ.
١٢١٦ - وعن
ابن عبَّاس -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ،
بعَثَ مُعَاذًا -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- إِلي اليَمنِ فَقَالَ: «ادْعُهُمْ إِلي شهادَةِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه
وَأَنِّي رسُولُ اللَّهِ، فإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذلكَ، فَأَعْلِمْهُم أَنَّ
اللَّهَ تَعَالى افْتَرَضَ عَليهِمْ خَمسَ صَلواتٍ في كُلِّ يَوْمِ وليلةٍ، فَإِن
هُمْ أَطاعُوا لِذلكَ فَأَعْلمْهُمْ أَنَّ اللَّه افْتَرَضَ عَليهِمْ صَدقَةً
تُؤخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، وَتُردُّ عَلي فُقَرائهِم» متفقٌ عليه.
الشرح:
هذه
الأحاديث الثلاثة ذكرها النووي -رحمه الله- في كتابه (رياض الصالحين) باب: تأكيد
وجوب الزكاة، أما حديث ابن عمر-رضي الله عنهما- وهو قول النبي ﷺ: بني الإسلام.
فقد
تقدم الكلام عليه مفصلا ولا حاجة إلى إعادته.
وأما
حديث طلحة بن عبيد الله في قصة الرجل النجدي الذي جاء ثائر الرأس يسمعون صوته ولا
يفقهون ما يقول، وسأل النبي ﷺ عن الإسلام فذكر
له خمس صلوات، وصيام رمضان، والزكاة، ولم يذكر شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله لعلمه ﷺ بأنه قد نطقها وشهد بها،
لأنه جاء مسلما، لكن يريد أن يستفسر عن تفاصيل بعض الأشياء وفيه قوله ﷺ لهذا الرجل لما ذكر ﷺ:
«خمس صلوات وصيام رمضان والزكاة» وقال الرجل: هل على غيرها؟ قال: «لا، إلا أن
تطوع» فدل هذا على أنه لا يجب في اليوم والليلة أكثر من خمس صلوات، فالوتر ليس
بواجب لكنه سنة مؤكدة، وتحية المسجد ليست بواجبة لكنها سنة مؤكدة، وصلاة العيدين
ليست بواجبة لكنها سنة مؤكدة، وكذلك أيضا ما اختلف فيه العلماء.
هكذا
ذهب بعض أهل العلم وجعل هذا الحديث أصلا في عدم وجوب ما ذكر، ولكن عند التأمل تجد
الحديث ليس فيه دليل على ذلك، يعني: أنه لا يدل على عدم وجوب تحية المسجد، وعلى
عدم وجوب صلاة العيد وما أشبهها، لأن هذه الصلوات لها أسباب عارضة تجب بوجود
أسبابها، إلا أن القول الراجح أن تحية المسجد ليست بواجبة ولكنها سنة مؤكدة، أما
صلاة العيد فواجبة لأن النبي ﷺ أمر حتى الحيض
من النساء وذوات الخدور والعواتق أن يخرجن ويصلين إلا أن الحيض يعتزلن المصلى،
وأما الوتر فنعم، في الحديث دليل على أنه ليس بواجب لأن الوتر يتكرر يوميا فلو كان
واجبا لبينه الرسول ﷺ لهذا الرجل، فالصواب أن
الوتر سنة مؤكدة وليس بواجب لو تركه الإنسان لا يأثم، لكن من داوم على تركه سقطت
عدالته، قال الإمام أحمد -رحمه الله-: من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل
له شهادة.
وأما
صيام رمضان: تعم لا يجب على الإنسان أن يصوم غيره، اللهم إلا إن نذر فإن النبي ﷺ قال: «من نذر أن يطيع
الله فليطعه».
وأما
الزكاة: فلا يجب غيرها أيضا في المال إلا ما كان له سبب كالنفقة على الزوجة
والأقارب وما شابه ذلك مما له سبب معين يجب بوجوب السبب.
وأما
قول الرجل لما أدبر: (والله لا أزيد على هذا ولا أنقص) عاهد الله عهدا بيمين الا
يزيد على هذا ولا ينقص فقال النبي ﷺ: «أفلح إن
صدق»، أفلح إن صدق، وهذا دليل على أن الإنسان إذا اقتصر على الواجب في الشرع فإنه
مفلح، ولكن لا يعني هذا أنه لا يسن أن يأتي بالتطوع لأن التطوع تكمل به الفرائض
يوم القيامة، وكم من إنسان أدى الفريضة وفيها خلل، وفيها خروق، وفيها خدوش تحتاج
إلى تكميل وإلى رتق الصدع.
أما
حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في بعث النبي ﷺ
معاذا إلى اليمن فقد سبق الكلام عليه أيضا فلا حاجة إلى إعادته، لكن فيه أن الرسول
ﷺ قال: «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في
أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» فهذا هو الشاهد في هذا الباب. والله
الموفق.
![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhnr9ULDgcfLeYnIYvF_h2BeddwtsHUCz_rnopfg8lVQRxnP7USupdYgPTLgf0vjIIoQXLk2YP0p3hloWek1qxKb6PbWDupZMDw_tRL9BmvGyOKzOzioUNswwuke_XiYLR8nUUv442CtLc/s72-c/1.png)
ليست هناك تعليقات: