شرح حديث / أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر
كتاب الفضائل –
باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن
عثيمين رحمه الله
شرح حديث / أرى رؤياكم قد تواطأت في
السبع الأواخر
أحاديث
رياض الصالحين: باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
قال الله
تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾
[القدر:
١] إلى آخر السورة.
وقال تعالى:
﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ﴾.
[الدخان:
٣].
١١٩٧ - وعن
أبي هريرة- رضي الله عنه -عن النبي ﷺ قال: (من قام ليلة القدر
إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه). متفق عليه.
١١٩٨ - وعن
ابن عمر- رضي الله عنهما -أن رجالا من أصحاب النبي ﷺ، أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال
رسول الله ﷺ: (أرى
رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن
كان متحريها، فليتحرها في السبع الأواخر). متفق عليه.
١١٩٩ - وعن
عائشة- رضي الله عنها -قالت: كان رسول الله ﷺ يجاوز في العشر الأواخر من رمضان ويقول: (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان). متفق
عليه.
١٢٠٠ – وعن عائشة- رضي الله عنها -أن رسول الله ﷺ قال: (تحروا ليلة القدر في
الوتر من العشر الأواخر من رمضان). رواه البخاري.
١٢٠١ - وعن
عائشة- رضي الله عنها -قالت: كان رسول الله ﷺ إذا دخل العشر الأواخر من رمضان، أحيا الليل كله، وأيقظ
أهله، وجد وشد المئزر. متفق عليه.
١٢٠٢ - وعن
عائشة- رضي الله عنها -قالت: كان رسول الله ﷺ يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر
منه، ما لا يجتهد في غيره. رواه مسلم.
١٢٠٣ - وعن
عائشة- رضي الله عنها -قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر
ما أقول فيها؟ قال: (قولي اللهم إنك عفو تحب العفو
فاعف عني). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
الشرح
ذكر المؤلف-
رحمه الله -في كتابه رياض الصالحين باب فضل ليلة القدر.
وليلة القدر
سميت بذلك لوجهين: -
الوجه
الأول: أنه يقدر فيها ما يكون في السنة من أعمال بني آدم وغيرها، ودليل ذلك قوله
تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ
مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾
[الدخان:
٣-٤] يعني: يفصل ويبين.
والوجه
الثاني: أن ذلك الشرف، أي ليلة القدر، أي ليلة ذات الشرف لأن قدرها عظيم، ويدل
لذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ
الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ
مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [القدر: ١-٣].
هذه الليلة
خصت بفضلها هذه الأمة، فكانت لها، ويذكر أن النبي ﷺ عرضت عليه أعمار أمته فتقاصرها، فأعطي ليلة القدر وجعلت
هذه الليلة خيرا من ألف شهر، فإذا كان الإنسان له عشرون سنة، صار له عشرون ألف سنة
في ليلة القدر، وهذا من فضل الله- سبحانه وتعالى -على هذه الأمة. والله تعالى
خص هذه الأمة وخص نبيها ﷺ بخصائص لم تكن لمن سبقهم، فالحمد لله رب العالمين.
ثم ذكر
المؤلف أحاديث وردت في ذلك، وأنها أي ليلة القدر في رمضان وأنها في العشر الأواخر
منه، وأنها في أوتاره آكد، وأنها في ليلة سبع وعشرين آكد، لكن هي تنتقل في العشر
يعني قد تكون هذه السنة ليلة إحدى وعشرين والسنة الثانية ليلة ثلاث وعشرين،
والثالثة ليلة خمس وعشرين، أو سبع وعشرين، أو تسع وعشرين، أو أربع وعشرين أو ست
وعشرين، أو اثنتين وعشرين، تنتقل لأنها ليست ليلة معينة دائما، لكن أرجى ما تكون
ليلة سبع وعشرين ثم الأوتار، وأرجى العشر الأواخر السبع الأواخر منها، لأن جماعة
من الصحابة أروا ليلة القدر في السبع الأواخر، فقال ﷺ: (أرى رؤياكم قد تواطأت في
السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر) وهذا يحتمل أنه
كل عام أو أنه تلك السنة فقط، وعلى كل حال فهي في العشر الأواخر من رمضان.
وذكر المؤلف-
رحمه الله -أحاديث عن عائشة رضي الله عنها، مما يدل على فضل هذه المرأة، وأنها
حفظت لأمه محمد ﷺ من سنته ما لم تحفظه امرأة أخرى من النساء، فهي- رضي الله عنها -أكثر
النساء حديثا عن رسول الله ﷺ حفظت من شريعة الله وسنة رسوله ما لم تحفظه امرأة سواها فجزاها الله عن
أمه محمد خيرا.
تقول عائشة
للرسول ﷺ: أرأيت إن وافقت أو علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول
فيها؟ قال: (قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني).
والعفو: هو
المتجاوز عن سيئات عباده، وهو- سبحانه وتعالى -عفو قدير، يعني يعفو مع المقدرة،
ليس كبني آدم إذا عجز عن الشيء سامح، إنما يعفو مع القدرة- جل وعلا -، وهذا هو
كمال العفو، وهو- سبحانه وتعالى -يحب العافين عن الناس، فمن عفا وأصلح فأجره على
الله، وهو سبحانه يحب الذين يأخذون من الناس العفو، بل أمر بذلك فقال: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: ١٩٩].
قال
العلماء: معنى العفو يعني خذ ما عفي من الناس، يعني ما سهل منه خذه ولا تشد الحبل،
فخذ العفو واترك ما وراء ذلك، وهذا من آداب القرآن أن الإنسان يكون واسع الصدر
لبني آدم يأخذ العفو، فالشاهد أن أفضل ما تدعو به تقول: (اللهم
إنك عفو تحب العفو فاعف عني) والله الموفق.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات
النَعيمْ
تقبل الله منا
ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر
Reviewed by احمد خليل
on
9:56:00 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: