شرح حديث/ الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة
كتاب
الفضائل: باب فضل الصلوات
شرح
حديث/ الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة
أحاديث رياض الصالحين: باب فضل الصلوات.
١٠٤٩ - وَعنْ
أَبي هُرَيْرةٍ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- قَال: سمِعْتُ رسُول اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «أَرأَيْتُمْ
لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِباب أَحَدِكم يغْتَسِلُ مِنْه كُلَّ يَوْمٍ خَمْس مرَّاتٍ،
هلْ يبْقى مِنْ دَرَنِهِ شَيءٌ؟» قالُوا: لا يبْقَى مِنْ درنِهِ شَيْء،
قَال: «فذلكَ مَثَلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ، يمْحُو
اللَّه بهِنَّ الخطَايا» متفقٌ عَلَيْهِ.
١٠٥٠ - وعنْ
جَابِرٍ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مثَلُ الصَّلواتِ
الخَمْسِ كمثَلِ نهْرٍ جارٍ غمْرٍ عَلي بَابِ أَحَدِكُم يغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ
يَوْمٍ خمْسَ مرَّاتٍ» رواه مسلم.
«الغمْرٍ»
بفتح الغين المعجمة: الكثير.
١٠٥١ - وعَنِ
أبْنِ مَسْعُودٍ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رجُلًا أَصاب مِنِ امْرأَةٍ
قُبْلَةً، فأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَأَخبرهُ
فأَنزَل اللَّه تَعَالَى: {وأَقِم الصَّلاةَ طَرفي
النَّهَار وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ، إِنَّ الْحَسنَاتِ يُذهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}
[هود: ١١٤]
فَقَالَ الرَّجُلُ: أَلِيَ هَذَا؟ قَالَ: «لجمِيع
أُمَّتي كُلِّهِمْ» متفقٌ عليه.
١٠٥٢ - وعن
أَبي هُريرة -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «الصَّلواتُ
الخَمْسُ، والجُمُعةُ إِلي الجُمُعَةِ، كفَّارةٌ لِمَا بَيْنهُنَّ، مَا لَمْ تُغش الكبَائِرُ»
رواه مسلم.
١٠٥٣ - وعن
عثمانَ بنِ عفان -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- قالَ: سمِعْتُ رسولَ اللَّه ﷺ يقولُ: «ما مِن امرئ
مُسْلِمٍ تحضُرُهُ صلاةٌ مَكتُوبةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا، وَخُشوعَهَا،
وَرُكُوعَها، إِلاَّ كَانَتْ كَفَّارةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذنُوبِ مَا لَمْ
تُؤْتَ كَبِيرةٌ، وَذلكَ الدَّهْرَ كلَّهُ» رواه مسلم.
الشرح:
هذه
الأحاديث من فضائل الصلوات، فقد شبه النبي ﷺ
بنهر غمر جار، النهر الغمر: الكثير الماء الحالي معروف ضد الراكد، يغتسل منه
الإنسان في اليوم خمس مرات، فهل يبقى من وسخه شيء؟ الجواب: لا يبقى من وسخه شيء،
فهكذا الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا حتى يبقي الإنسان طاهرا نقيا من
الخطايا، ولكن كما أسلفنا فيما مضى أن هذا في الصلوات التي يتمها الإنسان ويحققها،
ويحضر قلبه ويشعر أنه يناجي الله سبحانه وتعالى، فإذا تمت الصلاة على المطلوب حصل
هذا الثواب العظيم.
وكذلك
أيضا من فضائل الصلوات الخمس؛ أن الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة مكفرات لما
بينهن ما لم تغش الكبائر، يعني: ما لم تفعل. فالصلوات الخمس تكفر الصغائر، لكن
الكبائر لا، فالغش مثلا في المعاملات كبيرة من كبائر الذنوب؛ لأن النبي ﷺ تبرأ من فاعله فقال: «من
غشنا فليس منا» فإذا صلى الإنسان الصلوات الخمس وهو غاش فإن الغش لا يكفر؛
لأنه كبيرة من كبائر الذنوب، الحلف الكاذب في السلعة هذا أيضا من كبائر الذنوب،
ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم:
«المنان، والمسبل، والمنفق سلعته بحلف كاذب» كذلك لو كان الإنسان ينزل ثوبه خيلاء
فإن هذا من كبائر الذنوب فإنه لا يكفر عنه ذلك إذا صلى بل لو أنزله إلى أسفل من
الكعب ولو لم يكن خيلاء فإنه من كبائر الذنوب فلا يغفر له بصلاته لأنه كبيرة،
الغيبة أيضا من كبائر الذنوب فإذا اغتاب الإنسان رجلا واحدا فقط بين صلاة الفجر
والظهر مثلا فإن صلاة الظهر لا تكفر هذه الغيبة لأنها من كبائر الذنوب، ولو كانت
مرة واحدة لرجل واحد، والغيبة هي التي يسميها العوام السبابة، يعني: أن يذكر أخاه
بما يكره لأن النبي ﷺ سئل عنها فقال: «ذكرك أخاك بما يكره» قال: أرأيت إن كان فيه ما أقول؟
قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه
ما تقول فقد بهته» والغيبة تختلف آثامها باختلاف آثارها وعواقبها.
فمثلا
اغتياب العلماء أشد من العوام، واغتياب ولاة الأمور أشد من اغتياب من دونهم، وبهذا
نعرف أن هذه النشرات التي توزع بين الناس الآن من الغيبة وأن نشرها بين الناس من
كبائر الذنوب، وأن الإنسان يأثم بها إثما عظيما لأنها توجب أن يكره الناس من
اغتيبوا فيها وأن يتمردوا عليهم، وتوجب أيضا إيغار الصدور، وإيقاظ الفتن فهي
والعياذ بالله، غيبة لولاة الأمور من أكبر الآثام في الغيبة فالذي ينشرها أو
يصورها ويوزعها آثم فاعل كبيرة والعياذ بالله، عليه إثمها، وإثم كل من تأثر بها
-نسال الله السلامة والعافية- لأن هذه الأمور لا شك أنها داخلة في الغيبة ذكرك
أخاك بما يكره، ثم ما مصدر هذا الكلام من قال إن هذا الكلام صحيح من يقول إنه
صحيح، ولذلك يوجد في بعض النشرات أشياء كذب ليست بصحيحة فتكون جامعة بين الغيبة
والبهتان -والعياذ بالله.
وثالثا:
ماذا يترتب على نشر هذه الأوراق، هل تصلح الأمور، هل يقلع الناس عما وصفوا به في
هذه النشرات؟ أبدا، لا يزيد الأمر إلا شدة لذلك، نرى أن توزيع مثل هذه النشرات في
غيبة ولاة الأمور من كبائر الذنوب وأن الإنسان آثم إذا نشرها أو صورها أو وزعها
بين الناس لما فيها من انطباق حقيقة الغيبة عليها، ثم يتولد عليها مفاسد عظيمة
ليست كما لو اغتبت زيدا أو اعتمرا فالأمر يكون عليه شخصيا، لكن هذا يترتب عليه أنه
ضرر على المغتاب شخصيا وضرر على الأمن لأنه يوجب إيغار الصدور وكراهة ولاة الأمور
فنحن نحذر من نشر هذه الأوراق، ونرى أن من شارك في نشرها أو توزيعها فإنه آثم فاعل
كبيرة من كبائر الذنوب، ولو كنا نعلم أن الأمر ستصلح بمثل هذا لكان الأمر هينا،
ولكن الأمور ما تزداد إلا كراهة لولاة الأمور وشرا مستطيرا -نسال الله عز وجل- أن
يجازي من نشرها بما يستحق إنه على كل شيء قدير.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: