شرح حديث / ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن
كتاب
الفضائل -باب الحث على سور وآيات مخصوصة
من دليل الفالحـــين
باب
الحث على سور وآيات مخصوصة الحديث رقم 1016
1016-عن أَبي سعيدٍ رافعِ بنِ المُعلَّى رَضيَ اللَّه عَنْهُ
قَالَ: قَالَ لي رسولُ اللَّه ﷺ: "أَلا أُعَلِّمُكَ
أَعْظَم سُورةٍ في الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تخْرُج مِنَ المَسْجِدَ؟ فأَخَذَ
بيدِي، فَلَمَّا أَردْنَا أَنْ نَخْرُج قُلْتُ: يَا رسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قُلْتَ
لأُعَلِّمنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ في الْقُرْآنِ؟ قَالَ:﴿ الحَمْدُ
للَّهِ رَبِّ العَالمِينَ ﴾هِي السَّبْعُ المَثَاني، وَالْقُرْآنُ
الْعَظِيمُ الَّذي أُوتِيتُهُ" رواه
البخاري.
الشرح
(عن أبي سعيد رافع بن المعلى) بضم الميم وفتح المهملة
وتشديد اللام المفتوحة، وقيل اسمه الحارث، وقال ابن عبد البر: إنه أصح ما قيل في
اسمه، قال: ومن قال اسمه رافع فقد أخطأ لأن رافع بن المعلى قتل ببدر، قال: وأصح ما
قيل فيه إنه الحارث بن نفيع بن المعلى بن لوان بن حارثة بن زيد بن ثعلبة بن عدي بن
مالك بن زيد بن مناة بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن عضب الأنصاري الزرقي (رضي
الله عنه) وأمه آمنة بنت قرط بن خنساء عن بني سلمة نسبه كما ذكرنا جماعة وحبيب بن
عبد حارثة هو أخو زمرمق، وقيل لأبي سعيد الزرقي لأن العرب كثيرًا ما تنسب ولد الأخ
إلى أخيه المشهور وهو معدود في أهل الحجاز روي له عن رسول الله حديثان، روى عنه
البخاري هذا الحديث انفرد به عن مسلم.
(قال: قال لي رسول الله: ألا)
بتخفيف اللام أتى بها لتنبيه المخاطب لما يلقي إليه بعدها (أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد)
وإنما قال له ذلك ولم يعلمه بها ابتداء ليكون أدعى إلى تفريغ ذهنه لتلقيها وإقباله
عليها بكليته (فأخذ بيدي) أي بعد أن قال ذلك ومشينا (فلما أردنا أن نخرج قلت: يا
رسول الله إنك قلت لأعلمنك) هو رواية بالمعنى إن كان الصادر من النبي ما حكاه عنه
أولًا وإن كان قاله له مع ذلك لأعلمنك فيكون رواية باللفظ (أعظم سورة في القرآن، قال: الحمد لله ربّ العالمين)
أي سورة الفاتحة، وإنما كانت أعظم سورة لأنها جمعت جميع مقاصد القرآن، ولذا سميت
بأم القرآن.
ولا ينافيه حديث البقرة أعظم السور لأن المراد به ما عدا
الفاتحة من السور التي فصلت فيها الأحكام وضربت فيها الأمثال وأقيمت فيها الحجج إذ
لم تشتمل سورة على ما اشتملت عليه سورة البقرة ولذا سميت فسطاط القرآن، ولعظيم
فقهها أقام عمر كما في الموطأ ثمان سنين على تعلمها، وحكي ذلك عن ابنه أيضًا، ثم
أشار إلى ما تميزت به الفاتحة عن غيرها من بقية السور حتى صارت أعظم منها بقوله (هي السبع المثاني) أي المسماة به جمع مثناة من
التثنية لأنها تثنى في الصلاة في كل ركعة كما جاء عن ابن عمر بسند حسن قال «السبع
المثاني فاتحة الكتاب تثنى في كل ركعة» أو لأنها تثنى بسورة أخرى أو لأنها نزلت
بمكة ونزلت بالمدينة وذلك للجمع بين ما جاء من كونها مكية وكونها مدنية ومثلها في
ذلك خواتيم سورة النحل وأول سورة الروم وآية الروح ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَار ِ﴾ أو سميت بذلك لاشتمالها على قسمين: ثناء ودعاء، أو لما
اجتمع فيها من فصاحة المباني وبلاغة المعاني، أو لأنها تثنى على مرور الزمان
وتتكرر فلا تنقطع وتدرس فلا تندرس، أو لأن فوائدها تتجدد حالًا فحالًا إذ لا منتهى
لها أو جمع مثناه من الثناء لاشتمالها على ما هو ثناء على الله تعالى فكأنها تثنى
عليه بأسمائه الحسنى وصفاته أو لأنها تدعو أبدًا بواسطة وصفها المعجز ببراعة النظم
وغزارة المعنى إلى الثناء عليها ثم قال من يتعلمها أو من الثنايا لأن الله استناها
لهذه الأمة ولا تنافي بين ما هنا وبين قوله تعالى «سبعًا
من المثاني» لأن «من» فيه للبيان أو
للتبعيض ولا مانع من أن القرآن كله يسمى مثاني أيضًا (والقرآن العظيم) أي وهي
المسماة بذلك أيضًا (الذي أوتيته) بالبناء
للمجهول: أي أعطيته وتسميتها بالقرآن العظيم وجهه الأئمة بما حاصله كما أخرجه
الحسن البصري «إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن ثم أودع علومه في
الفاتحة، فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسيره» وقد ورد عن علىّ رضي الله عنه.
لو شئت أن أوقر على الفاتحة سبعين وقرًا لأمكنني ذلك،
وهو صحيح لجمعها سائر ما يتعلق بالموجودات دنيا وأخرى وأحكامًا وعقائد، وتفصيل كل
ذلك وتوابعه على وجهها يستغرق العمر وزيادة (رواه البخاري) في أول كتاب تفسير
القرآن وفي باب فاتحة الكتاب من كتاب فضائل القرآن.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن
Reviewed by احمد خليل
on
6:41:00 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: