شرح الآية الكريمة/ وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر
كتاب
اللباس: باب استحباب الثوب الأبيض وجواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود وجوازه من
قطن وكتان وشعر وصوف وغيرها إلا الحرير
شرح
الآية الكريمة/ وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر
أحاديث
رياض الصالحين: باب استحباب الثوب الأبيض وجواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود
قال
تَعَالَى: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ
الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} [النحل: ٨١].
٧٨٣ -
وعن ابنِ عبَّاس -رضيَ اللَّه عنْهُما-
أنَّ رسُولَ اللَّهِ ﷺ
قَالَ: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ البَيَاضَ،
فَإِنَّهَا مِن خَيْرِ ثِيابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيها مَوْتَاكُمْ» رواهُ
أَبُو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
٧٨٤ - وعن
سَمُرَةَ -رضى الله عنه- قال: قالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْبَسُوا البَيَاضَ، فَإِنها أَطْهرُ وأَطَيبُ، وكَفِّنُوا
فِيها مَوْتَاكُمْ» رواهُ النسائي، والحاكم وقال: حديث صحيح.
٧٨٥ - وعن
البراءِ -رضى الله عنه- قَالَ: كانَ رسولُ اللَّهِ ﷺ مَرْبُوعًا وَلَقَدْ
رَأَيْتُهُ في حُلَّةِ حمْراءَ مَا رأَيْتُ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ.
متَّفقٌ عَلَيْهِ.
الشرح:
ذكر
المؤلف -رحمه الله- آية أخرى وهي قوله تعالى: {وَجَعَلَ
لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ}
السرابيل: هي الدروع يعني: مثل لباسنا هذا يسمى سرابيل: القمص والدروع وشبهها {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ
تَقِيكُم بَأْسَكُمْ} أما السرابيل التي تقينا البأس فهي: سرابيل الحديد
الدروع من الحديد كانوا في السابق يلبسونها عند الحرب والقتال لأنها تقي الإنسان
السهام الواردة إليه فإنها عبارة عن حلق من حديد منسوج كما قال الله تعالى وهو
يعلم داود: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}
[سورة سبأ: ١١]
فيصفون هذه الدروع بأنها إذا لبسها الإنسان وجاءته السهام أو الرماح أو السيوف
ضربت على هذا الحديث ورقته الشر.
أما
قوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} فهي
الثياب من القطن وشبهها تقي الحر وقد يقول قائل: لماذا لم يقل تقيكم البرد؟
أجاب
العلماء عن ذلك بأن هذا على تقدير شيء محذوف أي: تقيكم الحر وتقيكم البرد لكنه ذكر
الحر لأن السورة مكية نزلت في مكة وأهل مكة ليس عندهم برد فذكر الله منته عليهم
بهذه السرابيل التي تقي الحر.
وقيل:
إنه ليس في الآية شيء محذوف وأن الدروع التي تقي البأس تقي الإنسان حر السهام
ونحوها والسرابيل الخفيفة تقي الحر الجوي وذلك أن الإنسان في الجو الحار لو لم يكن
عليه سرابيل تقيه الحر للفحه الحر واسود جلده وتأذي وجف ولكن الله -سبحانه وتعالى-
جعل السرابيل التي تقي الحر من نعمته تبارك وتعالى.
ثم
ذكر حديث ابن عباس -رضى الله عنهما- وحديث سمرة في أن النبي ﷺ حث على لبس الثياب
البيض وقال: إنها من خير ثيابكم، وقال: كفنوا فيها موتاكم، وصدق النبي -عليه
الصلاة والسلام- فإن الثوب الأبيض خير من غيره من جهة الإضاءة والنور، ومن جهة أنه
إذا اتسخ أدنى اتساخ ظهر فيه فبادر الإنسان إلى غسله، أما الثياب الأخرى فربما
تتراكم فيها الأوساخ والإنسان لا يشعر بها ولا يغسلها وإذا غسلها فلا يدري هل تنظف
أم لا؟ فلهذا قال النبي ﷺ:
إنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم وهو شامل للبس الثياب البيض القمص والأزر
والسراويل كلها ينبغي أن تكون من البياض فإنه أفضل.
ولكن
لو أنه لبس من لون آخر فلا بأس بشرط الا يكون مما يختص لبسه بالنساء فإن كان مما
يختص لبسه بالنساء فإنه لا يجوز أن يلبسه الرجل لأن النبي صل الله عليه وعلى آله
وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، وكذلك بشرط الا يكون أحمر لأن الأحمر قد نهى
عنه النبي ﷺ
إذا كان أحمر خالصا فإن كان أحمر وفيه أبيض فلا بأس.
وعلى
هذا يحمل الحديث الثالث الذي ذكره المؤلف أن النبي ﷺ كان مربوعا وأنه كان
عليه حلة حمراء هذه الحلة الحمراء ليس معناها أنها كلها حمراء، لكن معناها أن
أعلامها حمر مثل ما تقول الشماغ أحمر وليس هو كله أحمر بل فيه بياض كثير لكن نقطه
ووشمه الذي فيه أحمر كذلك الحلة الحمراء يعني: أن أعلامها حمر أما أن يلبس الرجل
أحمرا خالصا ليس فيه شيء من البياض فإن النبي ﷺ نهى عن ذلك.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: