Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث / كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا

كتاب الأدب: باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير

شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله

شرح- حديث - كنت - بين - أظهرنا - فقمت - فأبطأت - علينا

شرح حديث / كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا


أحاديث رياض الصالحين: باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير

 

٧١٥ - وعن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رَسُولِ اللّهِ ، ومَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ -رضي الله عنهما- فِي نَفَرٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا، وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا، وَفَزِعْنَا فَقُمْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ. فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي رَسُولَ اللّهِ ، حَتَّى أَتَيْتُ حَائِطًا لِلأَنْصَارِ لِبَنِي النَّجَّار، فَدُرْتُ بِهِ هَلْ أَجِدُ لَهُ بَاباً؟ فَلَمْ أَجِدْ، فَإِذَا رَبيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ حَائِطٍ مِنْ بِئرٍ خَارِجَةٍ –وَالرَّبِيعُ: الْجَدْوَلُ الصغير- فَاحْتَفَزْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللّهِ فَقَالَ: «أَبُو هُرَيْرَةَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللّهِ، قَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» قُلْتُ: كُنْتَ بَيْنَ ظَهْرَيْنَا فَقُمْتَ فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا، فَخَشِينَا أَنْ تُقْتطَعَ دُونَنَا، فَفَزِعْنَ، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ فَأَتَيْتَ هذا الْحَائِطَ، فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ، وهؤلاء النَّاسُ وَرَائِي. فَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ» وَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ فقَالَ: «اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَينِ، فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاء هذا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللّهُ، مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلُبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ».

فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيتُ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا هَاتَانِ النَّعَلاَنِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ فَقُلْتُ: هَاتَيْنِ نَعْلاَ رَسُولِ اللّهِ ، بَعثَنِي بِهِمَا مَنْ لَقِيِتُ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللّهُ مُسْتَيْقِنا بِهَا قَلْبُهُ، بَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، فَضَرَبَ عُمَرُ بِيَدِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ فَخَرَرْتُ لاِسْتِي، فَقَالَ: ارْجِع يا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ، فَأَجْهَشْتُ بُكَاءً، وَرَكِبَنِي عُمَرُ، فَإِذَا هُوَ عَلَى أَثَرِيْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ : «مَالَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟» قُلْتُ: لَقِيتُ عُمَرَ، فَأَخْبِرْتُهُ بالذِيْ بَعَثتَنِي بهِ، فَضَرَبَ بَينَ ثَدْيَيَّ ضَرْبَةً، خَرَرْتُ لاِسْتِيْ، قَالَ: ارْجِع، فقَالَ لَه رَسُولُ اللهِ : «يَا عُمَرَ! مَا حَمَلكَ عَلي مَا فَعَلتَ؟» قَالَ: يَا رسُولَ اللهِ! بِأَبِي أَنْتَ، وَأُمِّي، أَبَعَثْتَ أَبَا هُرَيرَةَ بِنَعْلِيْكَ، مَنْ لَقِيَ يَشْهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلا اللهُ مُسْتَيقَنَا بِهَا قَلبُهُ، بَشَّرَهُ بِالجَنَّةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَلا تَفْعَلْ، فَإِني أَخْشَى أَن يَتكِلَ النَّاسُ عَليْهَا، فَخَلِّهِمْ يَعْمَلونَ، قَالَ رسُولُ اللهِ : «فَخَلِّهِمْ» رواه مسلم.

(الربيع): النهر الصغير، وهو الجدول -بفتح الجيم- كما فسره في الحديث.

وقوله: (احتفزت) روى بالراء وبالزاي، ومعناه بالزاي: تضامنت وتصاغرت حتى أمكنني الدخول

 

الشرح:

هذا الحديث الذي نقله المؤلف في باب التبشير والتهنئة بالخير فيه أيضا البشارة فإن النبي كان جالسا في أصحابه في نفر منهم ومعه أبو بكر وعمر فقام النبي ثم أبطأ عليهم فخشوا أن يكون أحد من الناس اقتطعه دونهم؛ لأن النبي مطلوب من جهة المنافقين ومن جهة غيرهم من أعداء الدين فقام الصحابة -رضي الله عنهم- فزعين فكان أول من فزع أبو هريرة -رضي الله عنه- حتى أتى حائطا لبني النجار فجعل يطوف به لعله يجد بابا فلم يجد، ولعله أراد بابا مفتوحا فلم يجد؛ لأنه من المعلوم أن الحيطان لا بدَّ أن يكون لها أبواب ولكن لعله أن يكون وجد بابا مغلقا، ولكنه وجد فتحة صغيرة في الجدار فضم جسمه حتى دخل.

 

فوجد النبي فقال له: أبو هريرة. قال: نعم، فأعطاه نعليه -عليه الصلاة والسلام- وقال له: «اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا به قلبه فبشره بالجنة» فخرج أبو هريرة -رضي الله عنه- ومعه نعلا رسول الله وكأن الرسول أعطاه النعلين أمارة وعلامة أنه صادق؛ لأن هذه بشارة عظيمة أن من شهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه دخل الجنة؛ لأن الذي يقول هذه الكلمة مستيقنا بها قلبه لا بدَّ أن يقوم بأوامر الله ويجتنب نواهي الله؛ لأنه يقول لا معبود بحق إلا الله وإذا كان تلك الكلمة العظيمة فإنه لا بدَّ أن يعبد الله عز وجل وحده لا شريك له، أما من قالها بلسانه ولم يوقن بها قلبه -والعياذ بالله- فإنها لا تنفعه.

 

فهاهم المنافقون يشهدون أن لا إله إلا الله، لكنهم لا يذكرون الله إلا قليلا، ويقومون ويصلون، لكنهم يصلون صلاة المنافقين فالصلاة ثقيلة عليهم وأثقلها صلاة العشاء والفجر ويأتون للرسول -عليه الصلاة والسلام- يقولون نشهد إنك لرسول الله ويؤكدون هذا ولكن الله يقول: {وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [سورة المنافقون: ١] لم تستقين قلوبهم بلا إله إلا الله ولا بمحمد رسول الله ولهذا لم تنفعهم أما من استيقن بها قلبه هو الذي يبشر بذلك.

 

ولكن لا يمكن أن يوجد إنسان صادق يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويترك الفرائض ولهذا لا يكون هذا الحديث دليلا على أن تارك الصلاة لا يكفر لا ليس فيه دلالة؛ لأن تارك الصلاة يكفر ولو قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؛ لأنه يقولها من غير يقين: إذ كيف يقولها من يقين ويترك الصلاة ويحافظ على تركها -والعياذ بالله؟ -، ولكن قد يرد على القلب وساوس من الشيطان في الله عز وجل وهذه الوساوس لا تضر المؤمن شيئا فإن النبي قال: هذا صريح الإيمان ليس معنى ذلك أن الوساوس نفسها صريح الإيمان لكن الوساوس دليل على خالص الإيمان؛ لأن الشيطان يأتي إلى القلب الخالص الصريح الخالي من الشك ويوقع عليه الوساوس لعله يشك أو لعله يفسد إيمانه فيأتي الشيطان إلى القلب العامر بالإيمان فإذا دافعه الإنسان، وقال: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) وأخذ الله عز وجل ويمجده وأعرض عن هذا الوساوس زالت عنه.

 

والشيطان لا يأتي إلى قلب خراب ليفسده؛ لأن القلب الخراب خراب ويذكر أن ابن مسعود أو ابن عباس -رضي الله عنهما- جاء إليه ناس يقولون: نحن لا نوسوس في الصلاة فقال ابن عباس أو ابن مسعود: وما يصنع الشيطان بقلب خراب؟ معنى هذا أن قلوبهم خربة والقلوب الخربة لا يأتي الشيطان لها؛ لأنها انتهت إلى ما يريده الشيطان إنما يأتي الشيطان للقلوب السليمة المخلصة من أجل أن يلقى عليها الوساوس والشكوك فدع عنك هذه الوساوس والشكوك، والتجئ إلى ربك وقل: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد هو الأول والآخر والظاهر والباطن) فسيزول عنك ذلك بإذن الله.

 

ففي هذا الحديث بشارة بالخير وهو أن من شهد أن لا إله إلا الله موقنا بها قلبه فليبشر بالجنة.




الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

شرح حديث / كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا Reviewed by احمد خليل on 9:21:00 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.