شرح حديث/ قل آمنت بالله ثم استقم
الأربعين النووية
شرح العلامة الشيخ عبد
العزيز بن عبد الله بن باز
الحديث الواحد والعشرون: الاستقامة بالإسلام.
عَنِ أَبيْ عَمْرٍو،
وَقِيْلَ، أَبيْ عمْرَةَ سُفْيَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنه- قَالَ: قُلْتُ
يَا رَسُوْلَ اللهِ، قُلْ لِيْ فِي الإِسْلامِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ
أَحَدَاً غَيْرَكَ؟ قَالَ: «قُلْ آمَنْتُ باللهِ،
ثُمَّ استَقِمْ» رواة مسلم [١].
الشرح:
اَلحدِيث
الحادي والْعشْرون: عن سُفْيان بْن عَبْد اَللَّه الثَّقَفي -رَضِي اَللَّه عَنْه-
قال: لِمَا قال: (قَلَّت: يَا رَسُول اَللَّه، قلَّ لِي فِي الإسْلام قوْلا لَا
أَسأَل عَنْه أحدًا غَيرَك)؛ أيْ: قوْلا جامعًا، فَقَال اَلنبِي ﷺ: «قُلْ آمَنْتُ
باللهِ، ثُمَّ استَقِمْ»، هذَا جَامِع لِلْخيْر، «قُلْ
آمَنْتُ باللهِ، ثُمَّ استَقِمْ»؛ يَعنِي: آمنتْ بِاللَّه ربًّا والهًا
ومعْبودًا بِالْحقِّ، ثُمَّ يَستقِيم على هذَا الإيمان فِي طَاعَة اَللَّه وترْك
مَحارِمه سُبْحانه وَتَعالَى، هذَا هُو القوْل الجامع، إِيمَان صَادِق بِاللَّه،
وَأنَّه إِلَهك اَلحَق، وإيمَان بِمَا شرع، وإيمَان بِرسله، ثُمَّ اِسْتقامة على
ذَلِك.
فالْواجب
على كُلٍّ مُؤْمِن وَعلَى كُلٍّ مُؤْمِنة الاسْتقامة على أَمْر اَللَّه، والثَّبات
على دِينه، واحْذر مِن أَسبَاب الانْحراف والْوقوع فِيمَا حرم اَللَّه عزَّ وجلَّ،
لَا بُدَّ مِن اِسْتقامة وصبْر وَثَبات حَتَّى الموْتِ؛ يَقُول اَللَّه تَعالَى
لِنبيِّه ﷺ: {فَاسْتَقِمْ
كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ} [هود: ١١٢]، فأمْر اَللَّه نَبيَّه أن
يَستقِيم، كمَا هُو وَاجِب على نَبيهِم أن يَستقِيم، فَعليْهِم أن يسْتقيموا، أن
يُثْبتوا على اَلحَق، ويلْزموه، ولَا يعْوجُّوا عَنْه يمينًا ولَا شمالا، وَهُو
مَا بعث اَللَّه بِه اَلنبِي ﷺ، مِن تَوحِيد
اَللَّه والْإخْلاص لَه، وَطاعَة أَوامِره وترْك نَواهِيه، والْوقوف عِنْد حُدوده،
عن رَغبَة وَرهْبَة، وعن صِدْق وإيمَان، هَذِه هِي الاسْتقامة؛ لُزُوم اَلحَق
قوْلا وعملا، والثَّبات عليْه، والاسْتمْرار على ذَلِك حَتَّى يَلقَى اَللَّه -سُبْحانه
وَتَعالَى-.
فجدير
بِذي الرَّغْبة والنَّفْس المؤْمنة، والرَّاغب فِي الخيْر أن يَهتَم بِهَذا الأمْر،
وأن يُعنِى بِالاسْتقامة وأن يُحذِّر الانْحراف والْمَيْل إِلى الباطل، فَإِنهَا
مُدَّة يَسِيرَة، ثُمَّ يَنتَقِل عن هَذِه الدَّار ويلْقى عَملُه، فَيُسر بِمَا
قَدَّم مِن الخيْر، ويحْزن على مَا قَدَّم مِن شرٍّ، وَهُو لَا يَدرِي مَا مُدتُه
فِي هَذِه الحيَاة، وَمتَى يَنتَهِي مِنهَا، فالْواجب أنَّ يَأخُذ بِالْحيطة، وأن
يُعمِّر أوْقاته بِالاسْتقامة، ويحْفظ أوْقاته بِالاسْتقامة، حَتَّى يُحمَد العاقبة.
رِزْق اَللَّه اَلجمِيع التَّوْفيق والْهداية [٢].
[١]
صحيح مسلم (٣٨).
[٢]
ينظر: شرح رياض الصالحين (١/٢٠٤-٢٠٦).
الحمد
لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن
المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح
الأعمال
ليست هناك تعليقات: