Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث أنس بن مالك (فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر) من رياض الصالحين

باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير ثقة بالله تعالى
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح - حديث - أنس - بن - مالك - فإن - محمدا - يعطي - عطاء - من - لا - يخشى - الفقر
شرح حديث أنس بن مالك (فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر)

أحاديث رياض الصالحين: باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير
٥٥٨ - وعن أَنسٍ - رضي اللَّه عنه - قال: ما سُئِلَ رسُولُ اللَّه ﷺ عَلَى الإِسْلامِ شَيئاً إِلا أَعْطاه، وَلَقَدَ جَاءَه رَجُلٌ فَأَعطَاه غَنَماً بَينَ جَبَلَينِ، فَرَجَعَ إِلى قَومِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمداً يُعْطِي عَطَاءَ مَنْ لا يَخْشَى الفَقْرَ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ مَا يُرِيدُ إِلاَّ الدُّنْيَا، فَمَا يَلْبَثُ إِلاَّ يَسِيراً حَتَّى يَكُونَ الإِسْلامُ أَحَبَّ إِلَيه منَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا. رواه مسلم.
٥٦١ - وعن أبي هُريرة رضيَ اللَّهُ عنه أَنَّ رسولَ اللَّه  قال: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزّاً، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ» رواه مسلم. 
الشرح
قال المؤلف - رحمه الله تعالى - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه – قال: ما سئل النبي  شيئاً على الإسلام إلا أعطاه؛ لأنه  كان أكرم الناس، وكان يبذل أمواله فيما يقرب إلى الله - سبحانه وتعالى.
ومن ذلك أنه  إذا سأله شخص على الإسلام، يعني: على التأليف على الإسلام والرغبة فيه إلا اعطاه، مهما كان هذا الشيء، حتى إنه سأله أعرابي فأعطاه غنماً بين جبلين، بين جبلين معناه: أنها غنم كثيرة؛ لكن الرسول  أعطاه لما يرجوا من الخير لهذا الرجل ولمن وراه.
ولذلك ذهب هذا الرجل إلى قومه فقال: (يا قوم أسلموا، فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر)، عليه الصلاة والسلام، يعني: يعطي عطاءً جزيلاً، عطاء من لا يخشى الفقر، فانظر إلى هذا العطاء كيف أثر في هذا الرجل هذا التأثير العظيم، حتى أصبح داعية إلى الإسلام.
وهو إنما سأل طمعاً كغيره من الأعراب، فالأعراب أهل طمع، يحبون المال ويسألونه، ولكنه لما أعطاه الرسول - عليه الصلاة والسلام - هذا العطاء الجزيل صار داعية إلى الإسلام، فقال: (يا قوم أسلموا) ولم يقل أسلموا تدخلوا الجنة وتنجوا من النار، بل قال: (أسلموا؛ فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر) يعني: سيعطيكم ويكثر.
ولكنهم إذا أسلموا من أجل المال، فإنهم لا يلبثون يسيراً إلا وقد صار الإسلام أحب شيء إليهم، أحب من الدنيا وما فيها، ولهذا كان الرسول - عليه الصلاة والسلام - يعطي الرجل تأليفاً له على الإسلام، يعطيه حتى يسلم للمال؛ لكنه لا يلبث إلا يسيراً حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما فيها.
ويؤخذ من هذا الحديث وأمثاله: أنه لا ينبغي لنا أن نبتعد عن أهل الكفر وعن أهل الفسوق، وأن ندعهم للشياطين تلعب بهم؛ بل نؤلفهم، ونجذبهم إلينا بالمال واللين وحسن الخلق حتى يألفوا الإسلام، فها هو الرسول - عليه الصلاة والسلام - يعطي الكفار، يعطيهم حتى من الفيء.
بل إن الله جعل لهم حظاً من الزكاة، نعطيهم لنؤلفهم على الإسلام، حتى يدخلوا في دين الله، والإنسان قد يسلم للدنيا، ولكن إذا ذاق طعم الإسلام رغب فيه، فصار أحب شيء إليه.
قال بعض أهل العلم: طلبنا العلم لغير الله؛ فأبى أن يكون إلا لله، فالأعمال الصالحة لابد أن تربي صاحبها على الإخلاص لله - عز وجل - والمتابعة للرسول - عليه الصلاة والسلام.
وإذا كان هذا دأب الإسلام فيمن يُعطى على الإسلام ويُولف؛ فإنه ينبغي لنا أن ننظر إلى هذا نظرة جدية، فنعطي من كان كافراً إذا وجدنا فيه قرباً من الإسلام، ونهاديه ونحسن له الخلق، فإذا اهتدى فلئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم.
وهكذا أيضاً الفساق هادهم، أنصحهم باللين، وبالتي هي أحسن، ولا تقل: أنا أبغضهم لله، ابغضهم لله وادعهم إلى الله، بغضك إياهم لله لا يمنعك أن تدعوهم إلى الله؛ بل ادعهم إلى الله - عز وجل - وإن كنت تكرههم فلعلهم يوماً من الأيام يكونون من أحبابك في الله.

ثم ذكر المؤلف الحديث الآخر: أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال: «ما نقصت صدقة من مال» يعني: الإنسان إذا تصدق؛ فإن الشيطان يقول له: أنت إذا تصدقت نقص مالك، عندك مائة ريال إذا تصدقت بعشرة لم يكن عندك إلا تسعون، إذا نقص المال فلا تتصدق، كلما تصدقت ينقص مالك.
ولكن من لا ينطق عن الهوى يقول: إن الصدقة لا تنقص المال، لا تنقصه لماذا؟، قد تنقصه كمّا، لكنها تزيده كيفا وبركة، وربما هذه العشرة يأتي بدلها مائة، كما قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سـبأ:٣٩]، إي: يجعل لكم خلفاً عنه عاجلاً، وأجراً وثواباً آجلاً.
قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة:٢٦١].
والمسلمون اليوم مقبلون على شهر رمضان، وشهر رمضان مقبل عليهم، فهو شهر الجود والكرم، كان النبي صل الله عليه وآله وسلم أكرم الناس، وكان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فلرسول الله  أجود بالخير من الريح المرسلة.
الريح المرسلة التي أمرها الله وأرسلها فهي عاصفة سريعة، ومع ذلك فالرسول - عليه الصلاة والسلام - أسرع بالخير في رمضان من هذه الريح المرسلة، فينبغي لنا إن كانت زكاة فزكاة، وإن كانت تبرعاً فتبرع؛ لأنه شهر الخير والبركة والإنفاق.
ويزيد العامة على قوله : «ما نقصت صدقة من مال» يجري على السنة العامة قولهم: (بل تزده) وهذه لا صحة لها، فلم تصح عن الرسول - عليه الصلاة والسلام - وإنما الذي صح عنه  قوله: «ما نقصت صدقة من مال».
فالزيادة التي تحصل بدل الصدقة إما كمية وإما كيفية.
مثال الكمية: أن الله تعالى، يفتح لك باباً من الرزق ما كان في حسابك .
والكيفية: أن ينزل الله لك البركة فيما بقي من مالك.
ثم قال : «وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً»، إذا جنى عليك أحد وظلمك في مالك، أو في بدنك، أو في أهلك، أو في حق من حقوقك، فإن النفس شحيحة تأبى إلا أن تنتقم منه، وأن تأخذ بحقك، وهذا لك.
قال تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة:١٩٤]، وقال تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦].
ولا يلام الإنسان على ذلك، لكن إذا هم بالعفو وحدث نفسه بالعفو قالت له نفسه الأمارة بالسوء: إن هذا ذل وضعف، كيف تعفو عن شخص جنى عليك أو اعتدى عليك؟!
فيقول الرسول - عليه الصلاة والسلام -: وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً" والعز ضد الذل، والذي تحدثك به نفسك أنك إذا عفوت فقد ذللت أمام من اعتدى عليك، فهذا من خداع النفس الأمارة بالسوء ونهيها عن الخير، فإن الله تعالى، يثيبك على عفوك هذا، فالله لا يزيدك إلا عزاً ورفعة في الدنيا والآخرة.
ثم قال : «وما تواضع أحد لله إلا رفعه» وهذه الرفعة تكون بسبب التواضع والتضامن، والتهاون، ولكن الإنسان يظن أنه إذا تواضع نزل، ولكن الأمر بالعكس، إذا تواضعت لله؛ فإن الله تعالى، يرفعك.
وقوله: «تواضع لله» لها معنيان:
المعنى الأول: أن تتواضع لله بالعبادة وتخضع لله وتنقاد لأمر الله.
المعنى الثاني: أن تتواضع لعباد الله من أجل الله، وكلاهما سبب للرفعة، وسواء تواضعت لله بامتثال أمره واجتناب نهيه وذللت له وعبدته، أو تواضعت لعباد الله من أجل الله لا خوفاً منهم، ولا مداراة لهم، ولا طلباً لمال أو غيره، إنما تتواضع من أجل الله - عز وجلّ - فإن الله تعالى، يرفعك في الدنيا أو في الآخرة.
فهذه الأحاديث كلها تدل على فضل الصدقة والتبرع، وبذل المعروف والإحسان إلى الغير، وأن ذلك من خلف النبي صل الله عليه وآله وسلم. 
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث أنس بن مالك (فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر) من رياض الصالحين Reviewed by احمد خليل on 10:42:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.