شرح حديث/ أصبت حدًا فأقمه علي
شرح حديث/ أصبت حدًا فأقمه علي
شرح حديث/ إن
الله تعالى يبسط يده بالليل
شرح حديث/ أن رجلًا أصاب من امرأة
قبلة
شرح حديث/ إن
الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة
شرح حديث/ فقلت له: ما أنت قال أنا
نبي
أحاديث رياض الصالحين
باب الرجاء الحديث
رقم 439 -440-441 -442-443
439
-عن ابنِ مسعودٍ رضي اللَّه عنه أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ أمرأه قُبْلَة،
فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ
فأَخبره، فأَنزل اللَّهُ تعالى:﴿ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ
طَرَفي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ الَّليْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ
السَّيِّئَاتِ ﴾]
هود: 114[فقال الرجل: أَلي هذا يا رسولَ
اللَّه؟ قال: (لجَميعِ أُمَّتي كُلهِمْ) متفقٌ
عليه (1).
440
-عن أَنسٍ، رضي اللَّه عنه، قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلي النبي ﷺ فقال: يا رسولَ اللَّهِ أَصَبْتُ
حدًّا، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، وَحَضَرتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى مَعَ رسول الله ﷺ فَلَمَّا قَضَى الصَّلاة قال: يا
رسول اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حدًّا، فأَقِمْ فيَّ كتَابَ اللَّهِ، قال:) هَلْ حَضَرْتَ مَعَنَا الصَّلاَةَ؟ (قال: نَعم: قال) قد غُفِرَ لَكَ (متفقٌ
عليه (2).
وقوله:
(أَصَبْتُ حَدًّا) معناه: مَعْصِيَةً تُوجِبُ
التَّعْزير، وَليس المُرَادُ الحَدَّ الشَّرْعِيَّ الْحقيقيَّ كَحَدِّ الزِّنَا
والخمر وَغَيْرِهمَا، فَإِنَّ هَذِهِ الحُدودَ لا تَسْقُطُ بِالصلاةِ، ولا يجوزُ
للإمام تَرْكُهَا.
441
-عن أَنسٍ، رضي اللَّه عنه قال: قال ﷺ:
(إِنَّ اللَّه لَيَرضي عن الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ
الأَكلَةَ، فَيحْمَدُهُ عليها، أَوْ يَشْربَ الشَّرْبَةَ، فَيَحْمدُهُ عَليها (رواه
مسلم (3).
(الأَكْلَةُ) بفتح الهمزة وهي المرَّةُ الواحدةُ مِنَ
الأَكلِ كَالْغَدْوةِ والْعَشْوَةِ، واللَّه أعلم.
442
-عن أبي موسى، رضي اللَّه عنه، عن النبيِّ ﷺ، قال: (إِنَّ
اللَّه تعالى، يبْسُطُ يَدَهُ باللَّيلِ لَيَتُوبَ مُسيِءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ
يَدهُ بِالنَّهارِ ليَتُوبَ مُسيئُ اللَّيلِ حتى تَطْلُعَ الشمسُ مِنْ مَغْرِبها)
رواه مسلم (4).
443
- عن أبي نجيحٍ عَمرو بن عَبْسَةَ بفتح العين والباءِ السُّلَمِيِّ، رضي اللَّه
عنه قال: كنتُ وَأَنَا في الجَاهِلِيَّةِ أَظُنُّ أَنَّ النَّاسَ عَلي ضَلالَةٍ،
وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا على شيءٍ، وَهُمْ يَعْبُدُونَ الأَوْثَانَ، فَسَمِعْتُ
بِرَجُلٍ بِمكَّةَ يُخْبِرُ أَخْبَارًا، فَقَعَدْتُ عَلي رَاحِلَتي، فَقَدِمْتُ
عَلَيْهِ، فَإِذَا رسولُ اللَّه ﷺ
مُسْتَخْفِيًا جُرَءَاءُ عليهِ قَوْمُهُ، فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى دَخلْتُ عَلَيهِ
بِمَكَّة، فَقُلْتُ له: ما أَنَتَ؟ قال: (أَنا نَبي)
قلتُ: وما نبي؟ قال: (أَرْسَلِني اللَّه) قلت:
وبِأَيِّ شَيْءٍ أَرْسلَكَ؟ قال: (أَرْسَلني بِصِلَةِ
الأَرْحامِ، وكسرِ الأَوْثان، وَأَنْ يُوَحَّدَ اللَّه لا يُشْرَكُ بِهِ شَيْء)
قلت: فَمنْ مَعَكَ عَلي هَذا؟ قال: (حُر وَعَبْدٌ)
ومعهُ يوْمَئِذٍ أَبو بكر وبلالٌ رضي اللَّه عنهما. قلت: إِنِّي مُتَّبعُكَ، (قال إِنَّكَ لَنْ تَستطِيعَ ذلكَ يَوْمَكَ هَذا. أَلا تَرى
حَالى وحالَ النَّاسِ؟ وَلَكِنِ ارْجعْ إِلي أَهْلِكَ فَإِذا سمعْتَ بِي قد
ظَهَرْتُ فَأْتِني) قال فَذهبْتُ إِلي أَهْلي، وَقَدِمَ رسول اللَّه ﷺ المَدينَةَ. وكنتُ في أَهْلي.
فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّرُ الأَخْبَارَ، وَأَسْأَلُ النَّاسَ حينَ قَدِمَ المدينة
حَتَّى قَدِمَ نَفرٌ مِنْ أَهْلي المدينةَ، فقلتُ: ما فَعَلَ هذا الرَّجُلُ الذي
قدِم المدينةَ؟ فقالوا: النَّاسُ إِليهِ سِراعٌ وَقَدْ أَرَادَ قَوْمُه قَتْلَهُ،
فَلَمْ يَستْطَيِعُوا ذلِكَ، فَقَدِمتُ المدينَةَ فَدَخَلتُ عليهِ، فقلتُ: يا
رسولَ اللَّه أَتَعرِفُني؟ قال: (نَعم أَنتَ الَّذي
لَقيتنَي بمكةَ) قال: فقلتُ: يا رسول اللَّه أَخْبرني عمَّا عَلَّمكَ
اللَّه وَأَجْهَلُهُ، أَخبِرنْي عَنِ الصَّلاَةِ؟ قال: (صَلِّ
صَلاَةَ الصُّبحِ، ثُمَّ اقْصُرْ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَرتفَعِ الشَّمْسُ قِيدَ
رُمْحٍ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ حين تطلع بَيْنَ قَرْنَي شَيْطَانٍ، وَحِينئِذٍ
يَسْجُدُ لَهَا الكفَّارُ، ثُمَّ صَل، فَإِنَّ الصَّلاَةَ مشهودة محضورة. حتى
يستقِلَّ الظِّلُّ بالرُّمحِ، ثُمَّ اقْصُر عن الصَّلاةِ، فإِنه حينئذٍ تُسجَرُ
جَهَنَّمُ، فإِذا أَقبلَ ألفَيء فصَلِّ، فإِنَّ الصَّلاةَ مَشهودةٌ محضورة حتى
تُصَلِّيَ العصرَ ثم اقْصُر عن الصلاةِ حتى تَغْرُبَ الشمسُ، فإِنها تُغرُبُ بين
قَرنيْ شيطانٍ، وحينئذٍ يَسْجُدُ لها الكُفَّارُ).
قال:
فقلت: يا نَبِيَّ اللَّه، فالوضوءُ حدّثني عنه؟ فقال: (ما
منْكُمْ رجُل يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ، فَيَتَمَضْمضُ ويستنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ، إِلاَّ
خَرَّتْ خطايَا وجههِ وفيهِ وخياشِيمِهِ. ثم إِذا غَسَلَ وجهَهُ كما أَمَرَهُ
اللَّه إِلاَّ خرّت خطايا وجهِهِ مِنْ أَطرافِ لحْيَتِهِ مع الماءِ. ثم يغسِل
يديهِ إِلي المِرفَقَينِ إِلاَّ خرّت خطايا يديه من أَنامِلِهِ مع الماءِ، ثم
يَمْسحُ رَأْسَهُ، إِلاَّ خَرَّتْ خَطايَا رَأْسِهِ من أَطرافِ شَعْرهِ مع الماءِ،
ثم يَغْسِل قَدَمَيهِ إِلي الكَعْبَيْنِ، إلاَّ خَرت خطايا رِجْلَيه من
أَنَأمِلِهِ مَع الماءِ، فإِن هو قامَ فصلَّى، فحمِدِ اللَّه تعالى، وأَثْنَى
عليهِ وَمجَّدَهُ بالذي هو له أَهل، وَفَرَّغَ قلبه للَّه تعالى. إِلا انصَرَفَ من
خطيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يومَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ).
فحدّثَ
عَمرو بنُ عَبسةَ بهذا الحديثَ أَبَا أُمامةَ صاحِبِ رسولِ اللَّه ﷺ فقال له أبو أُمامةَ: يا عَمْروُ بن
عَبْسَةَ، انظر ما تقولُ. في مقامٍ واحِدٍ يُعطى هذا الرَّجُلُ؟ فقال عَمْرو: يا
أَبَا أُمامةَ. فقد كِبرَتْ سِنِّي، ورَقَّ عَظمِي، وَاقْتَرَبَ أَجَلي، وما بي
حَاجة أَنْ أَكذِبَ على اللَّهِ تعالى، ولا على رسول اللَّهِ ﷺ لو لم أَسْمَعْهُ من رسول اللَّه ﷺ إِلاَّ مَرَّةً أَوْ مَرْتَيْن أو
ثلاثًا، حَتَّى عَدَّ سبعَ مَراتٍ، ما حَدَّثتُ أَبدًا بِهِ، ولكنِّي سمِعتُهُ
أَكثَرَ من ذلك رواه مسلم (5).
قوله:
(جُرَءَاءُ عليهِ قومُهُ): هو بجيمٍ مضمومة
وبالمد على وزنِ عُلماء، أَي: جاسِرُونَ مُستَطِيلونَ غيرُ هائِبينَ. هذه الرواية
المشهورةُ، ورواه الحُمَيْدِي وغيرهُ: (حِراء)
بكسر الحاءِ المهملة. وقال: معناه غِضَابُ ذُوُو غَمٍّ وهمٍّ، قد عيلَ صبرُهُمْ
بهِ، حتى أَثَّرَ في أَجسامِهِم، من قوَلِهم: حَرَىَ جِسمُهُ يَحْرَى، إِذَا نقصَ
مِنْ أَلمٍ أَوْ غم ونحوه، والصَّحيحُ أَنَهُ بالجيمِ.
وقوله
ﷺ:
(بين قَرنَي شيطانٍ) أَيْ: ناحيتي رأسهِ.
والمرادُ التَّمثِيلُ. معناهُ: أَنه حينئذٍ يَتَحرَّكُ الشَّيطانُ وشيِعتهُ.
وَيَتَسَلَّطُونَ.
وقوله:
(يُقَرِّبُ وَضُوءَه) معناه: يُحْضِرُ الماءَ
الذي يَتَوَضَّأُ بِه. وقوله: (إِلاَّ خَرّتْ خَطاياه)
هو بالخاءِ المعجمة: أَيْ سقطَت. ورواه بعضُهُم. (جرتْ)
بالجيم. والصحيح بالخاءِ، وهو رواية الجُمهور.
وقوله:
(فَيَنْتَثرُ) أَيْ: يَستَخرجُ ما في أَنفه
مِنْ أَذَى، والنَّثرَةُ: طرَفُ الأَنفِ.
الـشـرح
هذه
الأحاديث التي ساقها المؤلف رحمه الله كلها أيضًا فيها من الرجاء ما فيها، فمن ذلك
أن الصلوات الخمس تكفر السيئات التي قبلها، كما في قصة الرجل الذي أصاب من امرأة
قبلة، والذي أصاب حدًا وطلب من النبي ﷺ أن
يقيمه عليه، فإن الصلاة هي أفضل أعمال البدن وهي تذهب السيئات، قال الله تعالى:﴿ وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ
اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات ﴾] هود: 114[ولكن لا بدَّ أن تكون الصلاة على
الوجه الذي يرضاه الله عز وجل، كما في حديث عمرو بن عبسة حينما أمره النبي ﷺ أن يتوضأ وأرشده إلى أن لها لأوقات محدودة، وهناك
أوقات ينهى الإنسان أن يصلي فيها.
ثم
أرشد النبي ﷺ عمرو بن عبسة إلى صفة الوضوء
الصحيحة؛ لأن الإنسان إذا توضأ على هذه الصفة خرجت خطاياه، وإذا صلى وقد فرغ قلبه
لله كفر الله عنه.
فلابد
من ملاحظة هذا القيد؛ لأن من الناس من يصلي ولكنه ينصرف من صلاته ما كتب له إلا
عشرها أو أقل؛ لأن قلبه غافل وكأنه ليس في صلاة؛ بل كأنه يبيع ويشتري أو يعمل
أعمالًا أخرى حتى تنتهي الصلاة.
ومن
وساوس الشيطان أن الإنسان يصلي فإذا كبر للصلاة؛ انفتحت عليه الهواجس من كل مكان،
فإذا سلم زالت عنه، مما يدل على أن هذا من الشيطان، يريد أن يخرب عليه صلاته حتى
يحرم من هذا الأجر العظيم.
وفي
حديث عمرو بن عبسة فوائد كثيرة منها: أن النبي ﷺ
بدأ غريبًا خائفًا متخفيًا عليه الصلاة والسلام، جاءه عمرو بن عبسة وقد رأى ما
عليه أهل الجاهلية وأنهم ليسوا على شيء، فصار يتطلب الدين الصحيح الموافق للفطرة،
حتى سمع بالنبي ﷺ في مكة، فجاء إليه، فوجده
مستخفيًا في بيته، لم يتبعه إلا حر وعبد -أبو بكر وبلال -لم يتبعه أحد، وفي هذا
دليل على أن أبا بكر رضي الله عنه أول من آمن بالرسول عليه الصلاة والسلام، ثم آمن
بعده من الأحرار على بن أبي طالب رضي الله عنه.
ومن
حكمة النبي ﷺ أنه قال لعمرو: إنك لا تستطيع أن
تعلن إسلامك في هذا اليوم، ولكن اذهب فإذا سمعت أني خرجت فأتني فذهب وأتى إليه بعد
نحو ثلاثة عشرة سنة في المدينة، بعد أن هاجر وقال له: أتعرفني؟ قال (نعم) وأخبره أنه يعرفه، لم ينس طوال هذه المدة.
ثم
أخبره مما يجب عليه لله عز وجل من حقوق، وبين له أن الإنسان إذا توضأ وأحسن
الوضوء؛ خرجت خطاياه من جميع أعضائه، وأنه إذا صلى فإن هذه الصلاة تكفر عنه، فدل
ذلك على أن فضل الله عز وجل أوسع من غضبه، وأن رحمته سبقت غضبه.
نسأل
الله أن يرحمنا وإياكم برحمته إنه جواد كريم.
الحمد لله رب العالمين
(1) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ)
رقم (4687)، ومسلم، كتاب التوبة، باب قوله
تعالى: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات)،
رقم (2763).
(2) رواه البخاري، كتاب الحدود، باب إذا أقر بالحد
ولم يبين هل للإمام، رقم (6723)، ومسلم، كتاب
التوبة، باب قول الله تعالى: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ
يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)، رقم (2764).
(3) رواه مسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب استحباب حمد
الله تعالى بعد الأكل والشرب، رقم (2734).
(4) رواه مسلم، كتاب التوبة، باب قبول التوبة من
الذنوب وإن تكررت الذنوب، رقم (2759).
(5) رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب إسلام عمرو
بن عبسة، رقم (832).
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل
الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث/ أصبت حدًا فأقمه علي
Reviewed by احمد خليل
on
1:31:00 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: