Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث/ يا معاذ هل تدري ما حق اللّه على عباده

باب الرجاء

شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله

شرح - حديث - يا - معاذ - هل - تدري - ما - حق - اللّه - على - عباده

شرح حديث/ يا معاذ هل تدري ما حق اللّه على عباده


أحاديث رياض الصالحين: باب الرجاء 


٤٣١ - وعن مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ -رضي اللَّه عنه- قال كُنتُ رِدْفَ النبيِّ  على حِمارٍ فقال: «يَا مُعَاذُ هَل تَدري مَا حَقُّ اللَّه عَلي عِبَادِهِ، ومَا حَقُّ الْعِبادِ عَلي اللَّه؟» قلت: اللَهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قال: «فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى العِبَادِ أَن يَعْبُدُوه، وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحقَّ العِبادِ عَلي اللَّهِ أَنْ لا يعذب مَنْ لا يُشِركُ بِهِ شَيْئًا» فقلت: يا رسولُ اللَّهِ أَفَلا أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قال: «لا تُبَشِّرْهُم فَيَتَّكِلُوا» متفقٌ عليه [١].

٤٣٢ - وعن البَرَاءِ بنِ عازبٍ -رضي اللَّه عنهما- عن النَّبِيِّ  قال: «المُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ في القَبرِ يَشهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّه، وأَنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللَّه، فذلك قولهُ تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْل الثَّابِتِ في الحَياةِ الدُّنيَا وفي الآخِرَةِ} [إبراهيم: ٢٧] متفقٌ عليه [٢].

٤٣٣ - وعن أَنسٍ -رضي اللَّهُ عنه- عن رسول اللَّه  قال: «إِنَّ الكَافِرَ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً، أُطعِمَ بِهَا طُعمَةً مِنَ الدُّنيَا، وَأَمَّا المُؤمِن، فَإِنَّ اللَّه تعـالى يَدَّخِرُ لَهُ حَسَنَاتِهِ في الآخِرَةِ، وَيُعْقِبُهُ رِزْقًا في الدُّنْيَا عَلي طَاعَتِهِ» [٣].

وفي روايةٍ: «إِنَّ اللَّه لا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً يُعْطَى بِهَا في الدُّنْيَا، وَيُجْزَى بِهَا في الآخِرَة، وَأَمَّا الْكَافِرُ، فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ للَّهِ تعالى، في الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلي الآخِرَة، لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا» رواه مسلم [٤].

٤٣٥ - وعن ابنِ عباسٍ -رضي اللَّه عنهما- قال: سمعتُ رسولَ اللَّه  يقول: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنازتِه أَرَبَعُونَ رَجُلًا لا يُشرِكُونَ بِاللَّهِ شَيئًا إِلاَّ شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فيه» رواه مسلم [٥].
٤٣٦ - وعن ابنِ مسعودٍ -رضي اللَّهُ عنه- قال: كُنَّا مَعَ رسولِ اللَّهِ 
 في قُبَّةٍ نَحوًا مِنْ أَرَبعِينَ، فقال: «أَتَرضَونَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ؟» قُلْنَا: نَعَم، قال: «أَتَرضَونَ أَن تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ؟» قُلْنَا: نَعَم، قال: «وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لأَرجُو أَنْ تَكُونُوا نِصفَ أَهْلِ الجَنَّة، وَذَلِك أَنَّ الجَنَّةَ لا يَدخُلُهَا إِلاَّ نَفسٌ مُسلِمَةٌ، وَمَا أَنتُمْ في أَهْلِ الشِّركِ إِلاَّ كَالشَّعرَةِ البَيَضَاءِ في جلدِ الثَّورِ الأَسودِ، أَوْ كَالشَّعَرَةِ السَّودَاءِ في جلدِ الثَّورِ الأَحْمَرِ» متفقٌ عليه [٦].

٤٣٧ - وعن أبي موسى الأَشعري -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسولُ اللَّه : «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ دَفَعَ اللَّهُ إِلي كُلِّ مُسْلِمٍ يَهُوديًّا أو نَصْرَانِيّا فَيَقُولُ: هَذَا فِكَاكُكَ مِنَ النَّارِ» [٧].

وفي رواية عنهُ عن النبيِّ  قال: «يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيامَةِ نَاسٌ مِنَ المُسْلِمِين بِذُنُوبٍ أَمْثَالِ الجبَالِ يَغفِرُهَا اللَّهُ لهمُ» رواه مسلم [٨].

قوله: «دَفَعَ إِلي كُلِّ مُسْلِمٍ يهودِيًّا أَوْ نَصرانِيًا فَيَقُولُ: هَذا فكَاكُكَ مِنَ النَّارِ» معْنَاهُ مَا جَاءَ في حديث أبي هريرة -رضي اللَّهُ عنهُ-: «لِكُلِّ أَحَدٍ مَنزِلٌ في الجَنَّةِ، ومَنزِلٌ في النَّارِ، فالمُؤْمِن إِذَا دَخَلَ الجنَّةَ خَلَفَهُ الكَافِرُ في النَّارِ؛ لأَنَّهُ مُسْتَحِق لذلكَ بكُفْرِه» وَمَعنى «فكَاكُكَ»: أَنَّكَ كُنْتَ مُعَرَّضًا لِدُخُولِ النَّارِ، وَهَذا فِكَاكُكَ؛ لأَنَّ اللَّه تعالى قَدَّرَ لِلنَّارِ عدَدًا يَمْلَؤُهَا، فإِذا دَخَلَهَا الكُفَّارُ بِذُنُوبِهمْ وَكُفْرِهِمْ، صَارُوا في مَعنى الفِكَاك لِلمُسلِمِينَ. واللَّه أَعلم.

٤٣٨ - وعن ابن عمَر -رضي اللَّه عنهما- قال: سمِعتُ رسولَ اللَّه  يقول: «يُدْنَى المُؤْمِنُ يَومَ القِيَامَةِ مِنُ رَبِّهِ حتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيهِ، فَيُقَرِّرَهُ بِذُنُوبِه، فيقولُ: أَتَعرفُ ذنبَ كَذا؟ أَتَعرفُ ذَنبَ كَذَا؟ فيقول: رَبِّ أَعْرِفُ، قال: فَإِنِّي قَد سَتَرتُهَا عَلَيكَ في الدُّنيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليومَ، فَيُعطَى صَحِيفَةَ حسَنَاته» متفقٌ عليه [٩].

كَنَفُهُ: سَتْرُهُ وَرَحْمَتُهُ.

 

الشرح:

هذه الأحاديث المتعددة كلها في باب الرجاء، ولكن الرجاء لا بدَّ أن يكون له عمل يبني عليه.

أما الرجاء من دون عمل يُبنى عليه، فإنه تمنٍّ لا يستفيد منه العبد، ولهذا جاء في الحديث: «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني» [١٠]. فلا بد من عمل يتحقق به الرجاء.


ذكر المؤلف رحمه الله، حديث معاذ بن جبل؛ أنه كان ردف النبي
على حمار. فقال: له «أتدري ما حق الله على العباد، وحق العباد على الله؟» قال الله ورسوله أعلم.

وهذا من آداب طالب العلم، إذا سئل عن شيء؛ أن يقول الله أعلم، ولا يتكلم فيما لا يعلم.

قال: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئًا».

يعني: أن لا يعذب من عبده وهو لا يشرك به شيئًا؛ لأن نفي الشرك يدل على الإخلاص والتوحيد، ولا إخلاص وتوحيد إلا بعبادة.

فقلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ فقال: «لا تبشرهم فيتكلوا».

يعني: لا تبشرهم فيتكلوا على ما يجب، ولا يقوموا بما ينبغي أن يقوموا به من النوافل، ولكن معاذًا -رضي الله عنه- أخبر بها عند موته تأثمًا. يعني: خوفًا من إثم كتمان العلم فأخبر بها.
ولكن قول الرسول: «لا تبشرهم فيتكلوا» فيه إنذار من الاتكال على هذا، وأن الإنسان يجب أن يعلم أنه لا بدَّ من عبادة.

 

وكذلك الأحاديث التي ذكرها المؤلف كلها في سياق الرجاء. منها أن المؤمن يسأل في القبر، فيشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. قال النبي : هذا هو القول الثابت الذي قال الله فيه: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: ٢٧]، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
والميت في قبره يسأل عن ثلاث: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد
.


وكذلك أيضا ما ذكره رحمه الله، من صفة محاسبة العبد المؤمن، أن الله -عز وجل- يأتي يوم القيامة، فيخلو بعبده المؤمن، ويضع عليه كنفه، يعني: ستره، ويقول: فعلت كذا وفعلت كذا، ويقرره بالذنوب، فإذا أقر قال: «كنت سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم. فيعطى كتاب حسناته باليمين».

 

ومن ذلك أيضا أن المؤمنين كل واحد منهم يهوديًا أو نصرانيًا يوم القيامة، ويقال: هذا فكاكك من النار، يعني: هذا يكون بدلك في النار، وأما أنت فقد نجوت.

فنحن يوم القيامة -إن شاء الله- تعالى، كل واحد منا يجعل بيده يهودي أو نصراني يلقى في النار بدلًا عنه، يكون فكاكًا له من النار.

ولا يلزم من هذا أن يكون اليهود والنصارى على قدر المسلمين، فالكفار أكثر من المسلمين بكثير، من اليهود والنصارى والمشركين وغيرهم؛ لأن بني آدم تسعمائة وتسعة وتسعون كلهم في النار وواحد في الجنة.


وذكر المؤلف أيضا حديثًا أن الرسول عليه الصلاة والسلام، عرض على الصحابة. فقال: «أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة، ثلث أهل الجنة؟ قالوا: بلى، قال: إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة» يعني: نصف أهل الجنة من هذه الأمة، والنصف الباقي من بقية الأمم كلها، وهذا يدل على كثرة هذه الأمة؛ لأنها آخر الأمم، وهي التي ستبقى إلى يوم القيامة.


وقد جاء في السنن والمسند، أن صفوف أهل الجنة مائة وعشرون [١١]، منها ثمانون من هذه الأمة، فتكون هذه الأمة ثلثي أهل الجنة، وهذا من رحمة الله -عز وجل- ومن فضل الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن الرسول  يعطى أجر كل من عمل بسنته وشريعته.

[١] رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب من جاهد نفسه في طاعة الله، رقم (٦٥٠٠) ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، رقم (٣٠).

[٢] رواه البخاري، كتاب التفسير، باب يثبت الله الذين آمنوا. رقم (٤٦٩٩) ومسلم، كتاب الجنة، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه. رقم (٢٨٧١).

[٣] رواه مسلم، كتاب صفات النافقين، باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة. رقم (٢٨٠٨) [٥٧].

[٤] رواه مسلم، كتاب صفات المنافقين، باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة. رقم (٢٨٠٨) [٥٦].

[٥] رواه مسلم، كتاب الجنائز، باب من صلى عليه أربعون شفعوا فيه. رقم (٩٤٨).

[٦] رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب كيف الحشر. رقم (٦٥٢٨) ومسلم، كتاب الإيمان، باب أهون أهل النار عذابًا، رقم (٢٢١).

[٧] رواه مسلم، كتاب التوبة، باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله. رقم (٢٧٦٧).

[٨] رواه مسلم، كتاب التوبة، باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله. رقم (٢٧٦٧) [٥١].

[٩] رواه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله: ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا. رقم (٤٦٨٥) ومسلم، كتاب التوبة، باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله. رقم (٢٧٦٨).

[١٠] رواه الترمذي، كتاب صفة القيامة، بدون ذكر الباب. رقم (٢٤٥٩)، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له. (٤٢٦٠).

[١١] رواه الترمذي، كتاب صفة الجنة، باب ما جاء في صفة أهل الجنة. رقم (٢٥٤٦)، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب صفة أمة محمد. رقم (٤٢٨٩).

الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

شرح حديث/ يا معاذ هل تدري ما حق اللّه على عباده Reviewed by احمد خليل on 9:26:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.