شرح حديث / الناس معادن كمعادن الذهب والفضة
شرح حديث / الناس معادن كمعادن الذهب والفضة
أحاديث رياض الصالحين
باب زيارة أهل الخير ومجالستهم الحديث
رقم 373 -374 -375- 376 -377-378 - 379
373 ـ عن أنس - رضي الله عنه - أن أعرابيًا قال لرسول الله ﷺ: متى الساعة؟ قال رسول الله ﷺ: «ما
أعددت لها؟» قال: حب الله ورسوله. قال: «أنت
مع من أحببت» متفق عليه. وهذا لفظ مسلم [1].
وفي
رواية لهما: ما أعددت لها من كثير صوم، ولا صلاة ولا صدقة، ولكن أحب الله ورسوله [2].
374
ـ عن أبن مسعود - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، كيف
تقول في رجل أحب قومًا ولم يلحق بهم؟ فقال رسول الله ﷺ: «المرء
مع من أحب» متفق عليه [3].
375
ـ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي ﷺ قال: «الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية
خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما
تناكر منها اختلف» رواه مسلم [4].
376-
وروى البخاري قوله: (الأرواح) إلخ من رواية
عائشة رضي الله عنها [5].
377
ـ عن أسير بن عمرو ويقال: ابن جابر وهو (بضم الهمزة وفتح السبن المهملة) قال: كان
عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس
بن عامر؟ حتى أتى على أويس - رضي الله عنه - فقال له: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم
قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم، قال فكان بك برص، فبرأت منه إلا موضع درهم؟
قال: نعم قال: لك والدة؟ قال: نعم.
قال
سمعت رسول الله ﷺ
يقول: «يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن
من مراد، ثم من قرن كان به برص، فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر لو
أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل» فاستغفر لي فاستغفر
له.
فقال
له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء
الناس أحب إلى.
فلما
كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم، فوافى عمر، فسأله عن أويس، فقال: تركته رث
البيت قليل المتاع. قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «يأتي عليكم أويس بن عامر مع امداد من أهل اليمن من مراد، ثم
من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر لو أقسم على الله
لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك، فافعل». فأتى أويسًا، فقال: استغفر لي،
قال: أنت أحدث عهدا ً بسفر صالح، فاستغفر لي قال لي: لقيت عمر؟ قال: نعم، فاستغفر
له ففطن له الناس، فانطلق على وجهه. رواه مسلم [6].
وفي
رواية لمسلم أيضًا عن أسير بن جابر - رضي الله عنه - أن أهل الكوفة وفدوا على عمر
- رضي الله عنه - وفيهم رجل ممن كان يسخر بأويس، فقال عمر: هل هاهنا أحد من
القرنيين؟ فجاء ذلك الرجل، فقال عمر: إن رسول الله ﷺ قد قال: «إن رجلًا يأتيكم من اليمن يقال له: أويس، لا يدع باليمن غير
أم له، قد كان به بياض فدعا الله تعالى، فأذهبه إلا موضع الدينار أو الدرهم، فمن
لقيه منكم فليستغفر لكم» [7].
وفي
رواية له عن عمر - رضي الله عنه - قال: إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن خير التابعين رجل
يقال له: أويس، وله والدة وكان به بياض فمروه، فيستغفر لكم [8].
قوله:
(غبراء الناس) بفتح الغين المعجمة، وإسكان الباء وبالمد. وهم فقراؤهم وصعاليكهم
ومن لا يعرف عينه من أخلاطهم، و(الأمداد) جمع مدد وهم الأعوان والناصرون الذين
كانوا يمدون المسلمين في الجهاد.
378
ـ عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: استأذنت النبي ﷺ في العمرة، فإذن لي، وقال: «لا تنسنا يا أخي من دعائك» فقال كلمة ما يسرني أن لي
بها الدنيا.
وفي
رواية قال: «أشركنا يا أخي في دعائك». حديث
صحيح رواه أبو داود، والترمذي وقال حديث حسن صحيح [٩].
379
ـ عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «كان النبي ﷺ يزور قباء راكبًا
وماشيًا، فيصلى فيه ركعتين» متفق عليه [10].
وفي
رواية: «كان النبي ﷺ
يأتي مسجد قباء كل سبت راكبًا وماشيًا، وكان ابن عمر يفعله» [11].
الـشـرح
هذه
الأحاديث تتعلق بالباب الذي ذكره المؤلف؛ من أنه ينبغي إكرام العلماء وتوقيرهم
واحترامهم ومصاحبة أهل الخير والصلاح وزيارتهم ودعوتهم للزيارة وما أشبه ذلك.
ففي الحديث الأول عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن أعرابيًا قال: يا رسول الله؛ متى الساعة؟ فقال له النبي ﷺ: (ماذا أعددت لها؟) قال: حب الله ورسوله.
ففي الحديث الأول عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن أعرابيًا قال: يا رسول الله؛ متى الساعة؟ فقال له النبي ﷺ: (ماذا أعددت لها؟) قال: حب الله ورسوله.
ففي
هذا الحديث دليل على أنه ليس الشأن كل الشأن أن يسأل الإنسان متى يموت؟ ولكن على
أي حال يموت؟ هل يموت على خاتمة؟ أو على خاتمة سيئة؟
ولهذا
قال: (ماذا أعددت لها؟) يعني لا تسأل عنها
فإنها ستأتي.
قال
تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ
مُرْسَاهَا} [النازعـات: 42]. وقال تعالى: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا
عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}
[الأحزاب: 63]، وقال تعالى: {وَمَا
يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} [الشورى: 17].
لكن
الشأن ماذا أعددت لها؟ هل عملت؟ هل أنبت إلى ربك؟ هل تبت من ذنبك؟ هذا هو المهم.
وكذلك
حديث ابن مسعود وما ذكره المؤلف بعد من فضل محبة الله ورسوله ﷺ، وأن الإنسان إذا أحب
قومًا كان منهم. قال النبي ﷺ:
(المرء مع من أحب).
قال
أنس: فما فرحنا بعد الإسلام بشيء فرحنا بهذا الحديث، فأنا أحب الله ورسوله. أحب
رسول الله ﷺ،
وأحبا أبا بكر وعمر، فالمرء مع من أحب؛ لأنه إذا أحب قومًا فإنه يألفهم، ويتقرب
منهم، ويتخلق بأخلاقهم، ويقتدي بأفعالهم، كما هي طبيعة البشر.
وأما
حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه أراد أن يعتمر فقال له النبي ﷺ: (لا تنسنا من دعائك ـ أو ـ أشركنا في دعائك) فهذا
حديث ضعيف وإن صححه المؤلف، فطريقة المؤلف - رحمه الله - له أنه يتساهل في الحكم
على الحديث إذا كان في فضائل الأعمال.
وهذا
وإن كان يصدر عن حسن نية، لكن الواجب اتباع الحق؛ فالصحيح صحيح، والضعيف ضعيف،
وفضائل الأعمال تدرك بغير تصحيح الأحاديث الضعيفة.
نعم
أمر النبي عليه الصلاة والسلام من رأى أويسًا القرني أو القرني أن يطلب منه
الدعاء. لكن هذا خاص به؛ لأنه كان رجلًا بارًا بأمه، وأراد الله سبحانه وتعالى أن
يرفع ذكره في هذه الدنيا قبل جزاء الآخرة.
ولهذا
لم يأمر النبي عليه الصلاة والسلام أن يطلب أحد من أحد أن يدعو له، مع أن هناك من
هو أفضل من أويس؛ فأبو بكر أفضل من أويس بلا شك، وغيره من الصحابة أفضل منه من حيث
الصحبة، وما أمر النبي عليه الصلاة والسلام أحدًا أن يطلب الدعاء من أحد.
فالصواب أنه لا ينبغي أن يطلب أحد الدعاء من غيره ولو كان رجلًا صالحًا، وذلك لأن هذا ليس من هدي النبي ﷺ ولا من هدي خلفائه الراشدين، أما إذا كان الدعاء عامًا، يعني تريد أن تطلب من هذا الرجل الصالح أن يدعو بدعاء عام، كأن تطلب منه أن يدعو الله تعالى بالغيث أو برفع الفتن عن الناس أو ما أشبه ذلك، فلا بأس؛ لأن هذا لمصلحة غيرك، كما لو سألت المال للفقير، فإنك لا تلام على هذا ولا تذم.
فالصواب أنه لا ينبغي أن يطلب أحد الدعاء من غيره ولو كان رجلًا صالحًا، وذلك لأن هذا ليس من هدي النبي ﷺ ولا من هدي خلفائه الراشدين، أما إذا كان الدعاء عامًا، يعني تريد أن تطلب من هذا الرجل الصالح أن يدعو بدعاء عام، كأن تطلب منه أن يدعو الله تعالى بالغيث أو برفع الفتن عن الناس أو ما أشبه ذلك، فلا بأس؛ لأن هذا لمصلحة غيرك، كما لو سألت المال للفقير، فإنك لا تلام على هذا ولا تذم.
وكذلك
النبي عليه الصلاة والسلام فإن سؤال الصحابة له من خصوصياته، يسألونه أن يدعو الله
لهم، كما قال الرجل حين حدث النبي ﷺ عن السبعين ألفًا الذين
يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فقام عكاشة ابن محصن قال: ادع الله أن يجعلني
منهم. قال: (أنت منهم) ثم قال رجل آخر فقال ﷺ: (سبقك
بها عكاشة) [12].
وكما
قالت المرأة التي كانت تصرع، حيث طلبت من النبي ﷺ أن يدعو الله لها. فقال: (إن شئت دعوت الله لك، وإن شئت صبرت ولك الجنة).
فقالت: أصبر ولكن ادع الله ألا تنكشف عورتي [١٣].
فالحاصل
أن الرسول عليه الصلاة والسلام من خصوصياته أن يسأل الدعاء، أما غيره فلا.
نعم
لو أراد الإنسان أن يسأل من غيره الدعاء وقصده مصلحة الغير، يعني يريد أن الله
يثيب هذا الرجل على دعوته لأخيه، أو أن الله تعالى يستجيب دعوته؛ لأنه إذا دعا
الإنسان لأخيه بظهر الغيب قال الملك: آمين ولك بمثله، فالأعمال بالنيات. فهذا لم
ينو ذلك لمصلحة نفسه خاصة؛ بل لمصلحة نفسه ومصلحة أخيه الذي طلب منه الدعاء،
فالأعمال بالنيات.
أما
المصلحة الخاصة فهذا كما قال الشافعي - رحمه الله - يدخل في المسألة المذمومة، وقد
بايع ﷺ
أصحابه على أن لا يسألوا الناس شيئًا.
تحقيق رياض الصالحين للألباني
378 - (ضعيف)
كذا قال وكأنه قلد الترمذي فانظر التفصيل في 0 المشكاة) رقم
(2248) و(ضعيف أبي داود) رقم (264) [191].
الحمد لله رب العالمين
[1] رواه البخاري، كتاب الأدب،
باب ما جاء في قول الرجل: ويلك، رقم (6167)، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب المرء
مع من أحب، رقم (2639).
[٢]
رواه البخاري، كتاب الأدب، باب علامة حب الله، رقم (6171)، ومسلم، كتاب البر
والصلة، باب المرء مع أحب، رقم (2639) [164].
[٣]
رواه البخاري، كتاب الأدب، باب من سمي بالأنبياء، رقم (6169)، ومسلم، كتاب البر
والصلة، رقم (2640).
[٤]
رواه مسلم، كتاب البر والصلة، باب الأرواح جنود مجندة، رقم (2638).
[٥]
رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم صلوات الله عليه، رقم (3336).
[٦]
رواه مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أويس القرني، رقم (2542) [225].
[٧]
رواه مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أويس القرني، رقم (2542) [223].
[٨] رواه مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أويس القرني، رقم (2542) [224].
[٨] رواه مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أويس القرني، رقم (2542) [224].
[٩]
رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب الدعاء، رقم (1498)، والترمذي، كتاب الدعوات، باب
في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، رقم (3562).
[١٠] رواه البخاري، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، رقم (1194)، ومسلم، كتاب الحج، باب فضل مسجد قباء..، رقم (1399).
[١١] رواه البخاري، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب مسجد قباء، رقـم (1191)، ومسلم، كتاب الحج، بـاب فضل مسجد قباء. رقـم (1399) [521].
[١٢] رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب. . .، رقم (6541)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل دخول طوائف من المسلمين الجنة..، رقم (216).
[١٠] رواه البخاري، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، رقم (1194)، ومسلم، كتاب الحج، باب فضل مسجد قباء..، رقم (1399).
[١١] رواه البخاري، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب مسجد قباء، رقـم (1191)، ومسلم، كتاب الحج، بـاب فضل مسجد قباء. رقـم (1399) [521].
[١٢] رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب. . .، رقم (6541)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل دخول طوائف من المسلمين الجنة..، رقم (216).
[١٣]
رواه البخاري، كتاب المرضى، باب فضل من يصرع من الريح، رقم (5652)، ومسلم، كتاب
البر والصلة، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرضى.، رقم (2576).
شرح حديث / الناس معادن كمعادن الذهب والفضة
Reviewed by احمد خليل
on
2:14:00 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: