Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث/ اتقوا الله وصلوا خمسكم

أحاديث رياض الصالحين باب التقوى
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح - حديث - اتقوا - الله - وصلوا - خمسكم

شرح حديث/ اتقوا الله وصلوا خمسكم
أحاديث رياض الصالحين


باب التقوى الحديث رقم 74
عن أبي أمامه صُدَي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يخطب في حجة الوداع فقال: (اتقوا الله، وصلُّوا خمسَكم، وصوموا شهرَكم، وأدُّوا زكاة أموالكم، وأطيعوا أمراءَكم، تدخلوا جنة ربكم) رواه الترمذي، في آخر كتاب الصلاة وقال: حديث حسن صحيح.

الشرح
كانت خُطَب الرسول عليه الصلاة والسلام على قسمين: خطب راتبة وخطب عارضة.
فأما الراتبة: فهي خطبة في الجمع والأعياد، فإنه كان يخطب الناس في كل جمعة وفي كل عيد، واختلف العلماء-رحمهم الله-في خطبة صلاة الكسوف، هل هي راتبة أو عارضة، وسبب اختلافهم: أن الكسوف لم يقع في عهد النبي إلا مرة واحدة، ولما صلى قام فخطب الناس عليه الصلاة والسلام، فذهب بعض العلماء فذهب بعض إلى أنها من الخطب الراتبة، وقال: إن الأصل أن ما شَرَعه النبي فهو ثابت مستقر، ولم يقع الكسوف مرة أخرى فيتُركَ النبي الخطبة، حتى نقول إنها من الخطب العارضة. وقال بعض العلماء: بل هي من الخطب العارضة، التي إن كان لها ما يدعو إليها خطب وإلاَّ فلا، ولكن الأقرب إنها من الخطب الراتبة، وأنه يُسَنُّ للإنسان إذا صلى صلاة الكسوف أن يقوم فيخطب الناس ويذكِّرهم ويخوِّفهم كما فعل النبي .
أما الخطب العارضة فهي التي يخطبها عند الحاجة إليها، مثل خطبتهِ حينما اشترط أهل بَريرَة-وهي جارية اشترتها عائشة رضي الله عنها-فاشترط أهلها أن يكون الولاء لهم، ولكن عائشة-رضي الله عنها-لم تقبل بذلك، فأخبرت النبي فقال: (خُذيها فأعتِقِيها، واشتَرِطي لهم الولاء، ثم قام فخطب الناس وأخبرهم أن الولاء لمن أعتق (. وكذلك خطبته حين شَفع أسامة بن زيد- رضي الله عنه- في المرأة المخزومية، التي كانت تستعير المتاع فَتَجْحَدُهُ، فأمر النبي أن تُقطع يدها، فأهمَّ قريشا شأنها، فطلبوا من يَشْفَعُ لها إلى الرسول ، فطلبوا من أسامة بن زيد- رضي الله عنهما- أن يشفع، فشفع، ولكن النبي قال له: (أتشْفَعُ في حدٍ من حدودِ الله) ثم قال: فخَطَبَ الناس وأخبَرَهم )بأن الذي أهلك من كان قبلنا أنهم كانوا إذا سرَقَ فيهم الشريف تَرَكُوه، وإذا سرَقَ فيهم الوضيعُ أقاموا عليه الحد(.وفي حجَّة الوداع خطب النبي يوم عرفة، وخطب يوم النَّحرِ، ووَعَظَ الناس وذَكَّرهم، وهذه خطبة من الخطب الرواتب التي يُسَنُّ لقائد الحجيج أن يخطب الناس كما خطبهم النبي . وكان من جملة ما ذكر في خطبته في حجة الوداع، أنه قال )يا أيها الناس اتقوا ربكم (وهذه كقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ] النساء: 1[، فأمر الرسول الناس جميعا أن يتقوا ربهم الذي خلقهم، وأمدَّهم بنعمه، وأعدهم لقبول رسالاته، فأمرهم أن يتَّقوا الله. وقوله: (وصَلُّوا خَمسَكُم) أي: صلوا الصلوات الخمس التي فرضها الله-عز وجل -على رسوله . وقوله: (وصُومُوا شَهْرَكم) أي: شهر رمضان. وقوله: (وأدُّوا زكاةَ أموالِكم (أي: أعطُوها مستحقيها ولا تبخلوا بها. وقوله )وأطِيعوا أُمرَاءَكم (أي: من جعلهم الله أمراء عليكم، وهذا يشمل أمراء المناطق والبلدان، ويشمل الأمير العام: أي أمير الدولة كلها، فإن الواجب على الرعية طاعتهم في غير معصية الله، أما في معصية الله فلا تجوز طاعتهم ولو أمروا بذلك، لأن طاعة المخلوق لا تُقدَّم على طاعة الخالق جل وعلا، ولهذا قال الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ]النساء: 59 [فعطف طاعة ولاة الأمور على طاعة الله تعالى ورسوله وهذا يدل على أنها تابعة، لأن المعطوف تابع للمعطوف عليه لا مُسْتقل، ولهذا تجد أن الله جل وعلا قال: ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ]النساء: 59[، فأتى بالفعل ليتبين بذلك أن طاعة النبي طاعة مُستقلة أي: تجب طاعته استقلالا كما تجب طاعة الله، ومع هذا فإن طاعته من طاعة الله واجبة، فإن النبي لا يأمر إلا بما يُرضي الله، أما غيره من وُلاة الأمور فإنهم قد يأمرون بغير ما يرضي الله، ولهذا جعل طاعتهم تابعة لطاعة الله ورسوله. ولا يجوز للإنسان أن يَعْصِيَ وُلاة الأمور في غير معصية الله ويقول إن هذا ليس بدين، لأن بعض الجهَّال، إذا نظم ولاة الأمور أنْظمة لا تخالف الشرع، قال: لا يلزمني أن أقوم بهذه الأنظمة، لأنها ليست بشرع، لأنها لا توجد في كتاب الله تعالى، ولا في سنة رسوله ، وهذا من جهله، بل نقول: إن امتثال هذه الأنظمة موجود في كتاب الله، موجود في سُنَّة الرسول عليه الصلاة والسلام، قال الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ ووَردَ عن النبي عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة أنه أمر بطاعة ولاة الأمور، ومنها هذا الحديث، فطاعة ولاة الأمور فيما ينظمونه مما لا يخالف أمر الله تعالى ورسوله مما أمر الله به ورسوله . ولو كُنَّا لا نُطيع ولاة الأمور إلا بما أَمَر الله تعالى به ورسوله لم يكن للأمر بطاعتهم فائدة، لأن طاعة الله تعالى ورسوله مأمور بها، سواء أمر بها وُلاة الأمور أم لم يأمُرُوا بها، فهذه الأمور التي أوصى بها النبي في حجة الوداع: تقوى الله، والصلوات الخمس، والزكاة، والصيام، وطاعة ولاة الأمور، هذه من الأمور المهمة التي يجب على الإنسان أن يعتني بها، وأن يمتثِلَ أمر رسول الله فيها، والله أعلم.

الحمد لله رب العالمين

مدونة فذكراللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث/ اتقوا الله وصلوا خمسكم Reviewed by احمد خليل on 7:21:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.