شرح الحديث القدسي/ يؤذيني أبن أدم يسب الدهر
وَعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ
الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِيَ الْأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ
وَالنَّهَارَ» رواه البخاري ومسلم.
السؤال:
ما رأي فضيلتكم في قول النبي ﷺ
في الحديث القدسي: «قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم
يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار»؟
الإجابة:
فأجاب قائلًا: قوله في الحديث المشار إليه في السؤال: «يؤذيني
ابن آدم»، أي: أنه سبحانه، يتأذى بما ذكر في الحديث.
لكن
ليست الأذية التي أثبتها الله لنفسه كأذية المخلوق، بدليل قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
[الشورى: ١١]، فقدم نفي المماثلة على الإثبات، لأجل أن يرد الإثبات على قلب خالٍ
من توهم المماثلة، ويكون الإثبات حينئذ على الوجه اللائق به تعالى، وأنه لا يماثل
في صفاته، كما لا يماثل في ذاته.
وكل
ما وصف الله به نفسه ليس فيه احتمال للتمثيل، إذ لو أجزت احتمال التمثيل في كلامه
سبحانه، وكلام رسوله ﷺ
في صفات الله، لأجزت احتمال الكفر في كلام الله سبحانه، وكلام رسوله ﷺ لأن تمثيل صفات الله
تعالى، بصفات المخلوقين كفر، لأنه تكذيب لقوله تعالى: {لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
وقوله:
«أنا الدهر» أي: مدبر الدهر ومصرفه، كما قال
الله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا
بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: ١٤٠].
كما
قال في هذا الحديث: «أقلب الليل والنهار»،
والليل والنهار هما الدهر.
ولا
يقال: بأن الله نفسه هو الدهر، ومن قال ذلك فقد جعل المخلوق خالقًا، والمقلَّب
مقلِّبًا. فإن قيل: اليس المجاز ممنوعًا في كلام الله، وكلام رسوله ﷺ وفي اللغة؟ أجيب: بلى،
ولكن الكلمة حقيقة في معناها الذي دل عليه السياق والقرائن، وهنا في الكلام محذوف
تقديره. "وأنا مقلب الدهر" لأنه فسره بقوله: «أقلب
الليل والنهار»، ولأن العقل لا يمكن أن يجعل الخالق الفاعل هو المخلوق
المفعول. وفق الله الجميع.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: