باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء إذا كانا اثنين
فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
٦٩٧- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ
حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ
جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ
خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
العِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ،
فَجِئْتُ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ
رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ
-أَوْ قَالَ: خَطِيطَهُ- ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ.
الشرح:
قوله: (باب يقوم) أي: المأموم (عن يمين
الإمام بحذائه) بكسر المهملة وذال معجمة بعدها مدة، أي: بجنبه فأخرج بذلك من كان
خلفه أو مائلا عنه.
وقوله: (سواء) أخرج به من كان إلى جنبه
لكن على بعد عنه كذا قال الزين بن المنير والذي يظهر أن قوله "بحذائه"
يخرج هذا أيضا. وقوله "سواء" أي: لا يتقدم ولا يتأخر وفي انتزاع هذا من
الحديث الذي أورده بعد. وقد قال أصحابنا: يستحب أن يقف المأموم دونه قليلا وكأن
المصنف أشار بذلك إلى ما وقع في بعض طرقه فقد تقدم في الطهارة من رواية مخرمة عن
كريب عن ابن عباس بلفظ "فقمت إلى جنبه" وظاهره المساواة. وروى عبد
الرزاق عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس نحوا من هذه القصة، وعن ابن جريج قال: قلت
لعطاء: الرجل يصلي مع الرجل أين يكون منه؟ قال: إلى شقه الأيمن. قلت: أيحاذي به
حتى يصف معه لا يفوت أحدهما الآخر؟ قال: نعم. قلت: أتحب أن يساويه حتى لا تكون
بينهما فرجة؟ قال: نعم. وفي الموطأ عن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: دخلت على
عمر بن الخطاب بالهاجرة فوجدته يسبح فقمت وراءه فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه.
قوله: (إذا كانا) أي: إماما ومأموما
بخلاف ما إذا كانا مأمومين مع إمام فلهما حكم آخر.
(تنبيه): هكذا في جميع الروايات
"باب" بالتنوين "يقوم إلخ" وأورده الزين بن المنير بلفظ
"باب من يقوم" بالإضافة وزيادة من، وشرحه على ذلك، وتردد بين كونها
موصولة أو استفهامية ثم أطال في حكمة ذلك وأن سببه كون المسألة مختلفا فيها. والواقع
أن "من" محذوفة، والسياق ظاهر في أن المصنف جازم بحكم المسألة لا متردد
والله أعلم. وقد نقل بعضهم الاتفاق على أن المأموم الواحد يقف عن يمين الإمام إلا
النخعي فقال: إذا كان الإمام ورجل قام الرجل خلف الإمام، فإن ركع الإمام قبل أن
يجيء أحد قام عن يمينه. أخرجه سعيد بن منصور، ووجهه بعضهم بأن الإمام مظنة
الاجتماع فاعتبرت في موقف المأموم حتى يظهر خلاف ذلك، وهو حسن لكنه مخالف للنص،
وهو قياس فاسد ثم ظهر لي أن إبراهيم إنما كان يقول بذلك حيث يظن ظنا قويا مجيء ثان،
وقد روى سعيد بن منصور أيضا عنه قال: ربما قمت خلف الأسود وحدي حتى يجيء المؤذن
"وذكر البيهقي أنه يستفاد من حديث الباب امتناع تقديم المأموم على الإمام
خلافا لمالك، لما في رواية مسلم "فقمت عن يساره فأدارني من خلفه حتى جعلني عن
يمينه"، وفيه نظر.
الحمد
لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن
المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: