شرح حديث/ ما رأيت رسول الله مستجمعا قط ضاحكا
كتاب الأدب باب الوقار والسكينة
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن
عثيمين رحمه الله
شرح حديث/ ما
رأيت رسول الله مستجمعا قط ضاحكا
أحاديث رياض الصالحين
باب
الوقار والسكينة الحديث رقم 708
قال
الله تعالى:﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ
يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا
﴾]
الفرقان: 63[
وعن
عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله ﷺ مستجمعا قط ضاحكا حتى ترى منه
لهواته وإنما كان يتبسم. متفق عليه
اللهوات
جمع لهاة: وهي اللحمة التي في أقصى سقف الفم
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى (باب الوقار والسكينة)
والوقار: هو هيئة يتصف بها العبد يكون وقورا بحيث إذا رآه من رآه يحترمه ويعظمه
والسكينة هي عدم الحركة الكثيرة وعدم الطيش بل يكون ساكنا في قلبه وفي جوارحه وفي
مقاله ولاشك أن هذين الوصفين الوقار والسكينة من خير الخصال التي يمن الله بها على
العبد لأن ضد ذلك أن يكون الإنسان لا شخصية له ولا هيبة له وليس وقورا ذا هيبة بل
هو مهين قد وضع نفسه ونزلها وكذلك السكينة ضدها أن يكون الإنسان كثير الحركات كثير
التلفت لا يرى عليه أثر سكينة قلبه ولا قوله ولا فعله فإذا من الله على العبد بذلك
فإنه ينال بذلك خلقين كريمين وضد ذلك أيضا العجلة أن يكون الإنسان عجولا لا يتحرى
ولا يتأنى ليس له هم إلا القيل والقال اللذان نهى عنهما رسول الله ﷺ فقد كان ينهى عن
القيل والقال وكثرة السؤال وإضاعة المال فإذا كان الإنسان ليس متأنيا ولا متثبتا
في الأمور حصل منه زلل كثير وأصبح الناس لا يثقون في قوله وصار عند الناس من القوم
الذين يرد حديثهم ولا ينتفع به ثم استشهد المؤلف بقول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا
وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا ﴾ ﴿ وَعِبَادُ
الرَّحْمَنِ ﴾: الذين من الله عليهم بالرحمة ووفقهم للخير هم الذين يمشون
على الأرض هونا يعني إذا رأيت أحدهم رأيت رجلا في مشيته وقار دون أن يعجل عجلة
تقبح ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا
﴾يعني قالوا قولا يسلمون به من شرهم وليس المعنى أهم يلقون السلام، بل المعنى أنه
إذا خاطبه الجاهل قال قولا يسلم به من شره، إما أن يدافعه بالتي هي أحسن، وإما أن
يسكت إذا رأى السكوت خيرا المهم أنه يقول قولا يسلم به، لأن الجاهل أمره مشكل، إن
خاصمته أو جادلته فربما يبدر منه كلام سيئ عليك، وربما يبدر منه كلام سيئ على ما تدعو
إليه من الخير فيسب الدين وما أشبه ذلك والعياذ بالله فمن توفيق عباد الرحمن أنهم
إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما يعني قالوا قولا يسلمون به ولا يحصل لهم به إثم،
وكذلك من أوصافهم ما ذكره في آخر الآيات ﴿ وَالَّذِينَ
لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾يعني لا يشهدون القول الكذب ولا الفعل القبيح ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْو ﴾أي: الذي ليس فيه خير ولا شر ﴿ مَرُّوا كِرَامًا ﴾أي سالمين منه وذلك أن الأشياء
إما خير وإما شر وإما لغو فالشر لا يشهدونه واللغو يسلمون منه ويمرون به كراما
والخير يرتعون فيه ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ لم يستجمع قط ضاحكا تبدو منه لهواته يعني ليس يضحك
ضحكا فاحشا بقهقهة يفتح فمه حتى تبدو لهاته ولكنه ﷺ
كان يبتسم أو يضحك حتى تبدو نواجذه أو تبدو أنيابه وهذا من وقار النبي ﷺ ولهذا تجد الرجل كثير الكركرة الذي إذا ضحك قهقه
وفتح فاه يكون هينا عند الناس وضيعا عندهم ليس له وقار وأما الذي يكثر التبسم في
محله فإنه محبوبا تنشرح برؤيته الصدور وتطمئن به القلوب.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث/ ما رأيت رسول الله مستجمعا قط ضاحكا
Reviewed by احمد خليل
on
1:24:00 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: