Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث/ إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا

الأربعين النووية

شرح العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

شرح – حديث – إن – الله – طيب – لا – يقبل – إلا - طيبا

شرح حديث/ إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا


الحديث العاشر: من اسباب عدم إجابة الدعاء.

عن أَبِي هُريْرَة -رَضِي اَللَّه تَعالَى عَنْه- قال: قال رَسُول اَللَّه: «إِنَّ اَللَّه تَعالَى طَيِّب لَا يَقبَل إِلَّا طيِّبًا وَإِن اَللَّه أَمْر المؤْمنين بِمَا أمر بِه المرْسلين فَقَال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤْمنون: ٥١]، وَقَال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقَرة: ١٧٢] ثُمَّ ذكر الرَّجل يُطيل السَّفر أَشعَث أَغبَر، يَمُد يديْه إِلى السَّمَاء، يَا ربُّ يَا ربّ، ومطْعَمه حَرَام، ومشْرَبه حَرَام، وَغُذي بِالْحرام فَأنَّى يُسْتجَاب لِذَلك» رَوَاه مُسْلِم.

 

الشيخ:

هذَا اَلحدِيث اَلعظِيم يَدُل على أنَّ رَبنَا -جلَّ وَعلَا- طَيِّب لَا يَقبَل إِلَّا طيِّبًا، لَا يَقبَل مِن أعْمالنَا إِلَّا الطِّيب، فالْخبيث لَا يقْبله، والْخبيث مَا كان لِغيْره، قد وقع فِيه الشِّرْك، أو كان على غَيْر اَلسنَة، على غَيْر الشَّريعة، يَكُون رديئًا، فلَا يَقبَل إِلَّا إِذَا تَوافَر فِيه شَرْطان: أَحَدهمَا: أن يَكُون لِلَّه خالصًا، والثَّاني: أن يَكُون لِلشَّريعة مُوافِقًا، لَا بُدَّ مِن الشَّرْطيْنِ؛ لِأنَّ العمل الصَّالح يَشتَمِل على هذَا: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقَرة : ٢٧٧]، العمل الصَّالح مَا كان لِلَّه، ومَا كان مُوافِقًا لِلشَّريعة، هُو سُبْحانه لَا يَقبَل إِلَّا الطِّيب اَلذِي أُريد بِه وَجهُه، ووافق شَرِيعَة نبيِّه عليْه الصَّلَاة والسَّلام، فالْخبيث لَا يقْبله، فَإذَا عَمِل عملا أَشرَك فِيه غَيْر اَللَّه بطل، أو كان بِدْعَة مَا وَافَق الشَّرْع بطل: «مِن أَحدَث فِي أَمرِنا هذَا مَا لَيْس مِنْه فَهُو ردٌّ»، وَفِي رِواية: «مِن عمل عملا لَيْس عليْه أَمرُنا فَهُو ردٌّ»، قال تَعالَى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنْعام : ٨٨]، وَقَال تَعالَى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزُّمر : ٦٥].

 

فلَا بُدَّ أن يَكُون العمل طيِّبًا: مِن صَلَاة وصوْم وحجٍّ وصدقَات، وَغيَّر ذَلِك، لَا بُدَّ أن يَكُون طيِّبًا، ولَا يَكُون طيِّبًا إِلَّا بِشرْطَيْنِ: أَحَدهمَا: أن يَكُون لِلَّه، لَيْس فِيه رِيَاء ولَا سُمعَة، والثَّاني: أن يَكُون مُوافِقًا لِلشَّريعة.

 

قال : «وَإِن اَللَّه تعالى أَمْر المؤْمنين بِمَا أمر بِه المرْسلين»، فَقَال تَعالَى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤْمنون: ٥١]، وَقَال تَعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ} [البقَرة: ١٧٢].

 

فالْواجب على اَلمُؤمن أن يَتَقيَّد بِالطَّيِّبات، وَهِي الحلَال المباحة: مِن أَكْل وَشُرب وَغيَّر ذَلِك، وأن يُطيع اَللَّه ويشْكره على مَا أَعطَاه مِن النِّعم، وَهذَا الشُّكْر يَكُون بِالْإخْلاص لَه، وبمتابعة رَسولِه، هذَا هُو الشُّكْر؛ بِأن يُؤدِّي مَا أَوجَب اَللَّه عليْه، وَيدَع مَا حرم اَللَّه عليْه عن نِيَّة خَالِصة لِلَّه، هذَا هُو الشُّكْر على مَا رَزقَه مِن الطَّيِّبات، وَمِن اِسْتعَان بِنعمه على مَعاصِيه فقد أَخطَأ، وَمِن عمل لِغَير وَجهَه فَقْد أَخطَأ، وَمِن اِبتدَع فِي الدِّين فقد أَخطَأ، لَا بُدَّ أن يَستعِين بِنعمه على طَاعَتِه، الموافقة لِشريعته اَلتِي هِي خَالِصة لَه سُبْحانه وَتَعالَى:

 

قال تَعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ} [البقَرة: ١٧٢] فَأمَر بِالشُّكْر لِلَّه والْعَمل الصَّالح، مع الأكْل مِن الطَّيِّبات المباحة.

الشُّكْر لِلَّه: أَدَاء حَقِّه، وترْك معْصيَته عن إِيمَان بِه وَمَحبَّة وإخْلَاص، وَهذَا هُو العمل الصَّالح، يُسمَّى: شُكْرًا، فَالذِي يَعمَل الصَّالحات لِلَّه وَحدَه يُسمَّى: شاكرًا، إِذَا اِتَّقى ربُّه وَأدَّى مَا أَوجَب اَللَّه عليْه وترْك مَا حرم اَللَّه عليْه يُسمَّى: شاكرًا، قال تَعالَى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} [سبأ: ١٣]، وَقَال تَعالَى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقَرة: ١٥٢]، فَشكَر اَللَّه هُو أَدَاء حَقِّه على الوجْه اَلذِي شَرعُه سُبْحانه وَتَعالَى، لَا شرك فِيه ولَا بِدْعَة.

 

ثُمَّ ذكر الرَّسول : «الرَّجل»، أيٌّ: الرَّجل مِن الرِّجَال، الإنْسان مِن بَنِي آدم «يُطيل السَّفر، أَشعَث، أَغبَر، يَمُد يديْه إِلى السَّمَاء: يَا ربٌّ، يَا ربٌّ»، أتى بِأسْبَاب دَعوَة المسافر، تَرجَّى إِجابتهَا، والْأشْعث: الأغْبر اَلفقِير اَلمُضطر تَرجَّى إِجابَته، قال تَعالَى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النَّمْل: ٦٢]، «يَمُد يديْه» وَهذَا مِن أَسبَاب الإجابة، وَيقُول: «يَا ربٌّ، يَا ربٌّ»، والْإلْحاح مِن أَسبَاب الإجابة، ومع هَذِه الأسْباب لَا تَقبَل دعْوته، لِماذَا؟ لِأَنه يَأكُل الحرَام، ويلْبس الحرَام، ويتغَذَّى بِالْحرام، فدلَّ ذَلِك على أنَّ التَّمَتُّع بِالْحرام فِي أَكْل وَشُرب وَلُبس وَغيَّر ذَلِك مِن أَسبَاب حِرْمَان الإجابة.

 

فالْواجب على اَلمُؤمن أن يَتقِي اَللَّه، وأن يُرَاقِب اَللَّه، وأن يَتَحرَّى الحلَال فِي أَكلِه وَشربِه وَسكَنِه وَلبسِه وغيْر ذَلِك، ولو تَعاطَى الأسْباب اَلأُخرى لَا تَنفَع إِذَا لَم يَستَقِم على مَا أحلَّ اَللَّه، وَعلَى تَرْك مَا حرم اَللَّه عليْه، فقد يَحرِم الإجابة بِهَذا، وقد يُضطَر ويجاب وَإِن كان كافرًا، لَكِن كَونَه يَتَعاطَى هَذِه اَلأُمور مِن أَسبَاب الإجابة، كَونُه يَتَحرَّى الحلَال، يُلِح فِي الدُّعَاء، يَجتَهِد فِي الدُّعَاء، يَخلُص لِلَّه، هذَا مِن أَسبَاب الإجابة، وكوْنه يَتَعاطَى الحرَام مِن أَسبَاب حِرْمَان الإجابة، ولَا حَوْل ولَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، نَسأَل اَللَّه العافية.


الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

شرح حديث/ إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا Reviewed by احمد خليل on 2:58:00 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.