Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث / أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت

باب الوصيـة بالنسـاء
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح - حديث - أن - تطعمها - إذا - طعمت - وتكسوها - إذا - اكتسيت
شرح حديث / أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت
أحاديث رياض الصالحين
باب الوصيـة بالنسـاء الحديث رقم 282 -283

٢٨٢- عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: (أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت) حديث حسن رواه أبو داود (١).
وقال: معني (لا تقبح) أي: لا تقل قبحك الله.

283 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. (٢)

الـشـرح
ذكر المؤلف- رحمة الله تعالى -فيما نقل عن معاوية بن حيدة- رضي الله عنه -أنه سأل النبي ما حق امرأة أحدنا عليه، والصحابة- رضي الله عنهم -كانوا إذا سألوا النبي فإنما يسألون ليعملوا لا ليعلموا فقط؛ خلافًا لما عليه كثير من الناس اليوم يسألون ليعلموا ثم لا يعمل إلا قليل منهم؛ وذلك أن الإنسان إذا علم من شريعة الله ما علم كان حجة له أو عليه. إن عمل به فهو حجة له يوم القيامة، وإن لم يعمل به؛ كان حجة عليه يؤاخذ به.
وما أكثر ما كان الصحابة يسألون النبي عن أمور دينهم، ففي القرآن مسائل كثير ﴿يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ[البقرة: 215]، ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى[البقرة: 220]، ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيض[البقرة: 222]، ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ[البقرة: 189]؛ كلها أسئلة يريد بها الصحابة- رضي الله عنهم -أن يعلموا فيها حكم الله ثم يطبقوه في أنفسهم وفي أهليهم.
وهنا سأله معاوية: (ما حق امرأة أحدنا عليه؟) قال: (أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت) يعني لا تخص نفسك بالكسوة دونها، ولا بالطعام دونها؛ بل هي شريكة لك يجب عليك أن تنفق عليها كما تنفق على نفسك، حتى إن كثيرًا من العلماء يقول: إذا لم ينفق الرجل على زوجته وطالبت بالفسخ عند القاضي؛ فللقاضي أن يفسخ النكاح؛ لأنه قصر بحقها الواجب لها.
قال: (ولا تضرب الوجه ولا تقبح) فلا تضربها إلا لسبب وإذا ضربتها فاجتنب الوجه وليكن ضربًا غير مبرح.
وقد سبق لنا أن الإنسان إذا رأى من امرأته نشوزًا وترفعًا عليه، وأنها لا تقوم بحقه؛ وعظها أولًا، ثم هجرها في المضجع، ثم ضربها ضربًا غير مبرح فإذا حق له أن يضربها لوجود السبب، فإنه لا يضرب الوجه.
وكذلك غير الزوجة لا يضرب على الوجه، فالابن إذا أخطأ لا يضرب على الوجه؛ لأن الوجه أشرف ما في الإنسان، وهو واجهه البدن كله، فإذا ضرب كان أذل للإنسان مما لو ضرب غير وجهه، يعني يضرب الرجل على كتفه، على عضده، على ظهره؛ فلا يرى بذلك أنه استذل كما لو ضربته على وجهه، ولهذا نهي عن ضرب الوجه وعن تقبيح الوجه.
قوله: (لا تقبح) يعني لا تقل: أنت قبيحة، أو قبح الله وجهك، ويشمل النهي عن التقبيح: النهي عن التقبيح الحسي والمعنوي، فلا يقبحها مثل أن يقول: أنت من قبيلة رديئة، أو من عائلة سيئة، أو ما أشبه ذلك. كل هذا من التقبيح الذي نهى الله عنه.
قال: (ولا تهجرها إلا في البيت) يعني إذا وجد سبب الهجر فلا تهجرها علنًا وتظهر للناس أنك هجرتها.
اهجرها في البيت؛ لأنه ربما تهجرها اليوم وتتصالح معها في الغد فتكون حالكما مستورة، لكن إذا ظهرت حالكما للناس بأن قمت بنشر ذلك والتحدث به كان هذا خطأ، اهجرها في البيت، ولا يطلع على هجرك أحد، حتى إذا اصطلحت معها رجع كل شيء على ما يرام، دون أن يطلع عليه أحد من الناس.
أما الحديث الثاني حديث أبي هريرة- رضي الله عنه -؛ فإنه حديث عظيم، قال فيه النبي : (أكمل الناس إيمانًا أحسنهم خلقًا).
الإيمان يتفاوت ويتفاضل كما قال الله تعالى: ﴿وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانا[المدثر: 31]، وليس الناس في الإيمان سواء؛ من الناس من يؤمن بالغيب وكأنه يشاهد شهود عيان، يؤمن بيوم القيامة وكأنه الآن في تلك الساعات، يؤمن بالجنة وكأنها في تلك الرياض، يؤمن بالنار وكأنه يراها بعينه، يؤمن إيمانًا حقيقيًا مطمئنًا لا يخالطه شك.
ومن الناس من يعبد الله على حرف- نسأل الله العافية -كما قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ[الحج: 11] يعني على طرف ﴿فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ﴾ يعني إن لم يواجه أحدًا يشككه في الدين، ولم يواجه إلا صلحاء يعينونه ﴿اطْمَأَنَّ بِه﴾ أي ركن إليه.
﴿وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة[الحج: 11]، إن أصابته فتنة في بدنه، أو ماله، أو أهله؛ انقلب على وجهه واعترض على القضاء والقدر، وتسخط وهلك والعياذ بالله ﴿خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ﴾.
فأكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وفي هذا حث عظيم على حسن الخلق مع الله، وحسن الخلق مع الناس.
أما حسن الخلق مع الله، فأن يرضى الإنسان بشريعته، وينقاد إليها راضيًا، مطمئنًا بها، مسرورًا بها سواء كانت أمر يؤمر به، أو نهيًا ينهى عنه.
وأن يرضى الإنسان بقدر الله- عز وجل -، ويكون ما قدر الله عليه مما يسوؤه كالذي قدر الله عليه مما يسره، فيقول: يا رب كل شيء من عندك، فأنا راض بك ربًا إن أعطيتني ما يسرني شكرت، وإن أصابني ما يسوؤني صبرت، فيرضى بالله قضاءً وقدرًا، وأمرًا وشرعًا؛ هذا حسن الخلق مع الله.
أما حسن الخلق مع الناس فظاهر، فكف الأذى وبذل الندى، والصبر عليهم وعلى أذاهم، هذا من حسن الخلق مع الناس؛ أن تعاملهم بهذه المعاملة تكف أذاك عنهم، وتبذل نداك. الندى يعني العطاء سواء كان مالًا أو جاهًا أو غير ذلك، وكذلك تصبر على البلاء منهم، فإذا كنت كذلك؛ كنت أكمل الناس إيمانًا.
ثم قال النبي : (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله) (٣) هذا خير الناس. هو خيرهم لأهله؛ فإذا كان فيك خير؛ فاجعله عند أقرب الناس لك وليكن أول المستفيدين من هذا الخير.
وهذا عكس ما يفعله بعض الناس اليوم، تجده سيئ الخلق مع أهله، حسن الخلق مع غيرهم، وهذا خطأ عظيم؛ أهلك أحق بإحسان الخلق؛ أحسن الخلق معهم؛ لأنهم هم الذين معك ليلًا ونهارًا، سرًا وعلانية، إن أصابك شيء أصيبوا معك، وإن سررت سروا معك، وإن حزنت حزنوا معك، فلتكن معاملتك معهم خيرًا من معاملتك مع الأجانب، فخير الناس خيرهم لأهله.
اسأل الله أن يكمل لي وللمسلمين الإيمان، وأن يجعلنا خير عباد الله في أهلنا ومن لهم حق علينا. 


الحمد لله رب العالمين
(١) رواه أبو داود، كتاب النكاح، باب في حق المرأة على زوجها، رقم (2142).
(٢) رواه الترمذي، كتاب الرضاع، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها، رقم (1162)، وأبو داود، كتاب، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه.، رقم (4682).
(٣) رواه الترمذي، كتاب المناقب، باب فضل لأزواج النبي ، رقم (3895)، وابن ماجه، كتاب النكاح، باب حسن معاشرة النساء، رقم (1977).
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت Reviewed by احمد خليل on 1:23:00 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.